شهد افتتاح القمة العربية في مدينة سرت الليبية، أول من أمس، حضوراً لافتاً لرئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، الذي هاجم إسرائيل بشدة، ووصف سياستها تجاه القدس المحتلة بالجنون. أمّا كلمة الزعيم الليبي، العقيد معمر القذافي، فقد كانت قصيرة وخالية من المفاجآت، لكنها تضمّنت نقداً ذاتياً لنفسه ولـ«النظام الرسمي العربي». ونسج أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على المنوال نفسه، موجّهاً انتقادات عنيفة لعدم قدرة العمل العربي المشترك على معالجة الأزمة العربية.وقال القذافي، في مستهل القمة، «إن المواطن العربي ينتظر الأفعال. الشارع العربي شبع من الكلام وسمع كلاماً كثيراً، وأنا شخصياً تحدثت خلال أربعين عاماً في كل شيء، والمواطنون العرب ينتظرون منا نحن قادة العرب الأفعال، لا الخطب». وأضاف إن «القادة في وضع لا يحسدون عليه لأنهم يواجهون تحديّات غير مسبوقة. والجماهير ماضية في طريق التحدي للنظام الرسمي»، مطالباً بـ«عدم الالتزام بقاعدة الإجماع» في العمل العربي المشترك، وداعياً القمة إلى الخروج بقرارات قابلة للتنفيذ تستجيب لتطلعات الشعوب العربية.
كذلك انتقد القذافي محدودية الصلاحيات الممنوحة لرئيس القمة. فبعدما وجه الشكر الى أمير قطر على رئاسته القمة لمدة عام، قال «ليس لدينا شيء نستطيع أن نحاسبه عليه لأننا لم نعطه صلاحية».
وكان للقذافي تعليق على كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشيراً إلى أن «الشباب الفلسطيني لا يزال يقاتل، والقول الفصل بيد الشعب الفلسطيني والشباب الفلسطيني». وخاطب عباس قائلاً «لا نستطيع أن نضمن ما يفعله وما يقرره الشباب سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو في مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا أو شباب الأربعة ملايين الذين في الشتات». وأضاف «هناك شباب في يافا وعكا وحيفا وعظام أجدادهم هناك».
وذكّر القذافي بنشوء الحركات المعارضة لـ«فتح» منذ عام 1964. وقال إن «هذه كلها خلقها الشباب الفلسطيني في ذلك الوقت ويخلقها الآن، ويخلق غداً مثلها، أو أشياء جديدة نحن لا نستطيع أن نتنبّأ به».
من جهته، أكد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، في افتتاح القمة العربية، أن وزراء إسرائيليين أعلنوا أن «القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل»، مضيفاً «هذا جنون، وهذا لا يلزمنا إطلاقاً»، و«القدس هي قرّة عين كل العالم الإسلامي. ولا يمكن قبول اعتداء إسرائيل على القدس والأماكن الإسلامية إطلاقاً».
وأكد رئيس الوزراء التركي، الذي قوطع أكثر من مرة بتصفيق حاد من الحاضرين، أن «احتراق القدس يعني احتراق فلسطين، واحتراق فلسطين يعني احتراق الشرق الأوسط».
بدوره، انتقد أمير قطر، في كلمته الافتتاحية، العمل العربي المشترك، وطالب المجتمعين بقرارات تتعدى الإدانة بالنسبة إلى مسألة القدس.
ونبّه أمير قطر إلى أن «أمام العرب اليوم خيارين، أحدهما ترك العمل المشترك لمصيره أو الوقوف لضرورة مراجعته وإعادة النظر فيه». وتابع «إن هذه الدورة للقمة العربية أو غيرها من الدورات اللاحقة لن تكون ناجحة في ظل هذه الأوضاع»، موضحاً «نحن لا نريد أن نلقي المسؤولية على أحد أو الظروف التي كان يجب أن نتفق عليها وهو ما لم يحدث حتى الآن».
ودعا الشيخ حمد إلى ضرورة تأليف لجنة اتصال عليا «تحت إشراف رئيس القمة تعمل على تقديم مقترحات لحل أزمة العمل العربي المشترك وبلورة موضوع نقاش خاص على مستوى كل التجمعات السياسية لتقول رأيها»، متسائلاً «هل تكفي قرارات الإدانة والشجب التي نصدرها؟ وهل ننتظر الرباعية بشأن القدس؟ وهل يصدّق أحد بأننا غير قادرين على رفع الحصار عن غزة؟».
(أ ف ب، يو بي آي)