h1>نتنياهو يتودد لدمشق: لنتفاوض... بلا شروطواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سعيه إلى التخفيف من حدة التوتر التي سببتها تهديدات وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان لسوريا ورئيسها، وأكد استعداد إسرائيل لإجراء مفاوضات مع دمشق من دون الالتزام المسبق بالانسحاب من الجولان

علي حيدر
أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع بدء جلسة الحكومة الأسبوعية أمس، أن «إسرائيل تتجه نحو السلام وتطمح إلى عقد اتفاقات مع كافة جيرانها»، لافتاً إلى أن تل أبيب حققت ذلك مع مصر والأردن «ويمكن تحقيقه أيضاً مع سوريا والفلسطينيين».
لكن نتنياهو عبّر عن تمسكه بمواقفه السابقة، وكرر تأكيده رفض الالتزام بمبدأ الانسحاب إلى حدود عام 1967، واشتراط إجراء المفاوضات من دون شروط مسبقة، التي تعني بالنسبة إليه «تقديم تنازلات كبيرة من جانب إسرائيل، وهو أمر غير مقبول علينا»، مبرراً ذلك بالقول إنه «لا يمكننا الدخول في مفاوضات حينما يكون كل شيء معروفاً مسبقاً».
واشترط نتنياهو أيضاً التوصل إلى ترتيبات أمنية في إطار أي اتفاق يجري التوصل إليه انطلاقاً من «أن أي اتفاق من هذا النوع، من دون ترتيبات أمنية، لن يكتب له الصمود». وأوضح أن «إسرائيل تريد اتفاقات سلام تصمد لعشرات السنوات والأجيال»، معرباً عن أمله بالبدء قريباً في المفاوضات مع الفلسطينيين وإجرائها مع سوريا.
بدوره، تجنّب وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان، تكرار تهديداته لسوريا خلال مقابلة مع القناة الأولى، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن تمسكه بما سبق أن قاله. وشدد ليبرمان على أنه «لا يندم على الشكل ولا على الصيغة» التي تحدث بها، مشيراً إلى أن السوريين تجاوزوا خطوطاً حمراء بما لم يسبق له مثيل عندما هددوا باستهداف المراكز السكانية. وأضاف أن «ما قيل، قيل في توقيت سليم وبالقدر السليم». وتساءل عمّا جنت إسرائيل من «كل سياسة الانبطاح» التي اتبعتها.
وفي الإطار نفسه، لفتت صحيفة «معاريف» إلى وجود نوع من التراجع في حدّية موقف ليبرمان بقوله: «ينبغي الفهم أننا لا نبحث عن مواجهة مع سوريا ولا عن احتكاك». ونقلت معاريف أيضاً عن وزير رفيع المستوى في المجلس الوزاري المصغر، قوله إن وزير الدفاع إيهود باراك أقنع نتنياهو بإمكان التوصل إلى اختراق في المفاوضات مع سوريا خلافاً لما هو حاصل في المفاوضات مع الفلسطينيين التي وصلت إلى طريق مسدود.
وانضم رئيس الشعبة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع، اللواء عاموس جلعاد، إلى مساعي نشر أجواء التهدئة. وقال، في برنامج تلفزيوني على القناة الثانية، إنه ليس لإسرائيل نيات هجومية ومن غير المتوقع نشوب حرب، لافتاً إلى أنه «ليس لسوريا أو حزب الله مصلحة في فتح حرب مع إسرائيل».
وعبّر جلعاد عن تأييده لفكرة «دراسة استئناف المفاوضات بين إسرائيل وسوريا التي تؤدي دور الجسر بين إيران وحزب الله»، مشيراً إلى أن «السلام مع سوريا يمكن بالتأكيد أن يساعد في تعزيز أمن إسرائيل».
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن جذور الشر ليست في ليبرمان، بل في خدعة مقولة أن «وجهتنا للسلام». وأكدت أن إسرائيل غير معنية حقاً في الوصول إلى السلام مع سوريا بثمن الانسحاب من الجولان، وأن فرضية العمل الإسرائيلية هي أنه لا حاجة مستعجلة لإدارة مفاوضات مع دمشق، لأنها لا تمثّل بذاتها تهديداً عسكرياً لإسرائيل وأن مكانتها في المنطقة لا تسمح لها بتجنيد دول عربية أخرى لشنّ حرب شاملة. وأضافت الصحيفة: «إنهم في إسرائيل يرون أنّ بالإمكان تهديد سوريا من دون أن تتعرض لأذى». ولفتت إلى أن سوريا «أسهمت» في هذا المفهوم الإسرائيلي من خلال محافظتها لعشرات السنين على حدود هادئة، مشيرة إلى أنه «لا سبيل لإقناع الجمهور في إسرائيل، الذي لا يفهم سوى لغة الكاتيوشا والقسام، بأن سوريا هي تهديد عليه، وبالتالي ينبغي أن يفكك ولو كوخاً واحداً في الجولان».
لكن الصحيفة عادت وأوضحت أن سوريا تحتفظ بذخر آخر لا تعترف به إسرائيل، وهو أن «السلام معها ينطوي على إمكان تغيير استراتيجي في مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط والعالم، انطلاقاً من أن سوريا دولة أساسية في محور جديد يتطور في الشرق الأوسط، يضم تركيا، إيران، السعودية والعراق. العمود الفقري لهذا المحور هو التعاون الاقتصادي، الأمني والسياسي، الذي يتطلع للحلول بدلاً من المحور القديم لمصر ـــــ السعودية ـــــ الأردن».
وانتقدت «هآرتس» إسرائيل التي «تنظر إلى المنطقة بمناظير تكتيكية، فهي تحصي الصواريخ التي لدى حزب الله أو البراميل المتفجرة التي تستخدمها حماس، وتحسب عدد السجناء الذين سيحررون في صفقة شاليط، فيما هي عمياء عن التهديد الأمني المحدق بها، لأنها لا تنظر إلى السياقات الاستراتيجية التي تجري في المنطقة».
ورأت «هآرتس» أنه «بسبب هذا الواقع، المطلوب سياسي، لا كوميدي، يمكنه أن يؤهل القلوب في إسرائيل للاعتراف بأنّ السلام مع سوريا لا يعني تناول الحمص في دمشق، بل إنه مصلحة وجودية لا تقل أهمية عن منع إيران من امتلاك قدرات نووية، وإن على إسرائيل أن تكفّ عن دور «الأزعر» الذي يقول: أمسكوني».