خصّص المسؤولون الإسرائيليون، أمس، خطابات «قيام الدولة» لشنّ حملة على «الدول الإسلامية المتطرفة»، والتأكيد في الوقت نفسه على استبعاد نشوب حرب
مهدي السيّد
لمناسبة إحياء ذكرى «قتلى الجيش الإسرائيلي والعمليات العدائية»، وعشية الذكرى الثانية والستين لإعلان قيام الدولة العبرية، أطلق المسؤولون الإسرائيليون، وفي مقدّمتهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك، جملة مواقف تطرقت إلى التحديات الساخنة التي تواجه إسرائيل. وفيما اختار نتنياهو المناسبة لتوجيه رسائل ساخنة إلى مصادر التهديد الرئيسية، بدءاً من إيران، وصولاً إلى قطاع غزة، استغل باراك المناسبة نفسها لتوجيه رسائل باردة تخفّف من سخونة التصريحات التي تطاول فرص اندلاع حرب وشيكة.
ووجّه نتنياهو، في خطاب في المقبرة العسكرية على «جبل هرتسل» في القدس المحتلة، أصابع الاتهام إلى إيران و«الأنظمة المتطرفة» بحجة «تأييد الإرهاب». ودعا حركة «حماس» إلى إعادة الجندي الأسير لديها، جلعاد شاليط، متوعّداً بـ«ملاحقة القتلة».
وقال نتنياهو «إننا شعب ينشد السلام ويصلّي من أجل السلام». وأضاف إنّ «يدنا الأولى ممدودة للسلام تجاه جميع جيراننا الراغبين في السلام، ويدنا الثانية تمسك بسيف داوود للدفاع عن شعبنا، وضد من يسعون إلى قتلنا».
واتهم نتنياهو «الأنظمة الإسلامية المتطرفة، وفي مقدمتها إيران، التي حوّلت الدعوة إلى تدمير إسرائيل إلى خبزها اليومي بالوقوف وراء رياح الإسناد التي يحظى بها الإرهاب».
وتطرق نتنياهو إلى قضية شاليط، فوعد بعدم التوقّف عن العمل لإعادته، ووجّه كلامه إلى «محتجزيه وقادتهم»، قائلاً: «أعيدوا جلعاد شاليط». وتوعّد «من يريدون السوء لنا والقتل لأولادنا» بملاحقتهم في كل مكان و«جعلهم يدفعون ثمن كراهيتهم وجرائمهم».
وقال نتنياهو لشبكة «أي بي سي» الإخبارية، ضمن برنامج «صباح الخير أميركا»، إنه في ما يتعلّق بالقدس الشرقية «فموقفه لا يعبّر عن رأي فردي، بل هو منذ 42 عاماً موقف جميع الحكومات الإسرائيلية السابقة، بينها حكومة إسحق رابين وغولدا مائير وشمعون بيريز»، واصفاً المطلب الفلسطيني بوقف البناء اليهودي في القدس الشرقية بأنه «غير مقبول».
وحاول نتنياهو التقليل من حجم التوتّر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وقال «أعتقد أنه في أيّ عائلة وفي أي علاقة وفي العلاقات بين الحلفاء وحتى بين الأقارب، هناك تقلبات وخلافات، ولكنّي أعتقد أنّ العلاقة بين الولايات المتحدة وشعب إسرائيل قوية كالصخر». وأضاف «لدينا مصالح وقيم مشتركة ستجعلنا نتجاوز كل هذا، وسنحاول أن نعالج الخلافات بطريقة تتناسب مع هذه الروحية».
وقال نتنياهو، رداً على سؤال عما سيحصل إذا طرحت إدارة أوباما على الطاولة خطة سلام أميركية، إنّ «تسوية مفروضة» هي أمر غير مقبول. وأوضح «لا أعتقد ان أحداً يفكّر بجدية في أنّ بإمكانه فرض السلام. فالسلام يجب أن يأتي من الطرفين الجالسين إلى الطاولة معاً لحل مشاكلهما. وهذا ما نريد تحقيقه».
بدوره، رأى باراك، في حديث للإذاعة العامة الإسرائيلية أمس الاثنين، أنه «لا يوجد سبب لنشوب حرب في الصيف»، موضحاً أنه «لا توجد نية لدى إسرائيل للمبادرة إلى هجوم في الشمال».
واضاف إنه يأمل «ألّا تتدهور الأوضاع في الجبهات الأخرى»، وإنه «يجب السعي طوال الوقت إلى دفع العملية السياسية لأن البدائل أسوأ».
وكان باراك يعقّب على تصريحات ملك الأردن عبد الله الثاني، التي قال فيها إنه في حال عدم تحريك العملية السياسية في المنطقة فإنه يرجّح اندلاع حرب في الصيف المقبل. وقال باراك إنّ «لدى إسرائيل ما يكفي من القوة والثقة بالنفس التي تسمح بتسوية وفقاً لحل الدولتين». ورأى أنه «إذا اتضح أنه ليس بالإمكان التوصل إلى تسوية كهذه فسيعرف العالم أنّ المسؤولية تقع على الجانب الآخر».
من جهة أخرى، شدّد باراك على أن الأزمة المتصاعدة بين إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية رفض الحكومة الإسرائيلية الاستجابة لمطالب الولايات المتحدة «ليست في مصلحة إسرائيل، ولذلك ينبغي تغيير هذا الوضع من الأساس بواسطة مبادرة سياسية إسرائيلية تتطرق إلى جميع قضايا الحل الدائم».
ومضى باراك يقول «تربطنا علاقات قوية بالولايات المتحدة، روابط، صداقة طويلة المدى ومشاركة استراتيجية. نتلقّى منهم ثلاثة مليارات دولار سنوياً، نحصل منهم على أفضل الطائرات في العالم». وأضاف «لكل هذه الأسباب علينا أن نتصرف لتغيير الأمور». وأبدى شكه في أنّ نتنياهو سيتمكن قريباً من استعادة العلاقات الودية مع البيت الأبيض.
وكرّر باراك الحديث عن توسيع الحكومة الإسرائيلية من خلال ضم حزب «كديما» إليها. وقال إنه «إذا دعت الحاجة إلى توسيع الحكومة لتطبيق هذه الغاية (أي طرح مبادرة إسرائيلية) فإنه يجب القيام بذلك». وأضاف إنّ فرض تسوية على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني «ليست الطريق الصحيحة لتحقيق نتائج في الشرق الأوسط».