مخيم بلاطة ــ معاذ عابدكان أبو عصري صاحب المحل يلتزم «ولا أعرف لماذا» بإغلاق محله وقت صلاة الجمعة، مع أننا كنا نسمع أصوات كرات البلياردو تتصادم داخل المحل. وفي يوم جمعة، جلست على باب محل «أبو عصري» أحمل بيدي سيجارتي «امبريال» وهو دخان محلي فلسطيني الصنع. على عتبة الباب جاء ولد يصغرني كثيراً، علماً بأن عمري كان 15 عاماً. وبدون مقدمات جلس الولد وبدأ يتحدث عن والده. هكذا، و«من الباب للطاقة» بدون أية مقدمات قال: والدي يخرج إلى العمل الساعة السادسة صباحاً ويعود في اليوم التالي الساعة السابعة، ويعمل كل يوم. والدي اشترى لي في العيد مجموعة ثياب وساعة ومسدساً بلاستيكياً. والدي مناضل قديم كان مع أبو عمار، والدي يدخن «ممبورو» وهو المارلبورو بلغة أطفال المخيم. مرة ضربني ولد سكران فجاء والدي وضربه وضرب أباه وإخوانه كلهم.
أطنب الغلام في الكلام وأنا في انتظار «أبو عصري»، مليت وايدي على خدي حطيت (..) وكل ما أريد أن أدخن سيجارتي الأمبريال وألعب كارتيه وأعود للبيت.
أثناء استرسال الغلام عن والده في الكلام، جلس بقربنا ولد آخر على العتبة يستمع إليه... بعد مدة جاء أبو عصري وفتح المحل، دخلنا وسبقنا الغلام ابن الرجل الذي يعمل 25 ساعة في اليوم ويدخن الممبورو. وقبل أن أدخل إلى المحل قال لي الولد الذي انضم إلينا لاحقاً «ما ترد عليهن هذا كذاب، أبوه ميت من زمان».