أم كبر أطفالها، فجلست أمام ما كان يوماً مكتبتهم، صفنت، ثم قالت: لمَ لا تكون نواة لمكتبة يستفيد منها الأطفال السيئو الظروف؟ وهل هناك من هو أسوا ظروفاً من اللاجئين الفلسطينيين؟
عمان ــ ربى حسن ومعاذ عابد
جلست هناء الرملي أمام مكتبة صغيرة ضمت 700 كتاب متخصص بالطفل، كانت حصيلة قراءة أبنائها أثناء طفولتهم. خطرت في بالها فكرة أن تتبرع بالمكتبة لجمعية خيرية أو لناد في أحد المخيمات. لكن هناء المهندسة المدنية، الكاتبة ومخرجة الأفلام الوثائقية أيضاً، قررت أن تجيّر استخدام الإنترنت والشبكات الاجتماعية في مشروع خيري. عن فكرة المبادرة تقول الرملي في لقاء مع «الأخبار» إنها أرادت أن تصنع نموذجاً يحتذى به حتى يكون للمواقع الاجتماعية فوائد غير التسالي والتعارف. فاتصلت بمركز البرامج النسائية التابع للأمم المتحدة في مخيم غزة، بمنطقة جرش في الأردن. واقترحت عليهم إنشاء مكتبة للطفل في المخيم الأفقر بين مخيمات اللاجئين الفقيرة أصلاً. وطلبت تأمين قاعة تكون بمثابة مكتبة للأطفال ولتكن الـ700 كتاب نواة لهذه المكتبة، ووعدت القائمين على المركز بمحاولة تأمين العدد نفسه من الكتب. أطلقت الرملي المبادرة عبر موقع «فايسبوك» وأنشأت مجموعة تحمل اسم المبادرة «كتابي كتابك».
انضم العديد من الأصدقاء من داخل الأردن وخارجها للمجموعة وللمبادرة، ووصلت العديد من الرسائل من المداومين على الشبكة الاجتماعية «فايسبوك» تطالب بإنشاء فروع في البلدان التي فيها تجمعات للاجئين الفلسطينيين. وتألّفت في الخليج العربي ومصر والمغرب لجان دعم للمبادرة، تجمع الكتب والتبرعات العينية للمكتبات المزمع إنشاؤها.
المفاجأة كانت لدى افتتاح أول مكتبة في «مخيم غزة»، إنها ضمت ضعف العدد المتوقع، حيث احتوت 3 آلاف كتاب نصفها متخصص بأدب الطفل والباقي مختص بالناشئة والمراهقين. كما ضمت المكتبة 4 أجهزة حاسوب وأثاثاً مكتبياً كاملاً، ومما عزز مصداقية هذه المبادرة أن القائمين عليها لا يقبلون التبرع النقدي نهائياً باستثناء الراتب الذي يتبرع به البعض للقائمين على المكتبات، ويكون دون تدخل من المبادرة، بلى يكون من المتبرع إلى الموظف مباشرة.
واليوم، تخدم مكتبة «كتابي كتابك» في «مخيم غزة» ما يقارب 15 ألف طفل بحسب إحصائيات المدارس، عدا الشباب الذين توافدوا على المكتبة. يرتاد مكتبة المبادرة في مخيم غزة حوالى 50 طفلاً يومياً، وتقول القيّمة على المكتبة إنها في يوم كانت الظروف الجوية سيئة للغاية تأخرت عن موعد فتح المكتبة، فتفاجأت بوجود عشرات من الأطفال على درج المكتبة ينتظرونها أن تفتح أبوابها. حماسة الأطفال لهذه المكتبة كانت منقطعة النظير، فبعد كل يوم في المكتبة وقبل الإغلاق يقوم الأطفال بتنظيف «بيتهم الثاني»، المكتبة.
وتسعى المبادرة التي تضم حوالى 8 آلاف متطوع عبر العالم العربي، إلى إنشاء مكتبتين في «مخيم الطالبية» في محافظة مادبا في الأردن وفي منطقة نائية في إربد شمال المملكة التي تضم حوالى 300 متطوع ناشط فعلي على أرض الواقع. أما على الصعيد الإقليمي فقد أنشأ أعضاء المبادرة في لبنان مشروع مكتبة في مخيم برج البراجنة. وتقول يارا حركة، منسقة المبادرة في لبنان، إن إطلاق المكتبة قريب، وخصوصاً أنها جمعت عدداً لا بأس به من الكتب.
في فلسطين، قُسّمت المبادرة على أساس مناطقي. ففي القدس تعمل المبادرة برئاسة منسقتها بسمة سنقرط بالتعاون مع جامعة القدس المفتوحة على إنشاء مكتبتين في مخيم دير عمار وفي منطقة في القدس. منال طه في رام الله ورحمة حجي من جنين أيضاً تعملان على إنشاء مكتبة كل في منطقتها. في اليمن ومن خلال الكاتبة الفلسطينية أماني البابا تعمل المبادرة على إنشاء مكتبة تخدم تجمعاً للفلسطينيين والأطفال اليمنيين أيضاً.


بداية حملة

فوجئت هناء الرملي بأن فكرتها تحولت إلى حملة وبرنامج اجتماعي، كما أنتجت 8 أغان للأطفال وفرقة لمسرح الدمى، عدا تبرع الأدباء كإيمان مرزوق المختصة بشؤون الطفل بـ70 كتاباً من مؤلفاتها. الممثلة الأردنية أسماء مصطفى والموسيقي سليمان الزواهرة أطلقا «اقرأ واستمتع» وهو برنامج مسرح تفاعلي. الحكواتي أصبح جزءاً مهماً من نشاط المكتبة. في افتتاح أول مكتبة، زرع الأطفال شجرة زيتون من القدس. في الافتتاح قالت هناء «العام المقبل ستكبر الشجرة عاماً، أما عقول الأطفال فستكبر 20 عاماً».