«حكومة ثالثة» تبصر النور في ليبيا: اتفاق هزيل يفتح الباب أمام عدوان أجنبي جديد

  • 0
  • ض
  • ض

يبدو أن المساعي الغربية الحثيثة لتشكيل حكومة «وحدة وطنية»، كيفما اتفق، تهدف إلى الحصول على تفويض «رسمي» بشنّ عملية عسكرية جديدة على البلاد. وكانت إيطاليا، التي استعمرت ليبيا سابقاً، قد عبّرت عن استعدادها لقيادة «تدخل» عسكري محتمل في البلاد

أنتج استعجال الغرب استيلاد «حكومة وفاق وطني» ليبية اتفاقاً يهدف في الظاهر إلى توحيد السلطة في البلاد، وقّعته أمس في منتجع الصخيرات المغربي أقلية من أعضاء البرلمانين المتنازعين، برعاية الأمم المتحدة، التي لم تفصح عن آلية لتنفيذ الاتفاق، ولم تقدم تصوراً حول كيفية عمل الحكومة التي ستنبثق عن الاتفاق. وكان رئيس برلمان طبرق المعترف به دولياً، عقيلة صالح، ورئيس البرلمان الموازي، المؤتمر الوطني العام في طرابلس، نوري أبو سهمين، قد أكدا الثلاثاء الماضي أن البرلمانيين الذين سيوقّعون على الاتفاق سيفعلون ذلك بصفتهم الشخصية، وأنهم لا يمثلون أيّاً من السلطتين. وأكد الرئيسان رفض مجلسيهما التوقيع على اتفاق الأمم المتحدة، والتزامهما العمل للتوصل إلى اتفاق ليبي ــ ليبي لتشكيل حكومة وحدة وطنية بحلول نهاية العام، لكن من دون وساطة الأمم المتحدة. وذلك فيما لوّح دبلوماسيون بفرض «عقوبات دولية» على الرجلين، رداً على «عرقلتهما» المساعي «الأممية». وقال عضو المؤتمر الوطني العام، محمود عبد العزيز، «لا ندري كيف سيتم (تنفيذ اتفاق الصخيرات)، لكن هذه الخطوة ستزيد بالتأكيد من تعقيد المشهد الليبي». وتابع عبد العزيز قائلاً إن «في ليبيا حكومتين وبرلمانين ونسختين من كل مؤسسة رسمية. واليوم قد يصبح لدينا حكومة ثالثة، بدل أن تتوحد السلطتان المتنازعتان».

قذاف الدم: استيلاء داعش على السارين سبّب استعجال الغرب
وينص الاتفاق على توحيد السلطتين المتنازعتين على الحكم منذ عام ونصف العام في حكومة وحدة وطنية، تعمل الى جانب مجلس رئاسي، وتقود مرحلة انتقالية تمتد لعامين، وتنتهي بانتخابات تشريعية. ومن المقرر أن تكون طرابلس مقراً للحكومة التي سيرأسها، بحسب الاتفاق، رجل الأعمال فايز السراج، علماً بأن العاصمة الليبية تخضع لسيطرة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا»، تتبع الحكومة المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام. ووقّع على الاتفاق بدايةً، في حفل حضره دبلوماسيون ووزراء خارجية دول أوروبية وعربية، بينها المغرب وتونس واسبانيا وايطاليا وتركيا، عضو المؤتمر الوطني العام، صالح المخزوم، وعضوا برلمان طبرق، محمد شعيب وفتحي بشاغا، والرئيس السابق للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، نوري العبار. وبعدها، وقّع الاتفاق نحو 80 عضواً من أصل 188 من أعضاء برلمان طبرق، ونحو 50 عضواً من أصل 136 من أعضاء المؤتمر الوطني العام، إضافة إلى شخصيات سياسية وممثلين عن «المجتمع المدني»، وأخيراً، رئيس بعثة الامم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر. وفي حين لم يُتطرق علناً إلى أي آلية تبيّن كيفية تطبيق هذا الاتفاق على الأرض، في ظل وجود قوات موالية للحكومتين في مناطق سيطرتهما، قال كوبلر إن «على الحكومة الجديدة أن تعالج بشكل عاجل بواعث القلق لدى الأطراف التي تشعر أنها مهمشة»، متوجّهاً إلى السراج بالقول، «سيادة رئيس الوزراء... أنا لا أحسدك على منصبك». وكان مسؤولون غربيون قد عبّروا عن رهانهم على أن الإنهاك الذي سبّبته الحرب المديدة، وخطر تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، والضغوط التي يرزح تحتها اقتصاد البلاد التي دمرها العدوان الأطلسي والاقتتال الداخلي، والوعود بالمساعدات الخارجية، ستساعد على «إقناع المعارضين» بالاتفاق الذي تسعى الأمم المتحدة، ومن ورائها الدول الغربية خاصة، لفرضه على الليبيين. لكن ثمة تساؤلات كبيرة حول مدى تمثيل الحكومة المقترحة، أو بالأحرى المفروضة، بموجب الاتفاق، وحول كيفية تشكيلها في طرابلس، وحول ردّ فعل مختلف القوى المسلحة في البلاد. وفي حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط»، رأى أحمد قذاف الدم، الدبلوماسي الذي كان يتولى ملف العلاقات مع مصر في عهد الزعيم الراحل معمر القذافي، أن تخوف الغرب من تنامي نفوذ داعش في ليبيا، واستيلاء التنظيم، مع غيره من التنظيمات الإسلامية المتطرفة، على مخزون البلاد من غاز السارين القاتل، دفعا «أطرافاً دولية في اجتماعي روما والصخيرات إلى الضغط من أجل التعجيل بتسمية حكومة «توافق وطني»، لكي تعطي الشرعية للتدخل الخارجي في ليبيا»، لافتاً إلى أن المسؤولين الغربيين «في عجلة من أمرهم لهذا السبب». وأعلن قذاف الدم أن داعش وأنسباءه نقلوا كميات من غاز السارين من جنوبي البلاد إلى شماليها، وأن هذا الغاز استُخدم للمرة الأولى العام الماضي، متّهماً دولاً غربية برصد ذلك و«غضّ الطرف» عنه. وحذّر قذاف الدم من خطورة أيّ تدخل دولي في ليبيا، مشيراً الى أن ذلك قد يدفع البلاد إلى الغرق في المزيد من التشرذم والاقتتال، و«يجعلها تحت الرصاص لمدة 25 سنة أخرى». وشدّد قذاف الدم على ضرورة أن يكون الحل في ليبيا داخلياً، لإنقاذ ما تبقى من الدولة، لافتاً إلى وجود نحو 70 ألفاً من أفراد الجيش الليبي السابق، يتوزعون «بين تونس ومصر»، ويرفضون العودة إلى الخدمة في الجيش والعمل تحت راية «ثورة فبراير» التي أطاحت نظام القذافي عام 2011 (مدعومة بقصف جوي ودعم استخباري ولوجستي أطلسي)، مضيفاً أن الأمم المتحدة تريد أن تشكل حكومة في ليبيا، متجاهلة أنصار النظام السابق. (الأخبار، أ ف ب، رويترز)

  • عبد العزيز: قد يصبح لدينا حكومة ثالثة بدل أن تتوحد السلطتان المتنازعتان

    عبد العزيز: قد يصبح لدينا حكومة ثالثة بدل أن تتوحد السلطتان المتنازعتان (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات