لم تكن ردود الفعل الإسرائيلية مفاجئة على خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي لم يكن مفاجئاً أيضاً للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. واستمراراً للسياسة الإسرائيلية التي تواصل ابتزاز رئيس السلطة بهدف دفعه إلى تقديم المزيد من التنازلات، لم يقبل القادة الإسرائيليون على اختلاف توجهاتهم مجرد التلويح والاعتراض من قبل أبو مازن على سياسات القمع والمجازر والتسويف، التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية، فضلاً عن التوسع الاستيطاني الذي ينهي عملياً مشروع الدولتين.
وعلى الرغم من أن الرئيس الفلسطيني أثبت مراراً وتكراراً تمسكه بخيار التسوية في مقابل كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بما فيها الموسومة بالحكومات اليمينية، لكن ذلك كله لم يشفع له، ويحول دون توجيه الاتهامات القاسية له على لسان أكثر من زعيم إسرائيلي.
ورداً على خطاب عباس أمام الأمم المتحدة، اتهم مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني بالكذب والتشجيع على التحريض، معتبراً أن هذا الخطاب بمثابة «كارثة في الشرق الأوسط». وزعم نتنياهو من خلال بيان مكتبه، أنه «على عكس الفلسطينيين، إسرائيل تحافظ بدقة على الوضع القائم في الحرم القدسي، وهي ملتزمة مواصلة الحفاظ عليه وفق الاتفاقات مع الأردن والأوقاف الإسلامية». ومع أن أجهزة الشرطة تمارس القمع الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة، دعا مكتب نتنياهو السلطة ورئيسها إلى «تحمل المسؤولية والاستجابة لاقتراح رئيس الحكومة الإسرائيلية والذهاب نحو مفاوضات مباشرة مع إسرائيل دون شروط مسبقة». وأضاف مكتب نتنياهو أن عباس لم يستجب لدعوات رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يشكل دليلاً جيداً على أن وجهته ليس اتفاق السلام.

وصف أفيغدور ليبرمان، خطاب عباس، بأنه أجوف وينطوي على المزيد من التهديدات الفارغة

من جهته، أثبت رئيس المعارضة الإسرائيلية ورئيس «المعسكر الصهيوني»، يتسحاق هرتسوغ، أنه في المحطات الأساسية في مواجهة الفلسطينيين تتماهى وتتقاطع مواقف القادة الإسرائيليين، وهو ما برز في كلام الأخير عندما اتهم أبو مازن بأن حديثه عن الفصل العنصري «مشوِّه ومشوَّه ويخدم المتطرفين في الشعبين». مع ذلك لم ينسى هرتسوغ أيضاً أن يوظف موقفه في سياق التنافس الداخلي عندما اعتبر أيضاً أن عباس ونتنياهو قائدان يخافان من اتخاذ قرارات حاسمة ويدفعان نحو مزيد من الدماء والكراهية.
وأضاف هرتسوغ أنه بدلاً من استغلال فرصة نادرة في الشرق الأوسط لإنتاج تحالف مع دول معتدلة، يغرق نتنياهو وعباس في الخطابات بدون أي أعمال. ورأى أنه ينبغي قول الحقيقة بأنه «لا يوجد قيادة، وفقط خطابات، وكلام وتهديدات».
من جهته، وصف رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، عضو الكنيست، أفيغدور ليبرمان، خطاب عباس، بأنه أجوف وينطوي على المزيد من التهديدات الفارغة من قبل «المحرض والمنافق الكبير أبو مازن». وأضاف ليبرمان أنه «مثلما كانت تهديداته السابقة بإلقاء «قنبلة» بخطابه فارغة وكاذبة، هكذا أيضاً أقواله ضد إسرائيل». وتابع أنه «في كل فترة رئاسته للسلطة الفلسطينية كان أبو مازن ولا يزال محرضاً ضد إسرائيل واليهود، وكلما أخلى منصبه، الذي يتبوأه بصورة غير ديموقراطية وغير شرعية، مبكراً فإنه حسناً سيفعل».
إلى ذلك، رأى رئيس «البيت اليهودي» ووزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، أن «أبو مازن عاد إلى أيامه الجيدة كمن ينفي المحرقة، بخطاب يعيد فيه كتابة التاريخ من جديد، ويدعو إلى إطلاق سراح قتلة نساء ورجال وأولاد يهود».
وأضاف بينيت أنه «في الفترة التي تواجه فيها أوروبا موجة لاجئين، الشرق الأوسط يشتعل ويتفكك، وأبو مازن أيضاً سيرحل وسيتذكرونه كإرهابي آخر في سماء التاريخ، وحتى أنه ليس الأنجح بينهم».