جمانة فرحاتمن أصل ملياري دولار كان يخطّط للحصول عليها، لم يستطع التنظيم المشترك التركي والمصري لمؤتمر المانحين لاقليم دارفور، الذي انعقد أول من أمس في القاهرة، جمع سوى 841 مليون دولار، في انعكاس واضح لعجز الدبلوماسية المصرية والتركية عن اقناع الدول المشاركة بأرجحية تغلب العملية السياسية على العمليات العسكرية في الاقليم.
واكتفت العديد من الدول، بينها الولايات المتحدة وكندا والنروج وبريطانيا، بإلقاء كلمات أعربت خلالها عن الدعم السياسي لجهود احلال السلام في الإقليم، مبررةً تمنعها عن تقديم مساعدات حالية بأن «المنطقة ليست آمنة بما يكفي للقيام بالأعمال المقترحة».
وبعض هذه الدول لا تزال تخشى من انتكاسات أمنية مستقبلية، تطيح أي تقديمات مالية، على الرغم من توصل الحكومة السودانية والفصيل المتمرد الرئيس في الاقليم المتمثل بـ«حركة العدل والمساواة» إلى اتفاق اطاري قبل أسابيع.
مخاوف عززها الرئيس السوداني، عمر البشير، بتأكيده أول من أمس أن حكومته جاهزة لتوقيع اتفاق سلام مع من يرغب، «ومن يرد حرباً فليواجهنا في الغابة ونحن مستعدون لمنازلته».
كذلك يخشى البعض من هذه الدول أن تخطئ الأموال طريقها. ولذلك فضل العديد منها الاكتفاء بمواصلة تقديم الدعم عن طريق مؤسسات انسانية تعمل في الاقليم، ليتحول بذلك المؤتمر، الذي عقد برئاسة وزيري خارجية مصر أحمد أبو الغيط وتركيا أحمد داود أوغلو، إلى منبر للمساهمات الإقليمية بمعظمه.
وتصدّر البنك الإسلامي للتنمية التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قائمة المانحين بتعهده تقديم مبلغ 355 مليون دولار، فيما اختارت قطر التي سبق أن قدمت مليار دولار إلى صندوق منفصل لدارفور، المساهمة بمبلغ 200 مليون دولار. أما الراعي التركي فخصّص ما بين 60 و75 مليون دولار، واقتصرت مشاركة الاتحاد الأوروبي على 95 مليون دولار.
وعلى الرغم من إبداء المنظمين رضاهم عن النتائج المحققة، إلا أن امتناع العديد من الدول عن المساهمة يعكس في الوقت نفسه فشلاً دبلوماسياً للمنظمين، عززه الحديث عن تنافس مصري تركي قطري على السودان، حاول وزيرا خارجية مصر وتركيا نفيه، عبر التأكيد أنه «لن يكون هناك أي تنافس بين الدول الثلاث».
هذا النفي لا يلغي الرغبة المصرية في استخدام المؤتمر لاستعادة بعض من نفوذ القاهرة في السودان، الذي فقدته لمصلحة قطر التي تتولى رعاية المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المتمردة، فيما ترغب تركيا في استثمار المؤتمر لتعزيز دورها كلاعب إقليمي في المنطقة.
إلا أن نتائج المؤتمر لن تساعدهما إلى حد كبير، وسط تجارب سابقة تظهر أن العديد من التعهدات ستذهب أدراج الرياح ولن يصل منها إلا النزر القليل.