strong>أبو مازن يرفض الدولة المؤقّتة ويدعو إلى فرض حلّ.... وأوباما يدعوه إلى زيارة واشنطنمفاوضات التقارب تبدأ الشهر المقبل. هذه هي الأجواء الإسرائيلية بعد نهاية جولة المبعوث الأميركي جورج ميتشل. أجواء لم تقابل بنفي فلسطيني مطلق، ربما في انتظار زيارة الرئيس محمود عبّاس إلى واشنطن

علي حيدر
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، أن الأيام المقبلة ستظهر إن كانت ستُستأنف المفاوضات أو لا، مشيراً إلى أن المحادثات مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل كانت «إيجابية جداً».
وأضاف نتنياهو، في مستهل جلسة حكومته الأسبوعية، أن «إسرائيل راغبة في البدء فوراً بعملية السلام، وأن الولايات المتحدة تريد البدء فوراً بالعملية»، معرباً عن أمله أن «يرغب الفلسطينيون في بدء العملية السلمية فوراً».
في المقابل، نقلت صحيفة «هآرتس» عن محافل ذات صلة باستئناف المحادثات قولها إن محادثات التقارب بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ستبدأ في النصف الأول من شهر أيار المقبل. وكشفت أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد للرئيس الفلسطيني محمود عباس، في رسالة وجهها إليه، أنه «لن يتمكن من أن ينتزع من نتنياهو التزاماً رسمياً بتجميد البناء في شرقي القدس». لكنه أعرب، بحسب الصحيفة، عن ثقته بأن «إسرائيل ستمتنع عن مبادرات ذات مغزى في الأحياء في شرقي القدس»، في إشارة إلى 1600 وحدة سكنية في رمات شلومو، أقرّتها اللجنة اللوائية عشية زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل. وأضافت «هآرتس» أن الرئيس الأميركي أوضح لعباس أن محادثات التقارب بين الأطراف ستعنى بكل المسائل الأساسية (بما فيها القدس) كما اتفق عليه في تشرين الثاني 2007 في إعلان أنابوليس.
لكنّ عبّاس وجّه في نهاية الأسبوع الماضي، بحسب ما أوردت «هآرتس»، بضعة أسئلة إلى البيت الأبيض، قبل أن يردّ رسمياً على الدعوة إلى محادثات التقارب، تطالب، من ضمن أمور أخرى، بإيضاحات بشأن المعنى العملي لـ«بناء ذي مغزى» في شرقي القدس. وأضافت الصحيفة أن عباس كان قد أبلغ الأميركيين أن موافقته على دولة بحدود مؤقتة مشروطة باتفاق يقرّّر مسبقاً بأن تقام الحدود الدائمة للدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967 وتبادل متساوٍ للأراضي، وأن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تبنّت هذا المبدأ.
طالب عباس بتطبيق نموذج الحل الذي فُرض في جنوب أفريقيا
ولفتت «هآرتس» إلى أن محافل أوروبية كوَّنت انطباعاً، خلال لقائها في الفترة الأخيرة مع مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، أن إدارة أوباما لا تتوقع أن تدفع محادثات التقارب نحو تسوية ما. وأشارت إلى أن المساعي التي يبذلها أوباما تهدف إلى تحقيق نجاح ما للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، قبيل الاحتفال بالذكرى السنوية لخطاب الرئيس في القاهرة.
وفي الإطار نفسه، نقلت «هآرتس» عن مصادر في القيادة الفلسطينية تقديرها ألا تؤدي محادثات التقارب إلى اختراق. لكنّ عبّاس، بحسب المصادر نفسها، «غير معني بأن يأخذ صورة رافض المفاوضات». ومن هنا فإنه «سيستجيب لدعوة أوباما».
هذه الأجواء الإسرائيلية قوبلت بتصريحات فلسطينية متشكّكة في استئناف مفاوضات التقارب، إذ أعلن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات، أنه لا يتوقع أن تبدأ المفاوضات مع إسرائيل في الأيام المقبلة، موضحاً أن ميتشل سيعود في بداية أيار المقبل لاستكمال الجهود لبدء المحادثات. وقال عريقات إن «القيادة الفلسطينية تبذل كل جهد ممكن لإنجاح جهود الرئيس أوباما ومبعوثه ميتشل»، مشدداً على أن «نجاح الرئيس أوباما يعني الاستقلال والحرية للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف أنه التقى ميتشل مرتين خلال مهمته هذه، وأنه ستكون هناك لقاءات يومية مع نائبه ديفيد هيل، الذي لم يغادر مع المبعوث الأميركي أول من أمس.
واتهم عريقات إسرائيل بأنها «تحاول أن توهم المجتمع الدولي بأنها موافقة على المفاوضات، لكنها في الحقيقة تعرقل بدء المفاوضات». وأكد أن «المطلوب الآن هو أن تضمن إدارة الرئيس أوباما أن تكفّ إسرائيل عن كل استفزازاتها من خلال وقف شامل للاستيطان في الضفة الغربية والقدس، ووقف هدم البيوت وتهجير السكان الفلسطينيين ووقف بناء 1600 وحدة استيطانية في القدس في مستوطنة رمات شلوم».
وأعلن عريقات أن ميتشل دعا الرئيس عباس إلى زيارة الولايات المتحدة في أيار، وأن أبو مازن قبل الدعوة.
وتأتي دعوة عبّاس إلى واشنطن، بعدما أعلن أول من أمس رفضه للدولة ذات الحدود المؤقتة. وقال أمام المجلس الثوري لحركة «فتح»، «لن نقبل الدولة ذات الحدود المؤقتة بأي حال من الأحوال، لأنها تطرح أيضاً هذه الأيام ... لكن أنا أحذر من أن فكرة أو مقولة الدولة الواحدة بدأت تتسرّب بين الناس، لأن الأمل على أرض الواقع أصبح يتضاءل شيئاً فشيئاً. السؤال للجانب الإسرائيلي هل تريدون الدولتين على حدود 1967؟ نحن جاهزون. وإن كنتم لا تريدون، فأنتم مسؤولون عما يجري بعد ذلك». كذلك دعا عباس الإدارة الأميركية إلى فرض حلّ للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقال «ما دمت تعتقد يا سيدي الرئيس (الأميركي باراك أوباما) وأنتم يا أعضاء الإدارة الأميركية بأن قيام دولة فلسطينية مصلحة استراتيجية أميركية، إذاً من واجبكم أن تحثّوا الخطى من أجل أن نصل إلى الحل، وأن تفرضوا هذا الحل. تفرضوه. طلبنا منهم (الإدارة الأميركية) أكثر من مرة: افرضوا حلاً». وطالب عباس بتطبيق نموذج الحل الذي فُرض في جنوب أفريقيا خلال حقبة التمييز العنصري. وقال «بمقدور الجهد العربي والدولي الإيجابي والمتواصل بفعالية ومن دون الرضوخ أمام العقبات والمصاعب والمصالح الضيّقة، أن يوفّر مناخاً حقيقياً لدعم جهود الرئيس أوباما وإنجاحها». وحذّر عباس من انتكاس عملية السلام. وقال «هي انتكاسة ستكون الأخطر على مستقبلنا ومستقبل المنطقة وشعوبها ودولها كلها وما يترتب على ذلك من انعكاسات على الوضع الدولي برمّته». وقال إن الوصول إلى السلام يحتاج إلى «قيادة شجاعة تدرك أن إسرائيل ستكسب على المدى المباشر والاستراتيجي من تحقيق السلام مع شعب فلسطين ومع الأمة العربية والإسلامية أكثر بكثير مما تكسبه من التوسّع الاستيطاني».