واشنطن ــ محمد سعيدخاص بالموقع - أظهرت دراسة اقتصادية نشرتها يوم الجمعة كلية الأعمال بجامعة ليدز البريطانية المرموقة، أن ليبيا وأوكرانيا ورومانيا سوف تتصدر قائمة شركاء بريطانيا التجاريين التي تتجه إليها الصادرات البريطانية والتي كانت تقليدياً تتجه نحو أوروبا الغربية.
وعزت الدراسة ذلك إلى التغيّر الذي طرأ على علاقات بريطانيا مع شركائها التجاريين بفعل الأزمة المالية التي اجتاحت العالم وخاصة الغربي.
وتتناول الدراسة التي موّلها المجلس البريطاني للتجارة والاستثمار قائمة بـ52 بلداً التي تمنح الشركات البريطانية أفضل الفرص قبل أزمة الائتمان المالي وبعدها، وتقدم نظرة ثاقبة لما يجب أن يكون عليه الاستثمار البريطاني واستثمار الوقت والموارد لتطوير الأعمال التجارية الدولية.
وتشير الدراسة إلى أنه ما بين عامي 2005 و2007 فإن أبرز البلدان التي قدمت أفضل الفرص كانت في معظمها البلدان العشرة الراسخة في شراكتها التجارية مع بريطانيا، وهي حسب الترتيب: الولايات المتحدة، ألمانيا، فرنسا، إيرلندا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا، الصين واليابان.
وبعد خمس سنوات، فإن المراكز الاقتصادية للصين والهند والولايات المتحدة لا تزال مهيمنة. غير أن العالم قد طرأ عليه تغيير، فإلى جانب البلدان العشرة التي تم ذكرها فقد بدأت الاقتصادات الناشئة في أوروبا الشرقية والشرق الأقصى وأفريقيا بمشاركة الدول العشر بالهيمنة.
وترى الدراسة أنه في الفترة ما بين 2012 و2014 فإن الدول العشر الجديدة هي حسب الترتيب: الصين، الهند، ليبيا، أوكرانيا، روسيا، رومانيا، كوريا، المكسيك، سنغافورة والسويد التي تعدّ الدولة الأوروبية الوحيدة في هذه المجموعة لتحتل المرتبة العشرين، فيما ستتراجع مرتبة شركاء بريطانيا الأوروبيين تراجعاً حاداً، حيث ستحتل ألمانيا المرتبة 30 وفرنسا 34، إيرلندا 42، هولندا 37، بلجيكا 44، إسبانيا 47 وإيطاليا 46.
وتسلّط هذه النتائج الضوء على التحول الذي يحدث في الاقتصاد العالمي، حيث اقتصادات البلدان التي لا تملك الشركات البريطانية تمثيلاً قوياً فيها قد بدأت في النمو بسرعة أكبر.
وقال وزير التجارة واستثمار الأعمال الصغيرة البريطاني لورد ديفيس إن «أنماط التجارة آخذة في التغير في جميع أنحاء العالم، والشركات البريطانية مضطرة إلى التكيف. لقد زرت العديد من الشركات البريطانية، وكثير منها مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم، التي شهدت تحولاً في أعمالها من خلال التصدير.
وقال البروفسور بيتر باكلي من مركز التجارة الدولي بجامعة ليدز الذي ترأّس الفريق الذي أعدّ الدراسة «إن نتائج هذه الدراسة تثير العجب حقاً وتظهر مدى سرعة التغير الذي أصاب العالم في أعقاب التراجع عقب الأزمة المالية العالمية». وأضاف «لم نكن نتوقع أن نرى بعض جيراننا الأقرب والشركاء التجاريين، مثل فرنسا، ألمانيا وإسبانيا يجري استبدالهم كمواقع تجارية رئيسية بدول من الكتلة الشرقية السابقة مثل أوكرانيا ورومانيا خلال خمس سنوات فقط». وقال «ربما من غير المستغرب أن تتزايد أهمية الصين والهند بالنسبة إلى التجارة البريطانية، لكني أعتقد أن مصر وباكستان لديهما إمكانية لأن يكون لهما دور أكبر في الشركات البريطانية العامة أكثر من كندا والسعودية».
وتشير الدراسة إلى أن البلدان الصناعية المثقلة بالديون وارتفاع نسبة البطالة سوف تتعافى ببطء من الأزمة المصرفية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تعاني أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم وانخفاض ثقة المستهلك، فإنه لا يزال من المحتمل أن تجذب أعداداً كبيرة من رجال الأعمال البريطانيين. ومن المرجح أن تكافأ الشركات البريطانية التي تركز على الأسواق الناشئة في آسيا.
وتخلص الدراسة إلى أن بلداناً، بما فيها ليبيا ومصر وأوكرانيا ورومانيا، هي بين تلك البلدان التي سوف تصبح أكثر أهمية بالنسبة إلى الشركات البريطانية في المستقبل. وهي تعاني حالياً من الآثار المجتمعة لعدم الاستقرار في أسواق رؤوس المال العالمية (التي أعاقت بشدة الوصول إلى التمويل الخارجي)، وانخفاض الطلب على الصادرات (من البلدان الصناعية خصوصاً) وانخفاض في أسعار السلع الأساسية (ولا سيما بالنسبة إلى الطاقة). ومع ذلك فمن المتوقع أن يتعافى بمعدل أسرع بالنسبة إلى ااقتصادات البلدان الأكثر تقدماً.