جعفر محمد باقر الصدر مرشّح لخلافة المالكيبغداد ــ الأخبار
أبرز ما طفا على سطح تطورات ما بعد انتخابات السابع من آذار في العراق أمس، توقّع مصادر سياسية احتمال ترشيح جعفر محمد باقر الصدر لرئاسة الحكومة المقبلة، ليكون «الشخصية غير المتوقعة» التي تحدثت عنها مصادر دبلوماسية أجنبية، حين أشارت إلى احتمال ترشيح شخصية غير رئيس الحكومة نوري المالكي من «ائتلاف دولة القانون»، التي لا تزال تتصدر الفائزين في انتخابات يوم الأحد الماضي.
والصدر هو ابن المرجع محمد باقر الصدر، الذي أعدمه النظام السابق في التاسع من نيسان عام 1980، ومن المتوقع أن يكون ترشيحه مفاجأة كبيرة لدى الأوساط السياسية والشعبية العراقية.
وجعفر محمد باقر الصدر شاب في الأربعين من العمر، ترشّح في اللحظات الأخيرة على قائمة المالكي «ائتلاف دولة القانون». ورغم هذه التسريبات، فإنّ «دولة القانون» نفت بشدة هذه الأنباء، مبقيةً تمسّكها بترشيح المالكي لولاية حكومية ثانية.
ويرى مراقبون أن جعفر الصدر قد يمثّل حلاً وسطاً، إذ إنّ معظم أطراف «الائتلاف الوطني العراقي» وائتلاف «العراقية» لا ترغب في أن يتولى رئيس الوزراء الحالي ولاية ثانية.
تجدر الإشارة إلى أنّ والد السيد جعفر الصدر يطلَق عليه في العراق اسم «الصدر الأوّل»، لتميزه عن محمد محمد صادق الصدر «الصدر الثاني»، الذي اغتيل عام 1998، وهو والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وكان جعفر الصدر معمّماً طوال دراسته الدينية التي وصلت إلى آخر مراحلها في الحوزة الدينية. ثم توجه إلى الدراسة الأكاديمية في القانون، وحصل على شهادة الماجستير. ونزع الزي الديني، لأنه «يقيّده خلال الدراسة في الجامعة الإسلامية في لندن»، على حد اعترافه في إحدى المقابلات التلفزيونية.
وترشح الصدر عن محافظة بغداد في «دولة القانون»، ويرتدي حالياً الزي المدني غير الإسلامي، وعبّر عن رغبته، في لقاءات عديدة، في تأسيس دولة مدنية في العراق.
وبحسب المؤشرات الأولية للنتائج، فإن أيّ كتلة لن تتمكن من تحقيق فوز ساحق يؤهّلها لتأليف الحكومة وحدها، ما يعني أنها بحاجة إلى الائتلاف مع كتلتين أخريين.
وكان نائب رئيس البعثة في السفارة البريطانية لدى العراق، جون ويلكس، قد توقع اختيار «شخصية مستقلة غير معروفة، بعد مفاوضات معقدة، بسبب عدم استطاعة أي كتلة تحقيق انتصار كاسح في الانتخابات».
في هذا الوقت، ظلّ الفائزان الأساسيان يعلنان الفوز، كلّ لمصلحته؛ من جهة، جزم عباس البياتي، بأن ائتلافه، «دولة القانون»، حصد الغالبية، و«عليه، يجدر تكليفه بمهمة تأليف الحكومة»، في مقابل تأكيد المتحدث باسم «العراقية»، رحيم الشمري، أنّ «العراقية حلّت أولى».
وفي إطار الاستعدادات لمرحلة ما بعد إعلان النتائج، بحث القياديان في «العراقية»، علّاوي ونائب الرئيس طارق الهاشمي، تعزيز البناء الداخلي للكتلة، ووضع إطار التحرك السياسي المطلوب خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكشف بيان لقائمة «تجديد»، التي يرأسها الهاشمي والمتحالفة مع علاوي، أنهما بحثا «النجاح المتميز الذي حققته الكتلة بفضل التأييد الجماهيري الواسع النطاق في مختلف المحافظات، الأمر الذي يتطلب تعزيز البناء الداخلي للكتلة من جهة، ووضع إطار التحرك السياسي المطلوب خلال الأيام القليلة المقبلة من جهة أخرى، واتفقا على عقد اجتماعات عاجلة على مستوى القيادة للبحث في التفاصيل».
وفي إطار خروج المزيد من نتائج فرز الأصوات، أعلنت منظمة «عين» لمراقبة الانتخابات، أن العيّنات التي أخذتها من 15 محافظة من أصل 18 جرت فيها الانتخابات، أظهرت تقدم «ائتلاف دولة القانون» في تسع محافظات، و«القائمة العراقية» في خمس أخرى، و«الائتلاف الوطني» في محافظة واحدة، مؤكدة في الوقت نفسه أن الخروق في الانتخابات لن تؤثر على نتيجتها.
وقال مدير «عين»، مهند الكناني، إن «العينات التي أخذتها المنظمة أظهرت أن ائتلاف دولة القانون حصل في بغداد على 35 في المئة، في مقابل 21 في المئة لقائمة علاوي، بينما حصل الائتلاف الوطني على 14 في المئة، وجبهة التوافق على 9 في المئة، ووحدة العراق (جواد البولاني) على 6 في المئة، وقائمة مثال الآلوسي على 3 في المئة، واتحاد الشعب (الحزب الشيوعي) وقائمة وحدة العراق حصل كل منهما على 2 في المئة».
أما على الجبهة الكردية، فبقيت أطرافها مشغولة بالحصص التي ستنالها قائمة «التحالف الكردستاني»، ومدى الخسارة التي لحقت بنواب الرئيس جلال الطالباني ومرشحيه في أربيل. وأفادت مصادر إعلامية في تلك المحافظة أن المقاعد المخصصة لها في البرلمان المركزي (14 من أصل 41 للإقليم)، ستكون من نصيب قوائم التحالف الكردستاني و«التغيير» و«الاتحاد الإسلامي» و«الجماعة الإسلامية»، فيما تحدثت توقعات عن أن الخاسرين في المحافظة هم مرشحو «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة الطالباني.
وقالت مصادر تابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني، الذي يقوده حليف الطالباني ومنافسه رئيس الإقليم مسعود البرزاني، إنّ «مرشحي الحزب حققوا انتصاراً كاسحاً في محافظة أربيل».
ونقل تلفزيون «كي أن أن»، التابع لحركة «التغيير» التي يتزعمها المنشق عن الطالباني نوشيروان مصطفى، أن «المعلومات الأولية تشير إلى أن التحالف الكردستاني ضمن ثمانية مقاعد، ويحتمل أن ترتفع إلى تسعة، فيما ضمنت حركة التغيير ثلاثة مقاعد، وينتظر أن ترتفع إلى أربعة، كما أن كلاً من الجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي حصل على مقعد واحد».
من جهة أخرى، نقل تلفزيون المعارضة الكردية عن شوقي كانبي، أحد مسؤوليها الإعلاميين، قوله إن «معظم مقاعد التحالف الكردستاني ستذهب إلى مرشحي الحزب الديموقراطي الكردستاني»، بموجب القائمة المفتوحة، متوقعاً «خسارة مرشحي الاتحاد الوطني في أربيل».

سباق «حسن نيّة» على رضى الجوار



سارع كل من ائتلاف «دولة القانون» و«العراقية» أمس، إلى إطلاق مواقف «حسن نية» تجاه الدول المجاورة التي لا تزال تشوب علاقاتها مع بغداد، مشاكل عمرها من عمر بدء الاحتلال


بغداد ــ الأخبار
أعرب ائتلاف رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، «دولة القانون»، عن تفاؤله بتحسّن علاقات العراق مع دول الجوار، وخاصة المحيط العربي، في المرحلة المقبلة، فيما تعهد ائتلاف «العراقية» برئاسة أياد علاّوي بالعمل على تصحيح مسار العراق عربياً، ومعالجة إخفاقات المرحلة الماضية.
ونفى القيادي في «القائمة العراقية»، أسامة النجيفي، وجود دعم من الدول العربية لقائمته لتسلم رئاسة الحكومة المقبلة، إذ «لا توجد تبريكات أو تطمينات من أي دولة عربية لتسلم قائمتنا هذه المهمة، وكل ما في الموضوع هو رأي عراقي يتفاعل معه الخارج بطريقة تتعلق بالمصالح المشتركة». ورأى أنّ «العراقية» تمثّل «الطيف العراقي، وفيها شخصيات بارزة، ولديها علاقات طيبة مع دول الجوار، وفي حال تسلم العراقية مهام تشكيل الحكومة، ستكون هناك علاقات متميزة مع كل الدول، وبشكل خاص العربية منها». وأشار إلى أن الحكومة الحالية «فشلت في إقامة علاقات طبيعية مع دول الجوار، ولم تستطع أن تخلق وضعاً عراقياً منسجماً ومتوازناً، وفشلت في كثير من الملفات الداخلية والخارجية».
وشدّد النجيفي على أنّ الوضع يتطلب حكومة جديدة، والنتائج الأولية أظهرت أن الحكومة الحالية «غير قادرة على الاستمرار بشكلها القديم، ولا بد من توازنات جديدة، والمجتمع الدولي ينتظر حكومة بسياسات أكثر ديموقراطية وانفتاحاً على العالم، وعدالة بالتعامل مع الشعب العراقي».
بدوره، لفت القيادي في «دولة القانون»، النائب علي الأديب، إلى أنه «مخطئ وواهم من يتصور أن دولة القانون ستخفق في ملف العلاقات الخارجية في حال تسلمها مهام الحكومة المقبلة». وتابع أنّ نجاح «دولة القانون» في المرحلة المقبلة، في حال تشكيله الحكومة، «سوف يعطي انطباعاً للدول التي لا تزال تتخوف من العراق، بضرورة تغيير سياستها معه». وطمأن إلى أنّ العراق «ليست لديه أي مواقف سلبية مع أي دولة، وينتظر من الآخرين التعامل معه بشكل طبيعي»، في تلميح إلى الدول المجاورة، وتحديداً سوريا وعدداً من دول الخليج تتقدمها السعودية. وذكّر النائب المقرب من المالكي بأن الدول التي كان موقفها سلبياً تجاه العملية السياسية «ستفهم أنه لا يجب إفشال التجربة العراقية بأي شكل من الأشكال، بل ينبغي إنجاحها، وبالتالي لا بد من إيجاد حلول لكل الخلافات التي ظهرت في الفترة الماضية».
وتوقع أن تكون السنوات الأربع المقبلة «فرصة طيبة لترطيب العلاقات مع هذه الدول، التي ستفهم بشكل جدي أن العراق يمدّ يده نحو علاقات متكافئة مبنية على الاحترام المتبادل».

الصدريّون يستعيدون مدينتهمومقتدى الصدر، الذي قلّما يظهر إلى العلن منذ فترة طويلة، كسر حاجز الصمت قبل الانتخابات العامة التي جرت يوم الأحد الماضي، عندما حث مؤيديه على التصويت في الانتخابات، على اعتبار أن التوجه إلى الصناديق «خطوة مهمة للعراق، وهو يكافح لتعزيز ديموقراطيته وأمنه قبل الانسحاب الأميركي» المقرر بحلول نهاية عام 2011. وعقد الصدر مؤتمراً صحافياً نادراً في طهران، يوم السبت الماضي، حثّ خلاله العراقيين على التصويت للمساعدة على تمهيد الطريق «لتحرير» العراق.
وتبيّن المؤشرات الأولى أنّ الاستراتيجية الصدرية ربما أتت ثمارها في حي مدينة الصدر، الذي يقيم فيه أكثر من مليوني نسمة، إذ صبّت معظم الأصوات لـ«الائتلاف الوطني العراقي» الذي يُعدّ الصدر أحد أبرز مكوّناته.
ورغم أنّ النتائج الرسمية لم تعلن بعد، فإنّ النتائج غير الرسمية التي جمعتها وكالة «رويترز» من 12 مركزاً بين 60 مركز تصويت في مدينة الصدر، أظهرت أن «الائتلاف الوطني العراقي» يحتل المرتبة الأولى، ويتقدم بفارق صغير على «دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي.
ويمثّل ذلك أنباءً مثيرة للقلق بالنسبة إلى المالكي، الذي سعى إلى تكرار الأداء القوي الذي حققه في الانتخابات المحلية التي جرت في كانون الثاني عام 2009، عندما حصل على تأييد معظم الناخبين في مدينة الصدر، ما سمح لائتلافه بالفوز في الانتخابات المحلية في العاصمة العراقية.
وبدا أن الصدريين التزموا التصويت للائحة «الائتلاف الوطني» كاملةً من دون تشطيب، وذلك رغم الخلافات الكبيرة الموجودة بين التيار الصدري و«المجلس الإسلامي الأعلى».
وقال رياض محمد، وهو عامل مياوم في مدينة الصدر، «صوّتت لمصلحة التيار الصدري لأن زعيمنا أشار إلى هؤلاء المرشحين، وطلب منا أن ندلي بأصواتنا لهم». وكانت حملة التيار الصدري الانتخابية لهذا العام، أفضل كثيراً من ناحية التنظيم عن الانتخابات المحلية الأخيرة.
بدوره، قال الطالب حسين عباس إن «رؤية التيار الصدري في الوقت الراهن هي أن المشاركة في العملية السياسية تُعدّ السبيل للتخلص من المحتل».
(رويترز)