مهدي السيّدأعطت الصحف الإسرائيلية، أمس، انطباعاً واضحاً عن وقوف جهاز «الموساد» الإسرائيلي وراء اغتيال المسؤول في حركة «حماس»، محمود المبحوح، من خلال المديح الذي أغدقته على منفّذي العملية، والتوقف بإعجاب كبير أمام «المهنية العالية» التي ميّزت أداء المشاركين فيها، في ظل تجاهل شبه تام للفشل الكبير الذي يلامس حدّ الفضيحة، والذي مُني به «الموساد» جرّاء الكشف السريع عن هوية المنفذين وأساليبهم، إذ إنه من البديهي القول إن سلامة عملية الاغتيال التي ينفذها أي جهاز أمني، تتصدّر سلّم الأولويات، وهذه السلامة تشمل هوية الفريق المنفّذ، والأساليب الأمنية والتقنية والفنية التي استُخدمت خلال التنفيذ، وأنه لا يكفي في هذا المجال التغنّي بمجد «تصفية الهدف»، وخصوصاً إذا كان الهدف يتحرك من دون أي حماية.
من هنا، تطرح المقاربة الإعلامية الإسرائيلية علامات استفهام كثيرة، أهمها التجنّد التام للثناء على «الموساد» وفريق عمله، والتوقف عند بعض مسلّمات العمل الأمني وتصويرها كإنجازات تلامس حدّ الأسطورة، ومنها على سبيل المثال، الحديث عن وصول أعضاء فريق الاغتيال، على شكل مجموعات متفرقة، ومن دول مختلفة، وتصوير هذا الإجراء بأنه عمل نوعي، كأن المطلوب أن يكون وصول الفريق على غرار وصول فريق لكرة قدم.
وكان لافتاً أيضاً تعامل وسائل الإعلام الإسرائيلية، عموماً، مع الصور التي عُرضت عن عملية الاغتيال، كما لو أنها تُنشر بقرار إسرائيلي، متجاهلة حقيقة أن مجرد نشرها يعكس الخلل الأمني الكبير عند الجهة التي تقف وراء الاغتيال، خلل يمكن وصفه بالفضيحة الأمنية بكل معنى الكلمة.
وفي تعليقها على الصور، قالت صحيفة «هآرتس» إن الصور تذكّر بـ«أسلوب الموساد». وكتب معلّق الشؤون الأمنية في «هآرتس»، يوسي ملمان، أن الصور مثيرة للاهتمام، لأنها تدل على سلوك مهني من قبل فريق الاغتيال. وقال إن «الصور التي عرضتها شرطة دبي تذكّر بأساليب عمل الموساد، وهي تشير إلى نجاح جزئي لعملية الاغتيال، لكن من شأنها أن تفضي إلى كشف هوية منفّذي الاغتيال»، مشيراً إلى أنه «كان من الواضح سلفاً للجهة التي تقف خلف الاغتيال أنه في العصر الذي يمثّل فيه الإرهاب خطراً عالمياً، فإن الاستعدادات المضادة ستكون واسعة جداً».
وعلى هذا الأساس، يلفت ملمان إلى أن منفّذي الاغتيال كانوا مستعدين لهذا الاحتمال، ولذلك بذلوا كل جهد ممكن للتمويه. ومع ذلك، يقول ملمان إنّ «من الواضح للجميع أنه حتى إذا حصلت شرطة دبي من الأنتربول على المعلومات التي طلبتها للمساعدة في تشخيص هوية حاملي جوازات السفر، فإن الأسماء ستكون وهمية، كذلك فإن جوازات السفر مزيفة، وبالتالي لن تساعد هذه المعلومات في التحقيق».
ويرى ملمان أن نقطة الضعف الوحيدة التي من شأنها أن تقود في اتجاه الجهة التي وقفت وراء تنفيذ الاغتيال، تتمثل في اعتقال اثنين من الفلسطينيين الضالعين في اغتيال المبحوح.
من جهتها، تساءلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «هل ينتمون إلى الموساد؟»، مشيرة إلى أن صور جوازات سفر المشتبه فيهم تظهر الشبه القائم بين منفذي العملية «وأي إسرائيلي عادي». وكتبت «ولّى الزمن الذي كان فيه بالإمكان تصفية شخص ما بعيداً عن مرأى أيّ كان ومسمعه، وتبقى معرفة ما إذا كان عناصر الكومندوس الذين أُرسلوا إلى دبي وحرصوا على تنكّرهم، سيجرؤون على الذهاب مجدداً إلى بلد آخر بعد نشر صورهم في الصحف».
كذلك تساءلت صحيفة «معاريف» بشيء من السخرية «هل تعرفّتم إليهم؟». وحاولت تشبيه كل واحد من فريق الاغتيال، ممن نُشرت صورهم، بأشخاص إسرائيليين معروفين من الحياة اليومية.