غزة | لم تنفك آلات الجيش المصري على مدار الشهرين الماضيين عن العمل على حفر خنادق لتكوين أحواض مائية على طول الحدود بين سيناء وقطاع غزة، بهدف إغراق ما تبقى من أنفاق التهريب. انعكست هذه العملية على سكان الجانبين المصري والفلسطيني؛ فبعد إتمام 250 آلية مصرية عملها في الحفر والتجهيز، أنزل الجيش «أنابيب ضخمة مثقوبة» يوم الجمعة الماضي لضخ مياه البحر المتوسط في تلك الحفر.
أرعبت هذه الخطوة سكان مدينة رفح الفلسطينية، وتخوفوا من وقوع انهيارات أرضية قرب منازلهم المحاذية للأنفاق، خصوصاً أن جزءاً من هذه الأنفاق انهار بالفعل. وتقول مصادر فلسطينية على الحدود إن ضخ المياه داخل منطقة الأنفاق أدّى إلى غرق العديد من «الأنفاق المهجورة»، وأخرى تعمل بصورة متقطعة، كذلك تسبب في انهيارات أرضية جزئية في بعض المناطق الحدودية.
أما أكثر السيناريوات رعباً، فهو خوف سكان تلك المنطقة من انهيار منازلهم التي تقع الأنفاق تحتها. وقال محمد، وهو أحدهم، إن «قصف الاحتلال الحدود في الحرب الماضية، وعمليات الجيش المصري في رفح، تسببت في تصدّع منازلهم وجعلها عرضة للسقوط»، متسائلاً: «كيف ستكون الحال لو استمر ضخ المياه وهبطت التربة؟».
محمد الذي يقطن وعائلته في منزل من «الزينكو» في حي يبنا القريب من الحدود، ذكر أن ضخ المزيد من مياه البحر يعني الحكم عليهم بالموت بسبب التعرض لخطر «الانهيار المفاجئ».
كذلك انتقد عز الدين خليل، وهو من منطقة «بوابة صلاح الدين» الحدودية، ما يجري، مشيراً إلى أن هذه الأنفاق التي تحارَب «مهجورة» والعمل متوقف فيها مدة بسبب المنطقة العازلة التي أنشأها الجيش في مدينة رفح المصرية. ويضيف: «لا داعي لإغراقها بالمياه... إلّا إذا كانت مصر الشقيقة تريد أذيتنا أكثر».
ووفق المخطط المصري، فإن الجيش سيكرر ضخ المياه في الأحواض بسبب طبيعة التربة الطينية التي تمتص المياه خلال الأيام المقبلة.
حركة «حماس» التي قالت إنها أجرت اتصالات رسمية مع القاهرة لوقف إقامة برك المياه المالحة على الحدود، عبّر المتحدث باسمها، سامي أبو زهري، في اتصال مع «الأخبار»، عن رفضهم الشديد للمشروع المصري المتمثل في تشديد الخناق على غزة. وطالب أبو زهري مصر بالاستجابة لطلب الحركة ووقف تنفيذ المخطط، لافتاً إلى أن ذلك يشكل خطراً على المياه الجوفية، وتهديداً لعدد كبير من المنازل الفلسطينية، وكذلك الأمر بشأن الزراعة في تلك المناطق.

نفت الحركة أن تكون القاهرة قد منعت موسى أبو مرزوق من دخول غزة الأسبوع الماضي

في هذا السياق، قال رئيس بلدية رفح، صبحي رضوان، إن ضخ المياه على الحدود سيعرّض مباني المواطنين القريبة لخطر الانهيار. وأضاف رضوان، خلال مؤتمر عقد أمس قرب الحدود، أن الأنابيب تغذي بركاً مائية مُلاصقة لممر الأنابيب من الجهة الشمالية (تجاه الحدود مع غزة) بطول وعرض متفاوتين من (5 ــ 10 أمتار)، وبعمق مماثل، وداخل هذه البرك «تحفر آبار حقن، لترشيح المياه بعمق يصل إلى 20 متراً أسفل الأرض».
ولكنه أشار إلى أن العمل في الخندق المائي لم يبدأ بعد رسمياً، موضحاً أن ما جرى يوم الجمعة الماضي كان «ضخاً تجريبياً»، لذا «لا يقارن بالكوارث التي ستحدث تباعاً في حال بدء الضخ الفعلي بالكفاءة الكاملة للمضخات الموجودة».
في سياق آخر، جددت «حماس» تحميل السلطات المصرية المسؤوولية عن مصير أربعة فلسطينيين اختطفوا الشهر الماضي، في منطقة شمال سيناء، بعد مغادرتهم معبر رفح. وقال القيادي في الحركة، مشير المصري، في خطاب خلال وقفة تضامنية نظّمها ذوو المختطفين أمام مقر «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في غزة أمس، إنه «بغض النظر عن الجهة الخاطفة، السلطات المصرية هي المسؤولة عن مصيرهم، ولا ينبغي لها التهرب من ذلك».
إلى ذلك، نفت «حماس» منع السلطات المصرية عضو مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق من دخول غزة، الخميس الماضي، للقاء «المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط»، نيكولاي ملادينوف.
وقال أبو زهري، في تصريح، إنه «لم يكن هناك أيّ ترتيب لمثل هذا اللقاء، والحديث عن أن مصر رفضت هذا الطلب عارٍ من الصحة، عدا عن أن معبر رفح مغلق أصلاً».
وكان أبو مرزوق قد وصل القاهرة مساء الاثنين من الأسبوع الماضي، في زيارة رسمية، لعقد لقاء مع مسؤولين مصريين، في وقت قالت فيه مواقع فلسطينية وإسرائيلية، أمس، إن السلطات المصرية منعته من دخول غزة للقاء ميلادينوف، وبحث موضوع التهدئة مع إسرائيل.