زعيم «العراقيّة» يمدّ يده لإيران... ويغفل أميركابغداد ــ الأخبار
انتهت معركة نتائج الانتخابات العراقية رسمياً مساء أمس، لتبدأ معركة جديدة عنوانها رفض رئيس الحكومة، نوري المالكي، هذه الحصيلة واعتبارها «غير نهائية»، ومجاهرته بنيّته «بغضّ النظر عن النتائج، مواصلة العمل على تكوين الكتلة النيابية الأكبر لتأليف الحكومة بالتعاون مع قائمتي الائتلاف الوطني العراقي والتحالف الكردستاني». نتائج قابلها المالكي بغضب واضح، عندما شنّ حرباً على المفوضية العليا للانتخابات التي منحته 89 مقعداً، في مقابل 91 لمنافسه إياد علاوي.
وخرجت نتائج الانتخابات من دون مفاجآت كبيرة، بالمقارنة مع الأرقام التي أعلنت خلال الأيام الماضية، باستثناء حصول «الائتلاف الموحد» على 70 مقعداً (كانت التقديرات تعطيه كتلة من 60 نائباً بالحد الأقصى)، ما يجعله ثالث الفائزين، يليه التحالف الكردستاني مع 45 مقعداً. وتعتبر الأرقام التي أُعلنت نهائية قبل تقدّم الطاعنين بطعونهم، وقد صدرت في أجواء أشبه بحالة طوارئ أمنية لم تحل دون وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى.
ومن كلام المالكي الذي صدر فور الإعلان عن النتائج المفصّلة، يمكن استشراف الواقع الذي سيعيشه العراق في الأيام القليلة المقبلة، بما أنّ رئيس مجلس المفوضية فرج الحيدري أعلن فتح باب مراجعة المحكمة الاتحادية العليا ابتداءً من اليوم ولغاية ثلاثة أيام. لم يكن إعلان المالكي رفضه النتائج بالأمر المستغرب، قياساً إلى تهديده قبل أيام بعودة الحرب الأهلية إذا ما خسر الصدارة. كذلك الأمر بالنسبة إلى إصراره على إعادة العدّ اليدوي وحديثه عن خروق كبيرة شابت عمل المفوضية العليا.
الجديد في كلام المالكي كان كشفه عن أن عدداً من أعضاء مفوضية الانتخابات، وخلال اجتماعهم الأخير الذي أخّر انعقاد المؤتمر الصحافي الذي شهد إذاعة النتائج، اعترضوا على هذه الأخيرة وانسحابهم من الاجتماع احتجاجاً، وذلك رغم تأكيد عضو مجلس المفوضية قاسم العبودي الاستجابة لمطلب المالكي وعدد من الكتل وإعادة فرز الأصوات «يدويّاً وبصرياً بنسبة مئة في المئة ضماناً للشفافية» في عدد من مراكز الاقتراع.
أما المفاجأة فكانت تأكيد المالكي أنه «بغض النظر عن النتائج، سنعمل على أن نكون أكبر كتلة نيابية لنؤلف حكومة شراكة قطعاً»، وذلك بعدما وصفها بأنها «أولية وغير نهائية»، معرباً عن نيته حمل «المطالب الشعبية والسياسية بإعادة عدّ الأصوات»، وداعياً الشعب العراقي إلى المحافظة على «رباطة الجأش».
وأعطى المالكي تفسيره الخاص لمفهوم «الكتلة النيابية الأكبر» المسموح لها بتأليف الحكومة، معتبراً أن هذه الكتلة «تظهر بعد أول جلسة للبرلمان الجديد، حين تتحد قوائم فائزة في تحالف واحد». وحين سُئل عن هوية القوائم التي يمكنه أن يتحالف معها لتأليف حكومة جديدة، ذكر حصراً «الائتلاف الوطني العراقي والتحالف الكردستاني».
إلا أن المالكي عاد ولمّح إلى إمكان قبوله بهذه النتائج «فقط حين تطمئنّ النفوس إلى أنّه لم يحصل أي تزوير»، مشيراً إلى فوز «مرشحين إرهابيين ومطلوبين للعدالة ومشمولين بلائحة العدالة والمساءلة» المحظور عليهم الترشح.
المصادقة على صدقية النتائج جاءت من الإدارة الأميركية، التي نفت على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض والسفارة الأميركية في بغداد وقائد القوات في العراق ريمون أوديرنو، «وجود أدلة على حصول عمليات تزوير على نحو واسع في الانتخابات التشريعية»، وذلك بعد التهنئة طبعاً بـ«المحطة الديموقراطية المهمة في البلاد». وأفاد بيان رسمي أن السفير كريستوفر هيل وأوديرنو «يؤيدان ما توصل إليه المراقبون العراقيون والدوليون الذين لم يجدوا دلائل على وجود تزوير واسع يمثّل خطراً». كذلك جاءت شهادة ممثل الأمم المتحدة في العراق إد ميلكرت الذي نفى وجود تزوير، داعياً جميع الأطراف إلى قبول النتائج.
ولمّا جاء الدور لعلاوي كي يدلي بدلوه، أعرب عن استعداده لـ«العمل مع كل الأطراف الفائزة والتي لم تفز، من أجل تأليف الحكومة المقبلة». وقال إن «نتائج الانتخابات تعني تكليف قائمتنا العراقية بتأليف الحكومة المقبلة، والعمل مع كل الأطراف التي فازت أو التي لم تفز لتأليف الحكومة».
ولعلمه مدى ضرورة توفّر شرط الموافقة الإقليمية والدولية في اسم رئيس الحكومة الجديدة، أشار إلى أنه «مستعدّ لمد يدّ الأخوّة لكل دول الجوار، سوريا والسعودية وتركيا وإيران والأردن والكويت، على أساس التواصل وعدم التدخل في الشوؤن الداخلية»، من دون أن يورد الولايات المتحدة في قائمة الدول التي تؤدي دوراً مصيرياً في الحياة السياسية العراقية.
وكان العراق قد عاش أمس يوماً أمنياً بامتياز، وسط حالة أشبه بالطوارئ فرضتها جميع القطع العراقية المسلّحة، وخصوصاً في بغداد ومنطقتها الخضراء التي احتضنت فندق الرشيد، حيث أعلنت النتائج.
وكان لافتاً خوف المواطنين من مغبة انفجار الأوضاع الأمنية مع صدور نتائج الانتخابات، وهو ما تُرجم بحركة خفيفة في الشوارع، وبملازمة عدد كبير من المواطنين منازلهم. وحدهم أنصار المالكي خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بإعادة فرز الأصوات يدوياً.
ورغم ذلك، قُتل 42 شخصاً وجُرح 65 آخرون قبل دقائق فقط من إعلان النتائج، وذلك بعد انفجار سيارة مفخخة وقنبلة مزروعة على جانب طريق في بلدة الخالص في محافظة ديالى.


مناطق عصيّة على المتنافسَينأما نوري المالكي، فلم يتمكن مرشحوه من حصد أي مقعد في 7 محافظات. فإلى جانب المحافظات الكردية الثلاث، عصت عليه المناطق ذات الغالبية السكانية العربية السنية، وهي نينوى وصلاح الدين والأنبار وكركوك (التي تقاسم مقاعدها مرشحو علاوي والتحالف الكردستاني مع 6 لكل منهما). وحصل المالكي على مقعد واحد في ديالى المختلطة إثنياً ومذهبياً.