غابت هموم الموت اليومي، الذي رافق الأيام الأخيرة لإحياء الذكرى الأربعين لموقعة كربلاء، عن أرباب العملية السياسية العراقية، لتنحصر مواقفهم وتصريحاتهم وحملاتهم بقضية «اجتثاث» المرشحين من انتخابات آذار المقبل، وسط استفاقة الحكومة ورئيسها على التعبئة ضدّ الولايات المتحدة.وأعلن رئيس الوزراء نوري المالكي، في اجتماع طارئ للهيئة السياسية لائتلافه «دولة القانون» أمس، عدم السماح للسفير الأميركي، كريستوفر هيل، بتجاوز مهامه الدبلوماسية.
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء إن الاجتماع «عُقد لتدارس قرار الهيئة التمييزية بشأن إعادة المبعدين عن الانتخابات البرلمانية، والضغوط السياسية والتدخلات التي مارستها بعض الجهات على الهيئة التمييزية، بما شكل تجاوزاً على السيادة الوطنية». ونقل البيان عن المالكي تأكيده «وجوب الالتزام بتنفيذ قانون المساءلة والعدالة وفق السياقات القانونية وعدم تسييسه من جهات داخلية أو أجنبية».
وعن الدور الأميركي في قرار الهيئة التمييزية، الذي قضى بإلغاء قائمة «المجتثّين» للنظر فيها بعد السابع من آذار المقبل، قال المالكي «لا نسمح للسفير الأميركي كريستوفر هيل بتجاوز مهامه الدبلوماسية».
وفي السياق، حثّ النائب عن حزب «الفضيلة» صباح الساعدي، الذي يشغل موقع رئيس لجنة النزاهة في البرلمان، وزارة خارجية بلاده على استدعاء السفير الأميركي «وإيقافه عند حدوده الدبلوماسية التي يجب أن يلتزم بها، وألا يتعدى ذلك وفق الأعراف الدبلوماسية، وإذا استمر بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، فعلى الحكومة العراقية طرده من العراق».
وكانت واشنطن قد رحّبت أول من أمس، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي، بالسماح لمئات المرشحين بالمشاركة في الانتخابات بعد منعهم من ذلك، واصفة ذلك بأنه «خطوة مفيدة جداً».
إلا أنّ السفارة الأميركية في بغداد نفت الاتهامات الموجهة إليها بالوقوف وراء إصدار قرار الهيئة التمييزية القضائية بشأن إيقاف العمل بقرارات هيئة «المساءلة والعدالة»، محذرة، في الوقت نفسه، من تدخّل بعض الدول الإقليمية في الانتخابات المقبلة.
وقال هيل إن بلاده «لم تتدخل في عمل القضاء العراقي لإصدار قرار الهيئة التمييزية القضائية بشأن إجراءات هيئة المساءلة والعدالة»، مشيراً إلى أن قرار الهيئة «قضائي وصادر عن محكمة وقاض عراقي وليس سياسياً».
إلى ذلك، حث نائب الرئيس طارق الهاشمي، الذي لا يزال يزور واشنطن، على احترام قرار «التمييزية»، كاشفاً عن أنه ناقش مع الرئيس باراك أوباما ما «إذا رأى العراقيون أنّ الانتخابات غير شرعية، فإن ذلك قد يؤدي إلى العنف». وأضاف «الشعور بالمرارة قد يتحول إلى غضب ولا أعرف عواقب ذلك، لكنها قد تكون خطيرة فعلاً».
ونبّه الهاشمي إلى أن دولاً أجنبية، بينها الولايات المتحدة، «قد لا تعترف بنتيجة الانتخابات» إذا استُبعد مكوّن عراقي أساسي منها بحجّة الترويج لحزب «البعث».
ولا يزال تولّي البرلمان قضية الفصل بين قراري «المساءلة والعدالة» من جهة، و«الهيئة التمييزية» من ناحية أخرى، غير محسوم، في ظل دعوة المالكي إلى جلسة استثنائية غداً الأحد، ورفض رئيس مجلس النواب إياد السمرائي توجيه مثل هذه الدعوة.
في هذا الوقت، ولليوم الثالث على التوالي، تعرّض موكب الزوار الذين وفدوا إلى مدينة كربلاء لإحياء أربعينية الإمام الحسين، لهجوم بقذيفة هاون، أسفر عن مقتل 41 وإصابة 144 زائراً. ووقع الانفجار ظهراً عندما بدأ أكثر من مليون زائر بمغادرة المدينة، عند قنطرة السلام على المدخل الشرقي لكربلاء.
وقال محافظ كربلاء، آمال الدين الهر، إن القذيفة سقطت في قنطرة السلام على بعد ثلاثة كيلومترات شرق المدينة، متهماً تنظيم «القاعدة» وأنصار حزب «البعث» المنحلّ بارتكاب هذا الاعتداء.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)