غزة ــ قيس صفديسجال جديد بين حركتي «فتح» و«حماس» أطلقته دعوة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الحركة الإسلامية للتوقيع على ورقة المصالحة المصرية، وتجاوز الخلاف بشأن بعض بنودها. دعوة قوبلت باتهام «حماس» نظيرتها «فتح» بالخضوع للضغوط الأميركية لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال، ورفض المصالحة الداخلية.
واتهم عباس، في كلمة أمام المجلس الثوري لحركة «فتح» في رام الله، أول من أمس، «حماس» بعدم الجدية. وقال «تعالوا إلى لحظة الحقيقة. تعالوا نتفاهم إذا كانت القصة ملاحظة هنا وملاحظة هناك. فأنتم غير جادين لأنكم يمكن أن توقعوا وكل ذلك يمكن أن يعالج». وأشار إلى محاولات قيادات فلسطينية وعربية إقناع «حماس» بأن التوقيع على المبادرة المصرية «ليس فخاً منصوباً لهم كما يتوهمون، بل إن الفخ الحقيقي هو عدم التوقيع عليها لأن من مصلحة قوى عديدة في المنطقة، وخصوصاً الاحتلال الإسرائيلي، تكريس الانقسام».
النونو يحذّر من أن تعمد قيادات فلسطينية إلى التفاوض على اتفاقيّة جديدة على غرار أوسلو
وتابع عباس إنه «وفي اللحظة التي يتم فيها التوقيع على المبادرة المصرية، سأرعى شخصياً الحوار الوطني واللقاء مع مختلف القيادات الفلسطينية من دون استثناء». ودعا إلى العمل «على تطبيق المبادرة المصرية، متدرجين فيها من إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية»، متسائلاً: «نحن نؤمن بتداول السلطة، فلماذا هم يرفضون؟ لماذا هم خائفون من الانتخابات؟». وأضاف «سأدعو في أسرع وقت إلى إقامة حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها تكريس وحدانية السلطة والسلاح الشرعي الواحد واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان». ولفت عباس إلى أن «بعض أشقائنا العرب التقوا (رئيس المكتب السياسي لحماس) خالد مشعل، وطلبوا منه إنهاء الانقسام، وقالوا إن هناك أملاً. وتشكك البعض بأفكار مشعل، والرجل الذي نقل له هذه الأفكار عاد وهاتفه: هل توافق على حل الدولتين كما قلت في السابق؟ أجاب لا». وأضاف «أتساءل ماذا يريدون؟ هناك قوى إقليمية لا تريد لهذه المصالحة أن تتم»، متهماً الحركة الإسلامية بإعاقة عملية إعمار غزة بعد مرور سنتين على الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
ورد النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي والقيادي في «حماس»، أحمد بحر، على خطاب عباس، قائلاً إنه تضمن «اتهامات ومغالطات باطلة» بحق الحركة «لا توفر مجالاً مناسباً أو أرضية خصبة لتحقيق المصالحة». وأكد أن «عباس أهدر فرصة كبرى لإنهاء الأزمة الفلسطينية الداخلية عبر اتخاذ قرارات جريئة للخروج من أسر الفيتو الأميركي الذي يمنع المصالحة»، معتبراً أن الخطاب «يمثّل تراجعاً واضحاً أمام الضغوط الأميركية المفروضة، في ظل دعوته إلى حوار مباشر يشمل الجميع، بما في ذلك حكومة الاحتلال».
من جهته، أكد المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، أنه «لم يلمس أي جدية في خطاب عباس في ما يتعلق بالمصالحة الوطنية، لافتاً إلى أن «المصالحة ليست شعارات أو توقيعاً على ورق، بل هي إجراءات وممارسات». وقال «إن ممارسات عباس على الأرض تؤكد عدم جديته، وهذا واضح من خلال استمرار الاعتقالات والمحاكمات لأبناء حماس على خلفية قضايا اعتقلوا عليها في سجون الاحتلال».
ولفت أبو زهري إلى أن «خطاب عباس يعكس أنه يتعامل مع الورقة المصرية بانتقائية، فهو يريد انتخابات رئاسية وتشريعية، بينما يتجاهل انتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير».
إلى ذلك، حذر المتحدث باسم حكومة «حماس»، طاهر النونو، من أن تعمد قيادات فلسطينية إلى التفاوض حالياً «عبر قنوات تفاوض غير رسمية بشأن بعض المواقف السياسية التي قد تفاجئ الشعب الفلسطيني باتفاقية جديدة على غرار اتفاق أوسلو». وأكد أنه «لا تفويض لأحد بتمثيل الشعب الفلسطيني في أي مفاوضات مع الاحتلال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة».
وأشار النونو إلى «خطورة ما تحدث به عباس، وتمريره لبعض المواقف السياسية مثل مفهوم التبادل والإصرار على الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، ودعوة الولايات المتحدة للضغط على الأطراف للقبول بالحل الأميركي».