شدّد الرئيسان السوري بشار الأسد والإيراني محمود أحمدي نجاد، على متانة العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين. واختارا الإعلان عن توقيع اتفاق يلغي سمات الدخول بين البلدين للرد على دعوة وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، سوريا إلى الابتعاد عن إيران

الأسد: دعم المقاومة واجب شرعي



بعد سيل من التهديدات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة لسوريا ولبنان والفلسطينيين وإيران، وبعد ردود أوليّة صدرت من سوريا على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم، ومن لبنان على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، رفعت إيران وسوريا مستوى التحدّي، في ختام قمّة جمعت الرئيسين بشار الأسد ومحمود أحمدي نجاد، وتلتها لقاءات جمعت الرئيس الإيراني بقيادتي المقاومة اللبنانية والفلسطينية، ولقاءات بين القياديين المقاومين والقيادة السورية.
وحاولت إسرائيل استباق هذه الاجتماعات برسالة ميدانية، تمثّلت في قيام عدد كبير من طائرات العدو الحربية بجولات في السماء اللبنانية، امتدّت حتى الحدود الشرقية، وتواصلت حتى ساعات ليل أول من أمس، في الوقت الذي نشطت فيه الاتصالات بين عدد من العواصم الغربية لإطلاق آلية تواصل هدفها إبقاء قنوات الاتصال قائمة، في غياب خطة واضحة لاستئناف مفاوضات التسوية بين إسرائيل والعرب.
وذكرت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أن القمة السورية ـــــ الإيرانية، واللقاءات الأخرى التي عقدت، ركّزت على مجموعة نقاط أبرزها:
1. إعلان الجهوزية والاستنفار لمواجهة احتمال قيام إسرائيل بعدوان، وسط استمرار ورود معلومات عن نية إسرائيل القيام بعمليات عسكرية وأمنية.
2. تأكيد المواجهة المباشرة وعدم ترك العدو يحدد سياق أي معركة مقبلة وإطارها، وإعلان رفض أي محاولات لثني «تيار المقاومة» عن تعزيز قوته وجهوزيته في كل مكان.
3. التشديد على العلاقات المتينة التي تربط سوريا بإيران، والتي تربط البلدين بقوى المقاومة في فلسطين ولبنان، والعمل على عقد مؤتمر عاجل في العاصمة الإيرانية (غداً السبت وبعد غد الأحد) لدعم المقاومة في فلسطين.
4. تأكيد رفض التهديدات التي تتولّى جهات أوروبية نقلها إلى سوريا خصوصاً، والتي تستهدف وقف دعم المقاومة في لبنان وفلسطين من جهة، واتخاذ دمشق خطوات أحادية إزاء التفاوض مع تل أبيب من جهة ثانية.
وبحسب المصادر، فإن الرئيس الإيراني جدد تقدير بلاده أن أي حرب مقبلة مع إسرائيل يمكن أن تكون نافذة فرص نحو دفع الدولة العبرية إلى الانهيار، وأن ذلك يتطلّب خوض المعركة بكل الطاقات الممكنة، وتأكيد وقوف إيران إلى جانب قوى المقاومة وسوريا بكل الأشكال.
وقالت المصادر إن نجاد سمع مواقف واضحة من القيادة السورية التي ترفض أي محاولة لابتزازها، وإصرار دمشق على رفض الدخول في أي تسوية مع تل أبيب لا تضمن استعادة كامل الحقوق، وأن سوريا ستظل داعمة لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين.
وشدد الجانبان على ضرورة السعي إلى رفع مستوى التواصل مع غالبية الدول العربية والإسلامية والعالمية، والدفع نحو المزيد من المصالحات العربية ـــــ العربية، ودعم جهود المصالحة الفلسطينية الداخلية، وعلى رفع مستوى الضغط لرفع الحصار عن قطاع غزة، والاستفادة من كل اللقاءات (القمة العربية) لإثارة هذا الأمر.
وكان الأسد قد أوضح، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نجاد، أن المباحثات التي أجرياها تطرقت إلى «العلاقات الثنائية، والقضايا الأخرى الموجودة على ساحتنا السياسية إلى العراق والانتخابات المقبلة فيه، وتأثيرها على العملية السياسية وعلى الاستقرار وعلى انسحاب قوات الاحتلال لاحقاً، وعلى مستقبل المنطقة عموماً».
وقال الأسد «تحدثنا عن جرائم إسرائيل، وعن إرهابها وكيفية مواجهة هذا الإرهاب». وأضاف «تحدثنا عن وضع المقاومة في المنطقة، وكيفية دعم هذه القوى المقاومة، ومن البديهي أن نقول، إن هذا الدعم هو واجب أخلاقي ووطني في كل وطن، وواجب شرعي بما أننا اليوم في مناسبة دينية»، في إشارة إلى المولد النبوي. وشكر الأسد «لإيران موقفها من التهديدات الإسرائيلية الأخيرة»، مؤكّداً أنه «أمر غير جديد على إيران». وقال «إن هذه التهديدات لم تأتِ من حالة منعزلة، بل علينا أن ننظر إليها في سياق التاريخ الإسرائيلي المبني على الغدر والعدوان والاحتلال والتوسّع والهيمنة».
وأوضح الأسد «نحن نفترض أننا بالأساس أمام كيان قد يقوم بعمل عدواني في أيّ وقت، طالما أن تاريخه مبني على العدوان، ونحن نعدّ دائماً أنفسنا لعدوان إسرائيلي، سواء كان صغيراً أو كبيراً». وأضاف «أمّا إذا أردنا أن ننظر إلى هذه التصريحات، فربما تكون فيها رسالتان؛ رسالة إلى سوريا وإلى التيار المقاوم في المنطقة لكي تدفعهما باتجاه الخضوع والخنوع، وفيها ربما رسالة إلى الداخل الإسرائيلي لرفع معنوياته بعد سلسلة من الإحباطات والهزائم التي مُنيت بها إسرائيل».
ورأى الأسد أنه «رغم الإحباطات والعثرات الكبيرة التي أصابت المنطقة وشعوبها، فإن المحصّلة خلال المرحلة الماضية كانت لمصلحة قوى المقاومة في المنطقة، التي قاومت ودافعت عن حقوقها». وأضاف «في المقابل، كان الفشل مصير القوى التي وقفت في الخندق المقابل».
وشدد الأسد على أهمية تمتين العلاقات بين «شعوبنا لأنها تحوّلنا من مستوردين للمستقبل إلى صنّاع له». وعبّر عن «استغرابه» للدعوة التي وجّهتها وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، لسوريا للابتعاد عن إيران.
وقال الأسد متهكّماً «نحن التقينا اليوم لنوقّع اتفاقية ابتعاد بين سوريا وإيران». وأضاف ضاحكاً «لكن بما أننا فهمنا الأمور خطأً ربما بسبب الترجمة أو محدودية الفهم، وقّعنا اتفاقية إلغاء التأشيرات، لا نعرف أكان هذا يتوافق مع ذاك».
وأبدى الأسد استغرابه «كيف يتحدثون عن الاستقرار والسلام في المنطقة، وعن كل المبادئ الأخرى الجميلة، ويدعون إلى الابتعاد بين دولتين، أيّ دولتين؟». وقال «نتمنى من الآخرين ألّا يعطونا دروساً عن منطقتنا وعن تاريخنا». وأضاف «نحن نحدد كيف ستذهب الأمور، ونحن نعرف مصلحتنا ونشكرهم على نصائحهم، ولن أقول أكثر من ذلك».
وعن مشروع الشرق الأوسط الجديد وتقسيم المنطقة، قال الأسد «إن ما سمّي الشرق الأوسط الجديد، وما طُرح من مشاريع لتقسيم المنطقة لن يبدأ من الخرائط، ولن يبدأ من الحدود، بل سيبدأ من العقول ومن القلوب، ولاحقاً بعد أن تكتمل هذه الخرائط في قلوبنا وعقولنا، سوف يقومون بعملية إسقاط لها على الخرائط وعلى الأرض».
ودافع الأسد عن حق إيران في الطاقة النووية المدنية، ورأى أن «ما يحصل هو عملية استعمار جديد في المنطقة وهيمنة، من خلال منع دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة وموقّعة على اتفاقية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وتسعى إلى امتلاك الطاقة النووية السلمية بناءً على هذه الاتفاقيات، من أن تمتلك حق التخصيب، رغم المرونة الإيرانية الملحوظة خلال الشهرين الأخيرين تجاه هذا الملف». وأكد أن موقف سوريا بالنسبة إلى هذا الملف «ينطلق من فهمنا لهذا الموضوع ومبادئنا، ولكن أيضاً من مصالحنا كدولة نعتقد بأنها ستسعى ككل الدول الأخرى في المستقبل، في يوم من الأيام، إلى امتلاك الطاقة السلمية».
من جهته، دعا الرئيس الإيراني إسرائيل «إلى عدم تكرار أخطاء الماضي مرةً أخرى، لأن ذلك يعني نهايتها المحتومة». وقال إن «كل شعوب المنطقة، وفي مقدمتهم سوريا وإيران ولبنان والعراق وجميع الشعوب، سيقفون بوجهه (الكيان الصهيوني) وسيقتلعون جذوره». وأوضح «هم كانوا يتمنّون شرق أوسط جديداً تحت هيمنة الصهاينة، وهذه الأمنية دُفنت». وقال «أقول لهم الشرق الأوسط الجديد هو في طور الوجود، وهذا الشرق الأوسط من دون صهاينة».
وردّ على تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية بالقول إنّ كلام كلينتون مثل «كلام أمّ العروس» لأنه ليس في مكانه، معتبراً أنّه «ليس هناك من مسافة تفصل بين سوريا وإيران». وأعرب عن اعتقاده بأن «كل الحكومة الأميركية لا تؤثر في علاقات المنطقة وشعوبها». وقال «لقد انتهى العهد الذي تدار فيه الأمور من وراء البحار، إنهم يريدون الهيمنة، ويشعرون بأن سوريا وإيران تحولان دون ذلك»، مقترحاً عليهم «أن يغادروا ويريحونا».
وأدى الرئيسان صلاة الظهر في جامع الرئيس حافظ الأسد، وشاركا في الاحتفال الديني الذي أقامته وزارة الأوقاف احتفاءً بذكرى مولد النبوي.
وعن أدائه الصلاة في أحد مساجد دمشق «السنية»، قال الرئيس الإيراني، خلال المؤتمر الصحافي، إن «شعوب المنطقة شعوب واحدة وموحّدة». وأضاف «رسولنا كان يدعو إلى الوحدة بين الأمة الإسلامية، واليوم أعداؤنا متّحدون، من الطبيعي علينا أن نأخذ الدروس من سيرة رسولنا».
وأشار نجاد إلى أن ما يحدث في العراق من اقتتال طائفي سببه الاحتلال الأميركي، قائلاً «قبل الاحتلال لم يكن أحد يسأل سنّي شيعي كردي، لدينا ربّ واحد وكتاب واحد ونسير في مسار واحد وسنصل إلى أهدافنا».
(ارنا، سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)

بيريز لا يتوقّع حرباً: فرصة السلام مع سوريا تتبدّد



يحيى دبوق
استبعد الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، وقوع حرب في الصيف المقبل مع لبنان، مشيراً إلى أن فرصة السلام مع سوريا قد تتبدد في ظل وجود حزب الله، بينما قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، إن تل أبيب غير معنية بأي تدهور في المنطقة.
وقال بيريز، خلال جولة أجراها أمس في إصبع الجليل بالقرب من الحدود اللبنانية، إن «ما يقوم به (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله لا يتلاءم والمصلحة اللبنانية، فإسرائيل ليست سوى ذريعة لديه، وهدفه الحقيقي هو مصلحة إيران والنيات الموجودة لديها للسيطرة على المنطقة العربية»، مشيراً إلى أن «نصر الله وزمرته يستمرون في تبذير الأموال على شراء الصواريخ وتهديد إسرائيل، بينما هدفهم الحقيقي هو الهيمنة الإيرانية على الدول العربية في الشرق الأوسط».
ورداً على تلميذة في إحدى مدارس مستوطنة حتسور في الجليل، وسؤالها عن الحرب وإمكان وقوعها مع حزب الله، أكد بيريز أنه «لا نيّة لوقوع حرب على الحدود الشمالية، وإسرائيل تتطلع إلى تحقيق السلام»، مشيراً إلى أن «تل أبيب لا تهدد لبنان، بل تسعى إلى العيش معه في سلام، ولذلك لا حاجة لشراء الأسلحة».
واتهم بيريز حزب الله بأنه هو السبب الذي يحول دون تحقيق السلام، مشيراً إلى أن «موقف هذا التنظيم يمنع تحقيق السلام مع لبنان وسوريا، مع أنه يمكن التوصل في الأساس إلى هذا السلام».
وبحسب بيريز، فإن «حزب الله لا يهدد إسرائيل فقط، بل لبنان أيضاً، إذ يمنع عنه أن يصبح سويسرا الشرق الأوسط، والأمل هو أن يتوقف هذا التنظيم عن السجود لإله الصواريخ، وأن يبدأ بالصلاة لإله السلام، وبالتالي أن تتوقف محاولاته جرّ لبنان إلى المواجهة العسكرية».
إلى ذلك، شدد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، على أن «إسرائيل غير معنيّة بتدهور أمني في المنطقة»، لكنه قال «إننا نتابع ما يحدث عن كثب، ونحرص على الحفاظ على الجيش مستعداً ورادعاً ومتأهّباً».
وجاء كلام أشكنازي خلال مراسم إنهاء تدريب عسكري لقيادات أركانية في الجيش الإسرائيلي. وبحسب مصادر إعلامية إسرائيلية، فإن «التدريب يهدف إلى فحص جهوزية القيادات والأذرع والشعب العسكرية المختلفة، ويحاكي سيناريوهات متعددة، منها حرب على الحدود الشماليّة تشمل سوريا ولبنان».
وكانت القناة الإسرائيلية العاشرة قد أفادت بأن إسرائيل بعثت برسائل طمأنة إلى الأطراف المعنية في المنطقة بأن المناورات بغرض التدريب ولا نيّات عدوانية من ورائها.