ياسين تملاليأعلن بيان لوزارة الداخلية الجزائرية أمس مقتل المدير العام للشرطة الجزائرية، العقيد علي تونسي، في مكتبه في الجزائر العاصمة على يد أحد الضباط، الذي انتابته «نوبة جنون».
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية، التي أوردت البيان، إن القاتل هو أحد ضباط الشرطة، الذي اغتال رئيسه بعدما انتابته «نوبة جنون»، ثم حاول الانتحار، لكنه لم يمت وأصيب بجراح بالغة، نقل على أثرها إلى المستشفى.
وحسبما نقلت وكالات الأنباء العالمية، فإن قوات الجيش تحاصر الجزائر العاصمة منذ إعلان نبأ الاغتيال، إلا أن مصادر مطلعة أوضحت لـ«الأخبار» أن الحضور الأمني المكثف، يتركز في حي باب الواد، حيث مقر المديرية العامة للأمن، وحي حيدرة، حيث بيت القتيل.
ولم تذكر وزارة الداخلية في بيانها اسم القاتل، كما أنها لم تسترسل في وصف أسباب إقدامه على هذا العمل. إلا أن أنباء أوردتها صحيفة «الخبر» الجزائرية قالت إن مطلق النار قام بعمله هذا انتقاماً من تونسي، إثر اتخاذه قراراً بنقل الضابط الفاعل من منصبه. أما صحيفة «الشروق» فذكرت على موقعها الإلكتروني أن الضابط المذكور هو قائد سرب المروحيات التابعة للأمن الوطني، وأن الاغتيال كان ردة فعل على فتح تحقيق في صفقة قطع غيار ومعدات إعلام آلي اشتبه في توافقها مع قانون الصفقات.
وقبل أن يعينه الرئيس الأسبق اليمين زروال في عام 1995 قائداً للشرطة، كان علي تونسي ضابطاً سامياً في الاستخبارات الجزائرية. وقد أوكلت إليه الحكومة بعد سنوات من توليه منصبه، مهمة تحديث هذا الجهاز بعدما كان خلال التسعينيات لا يخضع لأي رقابة بحكم دوره المركزي في تفكيك الشبكات الإسلامية في الأوساط الحضرية واستعماله في عمله هذا كل الوسائل، المشروعة منها وغير المشروعة.
وكان أحد تجلّيات برنامج «تحديث قوات الأمن الوطني» فصل المئات من رجال الشرطة وتعسير شروط الخدمة فيها. يذكر أن شروط الالتحاق بها سُهّلت نسبياً في التسعينيات، رداً على عزوف الشباب عنها نظراً إلى ما كان يحفّ بعملها من مخاطر كالتعرض للاغتيال واختطاف الأقرباء من طرف الجماعات الإسلامية المسلّحة.
أما أبرز تجليات عملية «التحديث» هذه، فكانت من دون منازع ازدياد عديد الشرطة، حيث من المرتقب أن يبلغ 200 ألف في نهاية السنة الجارية (في مقابل 140 ألفاً في 2007) في بلد لا يزيد تعداده على 35 مليون نسمة.
وبالنظر إلى هذا التعداد الهائل، يمكن القول إن علي تونسي كان عموداً أساسياً من أعمدة النظام، وإن الشكوك مشروعة حول الرواية الرسمية لمصرعه. لكن هذه الشكوك لا تعني أن هذه الرواية كاذبة كلياً. وما يجعل إمكانات صدقها قائمة هو أن قائد الشرطة الأسبق لم يكن يحظى بالإجماع داخل هذا الجهاز. وقد تجلى انعدام الإجماع عليه في مناسبات عديدة، أهمها نشر 50 ضابطاً رسالة تظلّم إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في جريدتي «الوطن» و«الخبر» بتاريخ 23 شباط 2003.
أمّا الموقّعون فقد اشتكوا في هذا النص من «تحلل جهاز الشرطة» وتحوّله إلى «مؤسسة أو إمبراطورية خاصة». وأعلنوا أن مديره هو «أول من يخرق القوانين بإفادة أقربائه من امتيازات غير قانونية»، ذاكرين على ذلك أمثلة عديدة.