لم يحُل التفجير الانتحاري الدامي في العراق، الذي استهدف مسيرة حسينية بين محافظتي ديالى وبغداد أمس، دون مواصلة احتدام السجال السياسي، وخصوصاً في شقّه المتعلق باجتثاث مرشّحي الانتخابات المقبلة، وسط تجديد واشنطن إعرابها عن عدم رضاها عن آلية الاجتثاث، وهو ما يقدَّر أن يكون الموضوع الرئيسي على جدول أعمال نائب الرئيس طارق الهاشمي في واشنطن.وقُتل 54 شخصاً على الأقل، وأصيب 106 آخرون في تفجير انتحاري نفذته امراة بموكب حسيني في شمال شرق بغداد، كان أفراده متجهين إلى كربلاء لإحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين في الخامس من الشهر الجاري.
في هذا الوقت، جدّدت «الكتلة العراقية»، التي يرأسها إياد علاوي وتضم رموزاً سياسية صدرت بحقها قرارات منع من خوض انتخابات آذار المقبل، تحذيرها من أنها ستقاطع الانتخابات في حال استمرار إجراءات «هيئة المساءلة والعدالة». وأعلنت القائمة، في بيان، أنها «تعدّ إجراءات المساءلة والعدالة كأنها لا وجود لها، لأنها بالأساس فاقدة للشرعية والأساس القانوني، حسب اعتراف الرئاسات الثلاث». وجزم البيان بأنّ القائمة «متمسكة بمرشحيها، ولن تقدم أسماء بديلة، وستستخدم كل الخيارات، التي منها مقاطعة الانتخابات في حال استمرار إجراءات هيئة المساءلة والعدالة».
يُذكر أن «العراقية» تضم، إضافة إلى علاوي، صالح المطلك وطارق الهاشمي وظافر العاني ورافع العيساوي وسلمان الجميلي وعدداً من الشخصيات السياسية ذات الوزن المؤثر. ووصل الهاشمي، أحد أركانها، إلى واشنطن أمس، في زيارة رسمية تستغرق أياماً عدة تلبية لدعوة الرئيس باراك أوباما. وقال مصدر في المكتب الإعلامي لنائب الرئيس إنه «سيلتقي كبار المسؤولين الأميركيين لبحث المستجدات السياسية في العراق، ومنها ما يخص الانتخابات التشريعية المقبلة». وشملت دعوة أوباما كلاً من نائبي الرئيس الهاشمي وعادل عبد المهدي ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، من دون دعوة رئيس الحكومة نوري المالكي، ما أثار تساؤلات العراقيين الذين وضع بعضهم هذه الخطوة في إطار الاستعداد لما بعد حكم المالكي.
بالتزامن مع ذلك، حذا السفير الأميركي في بغداد، كريستوفر هيل، حذو نائب رئيس بلاده جوزف بايدن، عندما خرج عن صمته إزاء قرارات الاجتثاث، معترفاً بمسؤولية الحاكم الأميركي السابق بول بريمر عمّا يعانيه العراق حالياً بسبب قرارات «اجتثاث البعث» في عام 2003. وقال هيل، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، إن «العملية المستخدمة لشطب تأثير أشخاص مرتبطين بنظام صدام حسين أسيء تدبيرها، الأمر الذي يُلقي بظلاله على الانتخابات المقبلة». ورأى أنّ «قرار اجتثاث البعث لم يكن مدروساً»، مشيراً إلى أنه «قبل 5 أسابيع من الانتخابات، الناس الذين لا يعتقدون أن أخطاء ارتكبت، هم ببساطة لا يعرفون الكثير عمّا حدث على أرض الواقع. كنا نعرف أن قرار اجثتاث البعث يمثّل معضلة لا تزال مدعاة للقلق». وانتقد هيل تسليم «هيئة المساءلة» إلى أحمد الجلبي، لافتاً إلى أن «قرارات اتخذها غير العراقيين في ذلك الوقت، من ضمنها قرار تسمية أعضاء هيئة اجتثاث البعث، ربما لم تكن من القرارات الحكيمة». لكنه أعرب عن ثقته بأنّ «الهيئة التمييزية التي أقرّها البرلمان العراقي للنظر في الطعون التي يقدمها الممنوعون من خوض الانتخابات، ستعمل على حل هذه المشكلة».
وبلغت انتقادات هيل لـ«الهيئة» ذروتها، عندما أوضح أن «المشكلة تكمن في ما إذا كان لديها آليات منفتحة، وشفافية تامة للتعامل مع المسألة. أنا غير مقتنع بذلك حتى الآن».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)