strong>ضمّن الرئيس السوري بشار الأسد، مقابلته مع الصحافي الأميركي سيمور هيرش، سلسلة من المواقف، تراوحت بين الوضع في لبنان، مروراً بعملية السلام، وصولاً إلى ملفي العراق وإيران، وقد حرص على إبداء تفاؤل حذر بالإدارة الأميركيّة الجديدة، ربطه بتعاون مشروط
شدّد الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلة مع الصحافي سيمور هيرش في مجلّة «نيويوركر» أمس، على أن الوضع في لبنان لن يستقر ما لم «يغيّروا النظام برمّته»، مؤكداً أنه لا كميّة من الطائرات أو السلاح قادرة على حماية إسرائيل، وأن السلام وحده يحميها.
ورأى الأسد، بحسب هيرش الذي قال إن المقابلة أجريت في الشتاء، أن «الوضع في لبنان غير مستقر، والحرب الأهلية يمكن أن تبدأ خلال أيام، هي لا تأخذ أسابيع أو شهوراً، يمكن أن تبدأ هكذا. لا أحد يمكنه أن يطمئن حيال أي شيء في لبنان، إلا إذا غيروا النظام برمته».
وعن عملية التفاوض مع إسرائيل، شدّد الرئيس السوري على أهمية حل مشكلة اللاجئين من خلال قوله: «لدي نصف مليون فلسطيني وهم يعيشون هنا (في سوريا) منذ ثلاثة أجيال. وإذا لم تجد حلاً لهم، فعندها أي سلام ستتحدث عنه؟».
وميّز الأسد بين السلام واتفاقية السلام. وقال إن «اتفاقية السلام هو ما توقّعه، بينما السلام هو عندما يكون لديك علاقات طبيعية. وهكذا، فانت تبدأ باتفاقية سلام من أجل تحقيق السلام». وتابع: «إذا قالوا إنكم تستطيعون أن تستعيدوا كل الجولان، فسنوقع اتفاقية سلام. لكن لا يمكنهم أن يتوقعوا مني أن أعطيهم السلام الذي يتوقعونه. نبدأ بالأرض. ولا نبدأ بالسلام».
وسخر الأسد من الطاقم السياسي الإسرائيليي الحالي. وقال: «تحتاج إلى معجم خاص لفهم مصطلحاتهم. ليس لديهم أي من الجيل القديم الذي كان يعلم ماذا تعني السياسة مثل (إسحق) رابين وغيره»، مشيراً إلى أن تصرفاتهم طفولية «لهذا أقول إنهم كالأطفال يتعارك بعضهم مع بعض، ويعبثون بالبلاد، لا يعلمون ماذا يفعلون».
وتحدث الرئيس السوري عمّا فعله الإسرائيليون في فلسطين. وقال: «أرادوا أن يدمروا حماس في الحرب وأن يجعلوا (الرئيس الفلسطيني محود عباس) أبو مازن قوياً في الضفة الغربية. لكنهم أضعفوا أبو مازن وجعلوا من حماس أقوى». وتابع: «الآن يريدون تدمير حماس. لكن ما هو البديل لحماس؟ إنه تنظيم القاعدة. ليس لديه (التنظيم) زعيم يمكن أن تتحدث معه، أو أن تتحدث عن أي شيء. هم (القاعدة) ليسوا مستعدين للحوار، هم فقط يريدون أن يموتوا في الميدان».
وعن العلاقات الأميركية الإسرائيلية، قال الأسد إن «الانحياز والوقوف إلى جانب إسرائيل هو أمر تقليدي بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ولا نتوقع منهم أن يكونوا في الوسط قريباً». وأضاف: «يمكننا التعامل مع هذه المسألة، ويمكننا أن نجد سبيلاً إذا أردتم الحديث عن عملية السلام». لكنه لفت إلى أن «الرؤية لا تبدو واضحة على الجانب الأميركي لجهة ماذا يريدون أن يحصل حقاً في الشرق الأوسط».
وتحدث الأسد عن الجهود الشخصية للمبعوث الأميركي للشرق الأوسط، جورج ميتشل، مشيراً إلى أنه لن ينجح في مهمته. وقال «أخبرته: كنت جيداً في إيرلندا، ولكن هذا الوضع مختلف. ميتشل حريص على النجاح، ويريد أن يفعل شيئاً جيداً، لكنني أقارن مع الوضع في الولايات المتحدة: الكونغرس لم يتغير، لكن الجو بالإجمال ليس إيجابياً بالنسبة إلى الرئيس عموماً، ولهذا اعتقد أن مبعوثه لن ينجح».
وتطرق الأسد إلى انتقادات بعض السياسات الإسرائيليّة خلال مؤتمر «جي ستريت». وقال «إن هذا شيء جديد، لكن يجب أن نعلمهم أنهم إذا كانوا قلقين على إسرائيل، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحمي إسرائيل هو السلام، ولا شيء غيره. ليس ثمة كمية من الطائرات الحربية أو السلاح يمكن أن تحمي إسرائيل، لذا عليهم أن ينسوا هذا».
وفي الملف الإيراني، رأى الرئيس السوري أن فرض عقوبات على إيران هو مشكلة «لأنهم (الإيرانيين) لن يوقفوا البرنامج النووي، بل سيسرعونه. ويمكنهم أن يخلقوا مشاكل للأميركيين أكثر مما إذا كانت الأمور عكس ذلك». وتابع: «إذا كنت أنا (الرئيس الإيراني محمود) أحمدي نجاد، فلن أتخلى عن كل اليورانيوم، لأنه ليس لدي ضمانات. لذا، الحل الوحيد هو أن يرسلوا لك جزءاً منه، في مقابل أن تعيد إرسال الجزء المخصب، وبعدها يعيدون إرسال الجزء الآخر». ونصح أوباما بقبول «العرض الإيراني لأنه جيد جداً وواقعي جداً».
وشبّه الأسد الأوروبيين بساعي البريد، في انتقاد لموقفهم من مبادرة المفاوضات النووية الإيرانية. وقال إنها «ليست مبادرة أوروبية، بل مبادرة (الرئيس الأميركي السابق جورج) بوش التي تبناها الأوروبيون. الأوروبيون كساعي البريد، هم سلبيّون بالكامل، وقد أخبرتهم بذلك. أخبرت الفرنسيين عندما زرت باريس».
وعن المسألة العراقية والتعاون مع الأميركيين، قال الأسد «إنهم (الأميركيين) يتحدثون فقط عن الحدود، وهذه طريقة تفكير ضيقة جداً. لكننا قلنا نعم. عندما أتى ميتشل قلت له إن هذه هي الخطوة الأولى، وعندما نجد شيئاً إيجابياً من الأميركيين سننتقل إلى المستوى الثاني». وأضاف: «أرسلنا مبعوثنا إلى الحدود، لكن العراقيين لم يأتوا. والسبب أن (رئيس الحكومة العراقية نوري) المالكي كان ضدها. وفي الوقت الحالي لا يوجد شيء، لا تعاون على أي شيء، ولا حوار جدياً».

لا كمية من الطائرات الحربية أو السلاح يمكنها أن تحمي إسرائيل
وفي وصفه للرئيس الأميركي الجديد، قال الأسد إن أوباما تسلّم كرة كبيرة من النار من سلفه جورج بوش. وأضاف: «هي تشتعل، داخلياً ودولياً، لكن أوباما لا يعرف كيف يلتقطها». ورأى أن المقاربة الأميركيّة اختلفت، فـ«لا مزيد من الإملاءات، بل الاستماع، واعتراف أكثر بالمشاكل الأميركية حول العالم، وخصوصاً في أفغانستان والعراق». لكن في الوقت نفسه، يرى الأسد أنه لا نتائج فعلية: «ما هو لدينا فقط الخطوة الأولى، ربما أنا متفائل حيال أوباما، لكن هذا لا يعني أنني متفائل حيال المؤسسات الأخرى التي تؤدي دوراً سلبياً أو تشلّ دور أو أدوار أوباما».
ويشير هيرش، في بداية مقاله، إلى أن نصّ المقابلة الذي قدّمه مكتب الأسد كان دقيقاً، لكنه لم يتضمن الحديث عن تجديد سوريا مشاركتها المعلومات الاستخبارية عن الإرهاب مع وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» ومع الاستخبارات البريطانية «أم آي 6»، بعد طلب حمله ميتشل من أوباما. وأشار هيرش إلى أن الأسد وافق على طلب أوباما، لكنه حذر ميتشل من أنه «إذا لم يحصل شيء من الطرف الآخر (من الناحية السياسية)، فسوف نوقف الأمر».
(الأخبار)


عامان وقت غير كافٍوتطرق الرئيس السوري إلى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وأشار إلى أن البعض يقول إنها «لا تدعم أوباما. والبعض يقول إنها لا تزال تطمح كي تكون رئيساً يوماً ما، هذا ما يقولونه». وانتقد مؤتمرها الصحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ورأى أنها «بدت أنها تبتعد عن موقف إدارة أوباما بتجميد الاستيطان. كان سيئاً جداً، وحتى لصورة الولايات المتحدة».