تفجير جديد يضرب كربلاء: 140 قتيلاً وجريحاًبغداد ــ الأخبار
كل من يرى أنّ انتخابات السابع من آذار المقبل في العراق ستكون بالغة الأهمية في تقرير مصير هذا البلد، يعرف أنّ التطور الذي طرأ يوم أمس، والذي تجسّد بإلغاء قرارات «اجتثاث» المرشّحين المتهمين بالترويج لفكر حزب «البعث»، سيؤثّر جدياً في نتيجة العملية الاقتراعية.
قرار اتخذته هيئة التمييز التي ألّفها البرلمان، ألغت بموجبه مفاعيل قرارات «هيئة المساءلة والعدالة» القاضية بحرمان أكثر من 500 مرشح من حق الترشّح. خطوة مفاجئة ومتوقعة في آن.
مفاجئة، على الأقل بالنسبة إلى المعنيّين بـ«الاجتثاث» الذين لم يكن جزء كبير منهم يتوقّع صدوره بهذا الشكل، بدليل التصريحات التي أدلى بها أبرز «المجتثّين»، صالح المطلك، قبل ساعات من إعلان النبأ، والتي رأى فيها أنّ الضغوط الأميركية «غير كافية» لإبطال لائحة «المساءلة والعدالة». وهي مفاجئة أيضاً إذا استعاد المراقب مسار الأمور منذ أكثر من شهرين، التي كانت توحي أنّ حكام بغداد مصرّون على قرارهم بخوض الانتخابات في ظل غياب عدد من المنافسين الجديين، بدليل تسريب رئيس «هيئة المساءلة والعدالة» أحمد الجلبي، ما مفاده أنه ينوي إصدار قائمة جديدة بحق بعثيين قد يصل عدد أعضائها إلى 600 ألف اسم، من مواطنين وعسكريين وسياسيين.
لكنّ النبأ يراه البعض الآخر غير مفاجئ بتاتاً، نظراً لعدد من المعطيات الداخلية والخارجية. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى الموقف الأميركي الذي رفض، منذ اللحظة الأولى، قرارات «المساءلة والعدالة»، لما لها من تداعيات على التركيبة السياسية وموازين القوى التي تعمل واشنطن على إرسائها، بما أنّ العنوان الرئيسي لقرارات «الاجتثاث» كان إقصاء وجوه عربية سُنيّة بارزة في العملية السياسية، على يد «هيئة» هي عبارة عن «لعبة بيد إيران»، على حد تعبير كل من نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن وقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال دايفيد بترايوس والسفير الأميركي في بغداد كريستوفر هيل.
أما داخلياً، فالجهود التي استشعرت خطراً من قرارات «الهيئة»، كانت كثيرة، وسارعت إلى الضغط في سبيل إزالة فتيل التوتر الذي أحدثته لائحة «الاجتثاث». هكذا أجدت القمة التي جمعت، غداة زيارة بايدن إلى بغداد، كلاً من أعضاء مجلس الرئاسة ورئيسي الحكومة والبرلمان، في إيجاد مخرج للأزمة، عنوانه هيئة تمييز برلمانية كان صاحب فكرتها الرئيس جلال الطالباني. هيئة تنظر في قرارات «المساءلة والعدالة».
وكانت المفوضية العليا للانتخابات قد أعلنت أن الهيئة التمييزية التي تنظر بالطعون المقدمة من المستبعَدين من الانتخابات، ألغت قرارات هيئة «المساءلة والعدالة»، وسمحت للأشخاص والكيانات المستبعَدة بالمشاركة في الانتخابات، ما عدا الذين قدموا بدلاء منهم، على أن تنظر في ملفاتهم بعد عملية الاقتراع. قرار لاقى ترحيباً من «الجبهة العراقية للحوار الوطني»، التي يتزعمها المطلك. وقال المتحدث باسمها حيدر الملا إنّ هذا القرار «يبعث على الارتياح ويؤكد أن قرارات هيئة المساءلة والعدالة كانت غير دستورية».
بات من الجائز القول إنّ الحملة الانتخابية انطلقت فعلياً أمس. حملة يرى عدد من المراقبين العراقيين أنّها لن تكون لمصلحة رئيس الحكومة نوري المالكي الذي «غطّى» قرارات «الاجتثاث» طوال الشهرين الماضيين، ما سيجرّده من جزء كبير من الشعبية العربية السُّنية، وهو الساعي إلى تقديم نفسه وائتلافه الانتخابي، «دولة القانون»، بمظهر ليبرالي عابر للطوائف. ومن شبه المؤكّد أنّ الضحايا السابقين لـ«المساءلة والعدالة» نالوا حقنة دعم سيحسنون استغلالها من الآن حتى موعد الاستحقاق الانتخابي، وتحديداً في اللائحتين اللتين ضمتا أكبر عدد من أسماء «المجتثين»: «الكتلة العراقية» التي يقودها إياد علاوي والمطلك والمجتث الآخر نصير العاني، إضافة إلى نائب الرئيس طارق الهاشمي، الذي يُعتقَد أنّ وجوده في واشنطن منذ يومين أسهم في «طبخ» قرار اللجنة التمييزية. واللائحة الثانية التي يرجَّح أنها ستنال «تعاطف» العراقيين

الجلبي ينوي إصدار قائمة جديدة بحق بعثيين قد يصل أعضاؤها إلى 600 ألف
على حساب المالكي، هي التي يقودها وزير الداخلية جواد البولاني، أبرز منافسي المالكي على موقع رئاسة الحكومة، إضافة إلى علاوي ومرشح «المجلس الأعلى الإسلامي»، نائب الرئيس عادل عبد المهدي. غير أنّ صمت عبد المهدي وائتلافه (الائتلاف العراقي الوطني الموحَّد) إزاء قضية «الاجتثاث»، إضافة إلى الخلاف العلني العائد حديثاً بين التيار الصدري و«المجلس الأعلى»، قد يُضعف بدوره «الائتلاف الموحَّد» لمصلحة التيارات التي لا تغطّي نفسها برداء الطائفية، كلائحتي علاوي والبولاني، إلا إذا أعطت التفجيرات التي تستهدف منذ أيام، زوار الحسين من المصلين الشيعة، وآخر مسلسلاتها في كربلاء أمس، نتيجتها في إعادة اللحمة إلى الأحزاب الدينية في صناديق الاقتراع.
وفي السياق، تعرّض زوّار الحسين، الذين يحيون ذكرى أربعين واقعة كربلاء غداً، لتفجير جديد بالقرب من المعهد الفني في كربلاء، ما أدى إلى مقتل أكثر من 20 وجرح 117.