font color="gray">خاص بالموقع- يعمل أبو ميرفان، وهو متزوج وأب لولدين، نحو 12 ساعة يومياً في وظيفتين، لكسب 400 دولار شهرياً والتمكن من توفير حاجات عائلته بسبب غلاء المعيشة الذي ترافق مع بدء عملية تحرير الاقتصاد في سوريا. ويقول أبو ميرفان الذي يعمل موظفاً في الدولة صباحاً، وسائقاً بعد الظهر، إن «أسعار المعيشة قد ارتفعت كثيراً من دون أن ترافقها زيادة في الرواتب، فيما تبين الإحصاءات الرسمية أن متوسط دخل الفرد يبلغ 240 دولاراً أميركياً.
وعمدت سوريا عندما بدأت عملية تحرير اقتصادها إلى تقليل الدعم على المواد الأولية، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار المواد التموينية والمحروقات، وأثر سلباً على الطبقات الدنيا من المجتمع.

وبموازاة ذلك، بدأت أنظمة مدفوعة تحل تدريجاً محل قطاعات كالصحة والتعليم.

ويلفت أبو ميرفان ضاحكاً إلى أن عليه أن يوفر الراتب الذي يتقاضاه لمدة 24 عاماً، قبل أن يتمكن من شراء سيارة مماثلة لسيارة رئيس عمله التي يبلغ سعرها 120 ألف دولار.

من جهته، يشكو تحسين (45 عاماً)، وهو موظف منذ 28 عاماً «ارتفاع الأسعار ارتفاعاً لا يوصف». وكانت الرواتب تحظى من قبل بمساعدات حكومية للسلع الأساسية كالسكر والأرز والوقود.

ويقوم تحسين خارج دوامه بأعمال التنظيف في شركة، كي يتمكن من الوفاء بالتزاماته، ما يوفّر له دخلاً شهرياً مقداره 460 دولاراً، فيما تبلغ احتياجاته 560 دولاراً.

ويرزح تحت خط الفقر نحو 11.4 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ 22 مليون نسمة، أي إن نحو 2.2 مليون شخص لا يمكنهم توفير احتياجاتهم الأساسية، بحسب تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نشر في عام 2005.

ويعاني من الفقر إجمالاً 30 في المئة من السكان، أي نحو 5.3 ملايين سوري، يسكنون خاصة في المناطق الريفية شمال شرق البلاد، بحسب التقرير الذي يشير إلى أن «الفقراء لا يستفيدون من النمو الاقتصادي» للبلاد.

كذلك بلغت نسبة التضخم، بحسب صندوق النقد الدولي، نحو 14 في المئة في عام 2009. ويقدر معدل البطالة بثمانية في المئة حسب الأرقام الرسمية، وحسب خبراء مستقلين باثنين وعشرين في المئة.

ويؤكد المحلل الاقتصادي، نبيل سكر، «أن الانتقال إلى اقتصاد السوق له ثمن على المدى القصير، لكن عندما يجري الانتقال فإن المنافع ستعوض عن الخسائر». ورأى أن ارتفاع الأسعار يعود إلى «تحليق الأسعار في الأسواق العالمية».

وأشار إلى أن «الأزمة العالمية والشروط المناخية لم يساعدا على إيجاد حل».

ويسبب الجفاف المستفحل منذ 4 أعوام الهجرة الريفية من المناطق الشمالية الشرقية، ما يدفع بالحكومة السورية إلى اتخاذ «إجراءات طارئة» كتوزيع المساعدات الغذائية. كذلك أُعلن تنفيذ مشاريع استثمارية ومساعدات دولية.

وكان رئيس الوزراء السوري، محمد ناجي عطري، قد أكد أن «تحسين معيشة المواطن هو هاجس الحكومة، وعندما تتوافر الإيرادات لن تتأخر في إقرار أي زيادة ممكنة».

وأشار إلى أن «الحكومة بعدما فقدت عائدات النفط، فإن الإيراد الأساسي لخزينة الدولة هو من الضرائب والرسوم، لكن من دون تحميل المواطن أعباءً إضافية».

ولفت العطري إلى وجود «1.4 مليون عامل في الدولة تبلغ كتلة رواتبهم 250 مليار ليرة سورية سنوياً، وإن زيادة 10 في المئة على هذه الرواتب، تعني الحاجة إلى 25 مليار ليرة سورية»، أي ما يعادل 500 مليون دولار.

ولمواجهة انخفاض العائدات، حيث بلغ عجز الخزينة 9.25 في المئة من الناتج المحلي في عام 2009، استعانت الدولة بمنظمات غير حكومية كي تساهم في النفقات الاجتماعية.

وتزايد عدد الجمعيات الأهلية خلال السنوات الأخيرة، حيث تأسست أكثر من 400 جمعية في دمشق تحمل على عاتقها العناية بالمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم مساعدات للعائلات وللمقبلين على الزواج والعمليات الجراحية، وتقيم دورات تدريبية مهنية لمساعدة الفقراء على «الانخراط في المجتمع»

(أ ف ب)