تتجه الإدارة الأميركية نحو مهادنة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والضغط على السلطة الفلسطينية ضمن صفقة: دولة فلسطينية بحدود مؤقتة في مقابل القدس
علي حيدر
كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، عن صفقة تجري بلورتها بين واشنطن وتل أبيب، تقضي بأن تبادر إسرائيل إلى اتفاق مرحلي جديد في الضفة الغربية ينطوي على إقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة في مقابل تأجيل المفاوضات بشأن مستقبل القدس الشرقية، وتشديد الخطاب تجاه إيران وسوريا.
وتأتي صيغة الدولة الفلسطينية بحدود مؤقتة، كما وردت في الفقرة الثانية من خريطة الطريق، كمخرج من الجمود الذي واجهته عملية التسوية وبعد الأزمة الأميركية الإسرائيلية بشأن المواقف الواجب اتخاذها لتحريك العملية السياسية على المسار الفلسطيني.
وفي ضوء إدراك نتنياهو المسبق لمعارضة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لهذا الطرح، الذي سبق أن رفضه مراراً، نقلت الصحيفة عن نتنياهو تقديره أن رئيس السلطة غير قادر على التقدم نحو تسوية دائمة وأنه «لهذا السبب يحاول التهرب على الدوام، من استئناف المفاوضات».
وفيما يواصل نتنياهو، كما هي العادة، التلطي وراء المعسكر اليميني في الحكومة وداخل حزبه، إلا أنه يراهن على تمسك السلطة بمعارضتها لهذا الطرح. وفي هذا السياق، نقلت «هآرتس» عنه إبلاغه الأميركيين «أردت التقدم نحو تسوية دائمة، لكن لا يوجد شريك، وفي نهاية المطاف سيصب كل شيء في تسوية مرحلية».
أما بخصوص الخلاف القائم بين واشنطن وتل أبيب، فتتضمن الصفقة تحديد مجالاته والامتناع عن تصعيد الأزمة وإحداث حرج متبادل. وفي هذا المجال، أوضح مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، الجنرال جيمس جونز، في خطاب ألقاه في معهد واشنطن للسياسة في الشرق الأوسط، أنه «ستكون بيننا خلافات، لكننا سنحلها كحلفاء». وأشار إلى ما يزعج الإدارة الأميركية بالقول: «سندعو كل الأطراف إلى الامتناع عن الاستفزازات مثل أعمال إسرائيلية في شرق القدس وتحريض فلسطيني».
وانسجاماً مع الأولويات الإسرائيلية، تدعو الصفقة إلى تشديد الرئيس الأميركي موقفه من إيران وسوريا، بهدف كبح البرنامج النووي الإيراني و«منع نشوب حرب عند الجبهة الشمالية لإسرائيل» كما ذكرت «هآرتس»، فضلاً عن توثيق العلاقات الأمنية الإسرائيلية الأميركية.
وبالاستناد إلى التصريحات العلنية والسرية لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين رفيعي المستوى، لخصت «هآرتس» الصيغة التي يفترض أن تُنهي الأزمة الأميركية الإسرائيلية وفق الآتي: «تسوية انتقالية ودولة فلسطينية في حدود مؤقتة؛ تأجيل البحث في القدس، في ظل تعهد إسرائيلي بالامتناع عن الاستفزازات؛ البحث عن المجالات التي فيها خلاف بين نتنياهو وأوباما، وعلى رأسها البناء في شرق القدس، والعثور عليها؛ وتشدد ما في الخط الأميركي تجاه إيران وسوريا».
في هذه الأجواء، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي مع المبعوث الأميركي الخاص جورج ميتشل في مكتبه في القدس المحتلة لمدة أكثر من ساعة تمحور فيها البحث حول سبل تحريك العملية السياسية. وفي موقف يعكس عدم التوصل إلى اتفاق تام حتى الآن، اتفق الطرفان على اللقاء مجدداً يوم الأحد المقبل. ولفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن نتنياهو يريد الحصول على أجوبة من الطرف الفلسطيني قبل التوصل إلى تفاهم مع الجانب الأميركي.
وشارك في اللقاء من الجانب الإسرائيلي، ممثل نتنياهو في الموضوع الفلسطيني يتسحاق مولخو ومستشار الأمن القومي عوزي أراد، ومن الجانب الأميركي مساعد المبعوث الأميركي الخاص، ديفيد هيل.
وقبل اللقاء مع نتنياهو، عبّرت مصادر إسرائيلية في القدس عن تفاؤلها بإمكان إعلان البدء بمحادثات التقارب مع الفلسطينيين. والتقدير السائد هو أنه إذا لم تكن هناك عقبات، فمن الممكن إعلان بدء المحادثات خلال زيارة ميتشل حتى يوم الأحد. ووفقاً للمصادر نفسها، ستقوم إسرائيل بسلسلة مبادرات حسنة، بينها تحرير أسرى، وإزالة حواجز ونقل صلاحيات أمنية في مناطق محددة في الضفة الغربية.
وكان باراك قد التقى صباح أمس بميتشل، وبحثا العملية السياسية على المسار الفلسطيني والخطوات التي يمكن إسرائيل أن تقدم عليها، فيما أعرب باراك عن قلقه من توتر العلاقات بين بلاده وواشنطن، قائلاً: «علينا أن نعمل لنغير الأوضاع».
إلى ذلك، أُعلن في إسرائيل أن وزير الدفاع الإسرائيلي سيتوجه إلى واشنطن الأحد المقبل في زيارة تستمر ثمانية أيام يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين الأميركيين، بينهم وزيرا الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومستشار الأمن القومي جيمس جونز.