يسلّط كتاب «الموساد: محطة إيطاليا» الضوء على العلاقات المميزة بين أجهزة الاستخبارات الإيطالية ونظيرتها الإسرائيلية، حتى في ظل النظام الفاشي حليف النازية
محمد بدير
يعرض كتاب «الموساد: محطة إيطاليا»، الذي صدر في روما أخيراً، لتاريخ التعاون الوثيق بين الدولة الإيطالية والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية منذ الفترة التي سبقت قيام إسرائيل عام 1948، والتي تسمّى حقبة الاستيطان. وتتجلى المفارقة في التوثيق الذي يقدمه مؤلف الكتاب، الصحافي الأميركي من أصل إيطالي أريك سيلارنو، عندما يكشف عن حقيقة أن العلاقة الخاصة بين المؤسسات الصهيونية في فلسطين وإيطاليا بدأت في ظل النظام الفاشي، بزعامة بنيتو موسوليني (الصورة)، الحليف الأبرز لأدولف هتلر، المتهم بالمسؤولية عن المحرقة اليهودية.
ويذكر الكاتب أن التعاون الفاشي الصهيوني أخذ شكل مساعدات كريمة قدمتها إيطاليا إلى منظمات استيطانية مثل عصابات «هاغاناه» و«بيتار» و«الموساد للهجرة الثانية».
التعاون أخذ شكل مساعدات كريمة قدّمتها إيطاليا إلى منظمات استيطانية
ومن بين هذه المساعدات خضوع أفراد «بيتار» لدورات تدريبية على قيادة السفن عام 1938 في إيطاليا، وتقديم دعم بأشكال مختلفة لمنظمات مثل «بالماخ» (وحدات النخبة داخل الـ«هاغاناه») في المهمات الرئيسية التي كرّسوا أنفسهم لها في تلك الفترة، وهي اقتناء السلاح وإغراق السفن وإسقاط الطائرات التي كانت تنقل السلاح إلى الدول العربية. وضمن هذا السياق، فتحت شخصيات أساسية مثل فينو رومالدو، زعيم المجموعة النيو فاشية «موفيمانتو سوتشياله إيطاليانو»، مخازن السلاح القديمة الخاصة بالفاشيين من فترة الحرب العالمية وقدّمت المواد المتفجرة منها لحركة «إيتسيل» العسكرية الصهيونية المتطرفة، التي كان يرأسها في حينه مناحيم بيغين.
ويمضي الكاتب في شرح استمرار التميّز في العلاقة بين إيطاليا ما بعد الحرب العالمية الثانية وإسرائيل، وخصوصاً بين جهاز الاستخبارات الإيطالي «سيسمي» وكلّ من الموساد والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «آمان». ويوضح على سبيل المثال كيف أن «الموساد» أقنع رئيس الوزراء الإيطالي الحالي، سيلفيو برلسكوني، بإصدار الأوامر للاستخبارات الإيطالية بتزويده بهويات وأسماء أفراد في وحدة العمليات داخل الاستخبارات الإيطالية من أجل استخدامها في عمليات سرية خاصة بالموساد.
ويروي سيلارنو، نقلاً عن الأدميرال فيلبيو مارتيني، الذي شغل منصب رئيس «سيسمي»، كيف أنه قدم إلى دمشق في السبعينيات، حين كان رئيساً لقسم العمليات في الجهاز، وعاد منها بخطط الحرب السورية ليقدمها إلى الاستخبارات الإسرائيلية.