Strong>عزّز طرد بريطانيا ممثّل «الموساد» في السفارة الإسرائيلية في لندن، المخاوف في الأوساط الإسرائيلية من أن لا تقتصر الأزمة مع المملكة المتحدة على الجانب الدبلوماسي، وصولاً إلى العلاقات الأمنية والاستخباريةحاولت إسرائيل، لليوم الثاني على التوالي، التخفيف من حدّة الخطوة البريطانية بطرد دبلوماسي إسرائيلي على خلفية استخدام جوازات سفر مزوّرة في عملية اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح، وسط خشية من أن لا تقتصر الأزمة مع بريطانيا على الجانب الدبلوماسي.
وأبدت أوساط إسرائيلية تخوّفها من أن تتطوّر الإجراءات البريطانية لتطال العلاقات الأمنية والاستخبارية، إضافة إلى الخشية من أن تحذو دول أوروبية أخرى حذو بريطانيا.
وفيما أكد مصدر حكومي إسرائيلي أن «الأولوية الآن هي لتهدئة الأمور» وأن تل أبيب لا تنوي طرد دبلوماسي بريطاني رداً على خطوة لندن، أكدت الإذاعة الإسرائيلية أن الدبلوماسي المطرود هو عضو في «الموساد» وأنه سيحلّ بدلاً منه «في وقت قريب» شخص آخر. ولفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن الشخص الذي طرد «سيطير عائداً إلى إسرائيل بعد عطلة عيد الفصح اليهودي أوائل الشهر المقبل».
وفيما رأت غالبيّة المعلّقين في إسرائيل أن الدولة العبرية سوف تخرج من هذه القضية بأقل خسائر ممكنة، لم تستبعد «يديعوت أحرونوت» طرد دبلوماسيين آخرين في أماكن أخرى. ورأت الصحيفة أن «القضية (سوف) تغلق بثمن معقول»، مؤكدة أنه «ما دام السلام لا يعمّ بلادنا، فإن هذا السيناريو سيتكرر»، في إشارة إلى مواصلة إسرائيل سياسة الاغتيالات.
وقالت «يديعوت أحرونوت»، في افتتاحيّتها، إن «الاعلان عن وكلاء الاستخبارات كشخصيات غير مرغوب فيها لدى أي دولة في أعقاب انكشاف دورها في عمل استخباري معين، هو إجراء رسمي عادي، متّبع بين الدول الصديقة. وعليه، فلا يوجد ما يدعو إلى الخشية من أن يؤدّي ما جرى إلى المسّ بالتعاون الوثيق بين أجهزة استخباراتنا وأجهزة الاستخبارات البريطانية»، لافتة إلى أن «العلاقات بينها وبين بريطانيا لم تتضرر على نحو خطير».
أما صحيفة «هآرتس» فرأت أنه «في إسرائيل فقط، ليس هناك مسؤولية لأحد، لا للمستوى السياسي ولا للمستوى العملياتي»، مضيفة إن الخشية لدى الحكومة هي أن يدفع ما جرى رئيس الموساد، مئير دغان، إلى الاستقالة، «الأمر الذي سيمثّل اعترافاً بمشاركة الموساد في اغتيال المبحوح».
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن «مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى» قوله إن القرار البريطاني بطرد ممثل «الموساد» هو قرار «سياسي بامتياز مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية» في لندن. ورأى أن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، «الذي ينتهج منذ فترة طويلة سياسة مناهضة لإسرائيل، يريد عبر ذلك تعبئة أصوات المسلمين».
في هذه الأثناء، توالت المواقف التي أطلقتها الدول الغربية التي استخدمت جوازات تعود لمواطنيها في العملية.
وأعلنت أوستراليا أنها تنتظر نتائج التحقيقات التي تقوم بها قبل اتخاذ إجراءات. وقال وزير الخارجية الأوسترالي، ستيفن سميث، في حديث إلى الإذاعة الوطنية، «نتعاطى مع هذه المسألة بكثير من الجدية، إلا أن مقاربتنا لها ستكون منهجية».
وأكد سميث أن بلاده ستنتظر انتهاء التحقيقات التي تجريها الشرطة قبل اتخاذ أي إجراءات ضد إسرائيل. وعلّق على الخطوة البريطانية بقوله «إننا بالطبع نأخذ بعين الاعتبار الإجراءات التي اتخذتها دول أخرى، وبريطانيا ليست البلد الوحيد الذي أُقحم بهذه المسألة، بل للأسف هناك أيضاً فرنسا وإيرلندا وألمانيا». وأضاف «إلا أننا سنتحرك على مراحل، وسأطلع على تقرير الشرطة الأوسترالية، ونتخذ عندها القرارات التي نرى أنها تدخل في نطاق أمننا القومي».
وأشار إلى تواصل «الشرطة الفدرالية الأوسترالية مع نظرائها البريطانيين، وسيأخذون هذا التقرير في الاعتبار حين يجرون تحقيقاتهم وينهونها».
من جهتها، أعلنت النيابة العامة الألمانية أن تحقيقاً فتح لكشف مصدر جواز سفر ألماني صحيح جرى تغيير اسم صاحبه واستخدم في عملية اغتيال المبحوح.
وقال متحدث باسم النيابة العامة إن التحقيق فتح ضد مجهول «لقيامه بنشاطات لخدمة جهاز استخبارات أجنبي» و«لانتحاله هوية». وأوضح أن «الهدف هو معرفة كيف تمكنت هذه المجموعة من الحصول على جواز سفر ألماني صحيح».
وتابع المصدر نفسه أن لا علاقة للتحقيق بعملية اغتيال المبحوح، لأن «لا شيء يؤكد حتى الآن أن القاتل استخدم جواز السفر المذكور».
إلى ذلك، دعا مشروع بيان مقدم إلى القمة العربية التي تنعقد نهاية الأسبوع في سرت، شرق ليبيا، الدول المعنية إلى التعاون مع السلطات الإماراتية «لملاحقة ومحاسبة العصابة الإجرامية» التي اغتالت المبحوح. وأكد مشروع البيان «أن هذا العمل الإجرامي الإرهابي يتطلب تعاون الدول المعنيّة مع أجهزة الأمن في دولة الإمارات العربية المتحدة للتصدي وملاحقة هذه العصابة الإجراميّة ومحاسبتها وفق الاتفاقيات والقوانين التي يجب أن تسري على كل الدول».
وأضاف «يدين المجلس استغلال المزايا القنصلية التي منحت لرعايا الدول التي استخدمت جوازات سفرها في الاغتيال».
(الأخبار، أ ف ب)