أكدت شرطة دبي أمس أن القيادي في حركة «حماس»، محمود المبحوح، حُقن بمخدّر قبل اغتياله، في وقت كشفت فيه صحيفة «ذا سيدني مورنينغ هيرالد» عن اشتباه الاستخبارات الأوسترالية بتورط ثلاثة من مواطنيها بالتجسس لمصلحة إسرائيل بعد مرور أكثر من شهر على عملية اغتيال القيادي في حركة «حماس»، محمود المبحوح، كشف بيان نشر على موقع شرطة دبي عن أن منفذي العملية استخدموا مادة «سكسينيل كولين» التي تعرف باسم «سوكساميثونيوم كلورايد» لتخديره قبل خنقه.
وأكد نائب قائد شرطة دبي، خميس مطر المزينة، في البيان، أن «السيناريو الذي أعده الجناة هو حقن المغدور بهذه المادة، وبعد ذلك خنقه بطريقة تبدو فيها الوفاة طبيعية، ولا تظهر علامات للمقاومة من جانب المجني عليه قبيل موته».
وأوضحت الشرطة أن هذه المادة تتكسر في الجلد بسرعة، ما يصعب التعرف إليها. وأشارت إلى أنها اكتُشفت في فخذ المجني عليه، بعد فحوص مخبرية استغرقت شهراً كاملاً.
وكان القائد العام لشرطة دبي، ضاحي خلفان، قد دعا أول من أمس رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد»، مئير داغان، لأن يكون «رجلاً» فيتخلى عن جبنه ويعلن صراحة مسؤوليته عن اغتيال المبحوح.
وأكد خلفان، لصحيفة «الخليج» الإماراتية، أنه لا يزال لدى شرطة دبي العديد من الأدلة التي تدين المشتبه فيهم في الجريمة، بينها بصمة وراثية لأحد الجناة، إضافة إلى بصمات أصابع لعدد من المشتبه فيهم. وتحدث عن مساعي لتأليف فريق ملاحقة دولي، قائلاً «إننا والدول التي استخدمت جوازات سفرها في تنفيذ هذه الجريمة في خندق واحد، فكلانا خرقت قوانينه، وخرق القانون هو جريمة».
وفي إسرائيل، رأى وزير الاقتصاد الإسرائيلي، بنيامين بن اليعازر، أن «تصفية المبحوح في دبي ليست فشلاً»، مستدركاً بالقول: «لا أعرف من نفذ ذلك لكن النتيجة هي الأمر المهم».
ورأى أن عملية الاغتيال حققت ردعاً. وقال إنه على افتراض أن وزن المبحوح كبير داخل «حماس»، «فإن معرفة أنّ بالإمكان الوصول إلى أي شخص في أي مكان وزمان هو أمر رادع بالنسبة إلي».
في غضون ذلك، أقرت السفارة البريطانية في تل أبيب بأن طاقم محققين من الشرطة البريطانية وصل إلى إسرائيل للتحقيق في قضية استخدام جوازات سفر مواطنين بريطانيين يسكنون في الدولة العبرية، من جانب أفراد خلية اغتيال المبحوح.
وأوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الطاقم سيستجوب 8 من الذين استخدمت جوازاتهم، على أن يكون الاستجواب في السفارة البريطانية في تل أبيب.
في هذا الأثناء، أوضح رئيس الوزراء الأوسترالي، كيفن راد، أن حكومته «تتبنى موقفاً صارما جداً» في الدفاع عن نزاهة نظام منح جوازات السفر في البلاد، وذلك بعد استدعاء وزير الخارجية الأوسترالي ستيفن سميث، السفير الإسرائيلي يوفال روتم، وتحذيره من أن «علاقات الصداقة بين البلدين باتت مهددة إذا تبين أن إسرائيل دعمت أو غضت النظر عن الجوازات الأوسترالية الثلاثة المزورة التي استخدمت في اغتيال المبحوح».
من جهتها، كشفت صحيفة «ذا سيدني مورنينغ هيرالد» في عددها الصادر أول من أمس عن إجراء جهاز الاستخبارات الأوسترالي «أسيو»، تحقيقات في شأن ثلاثة أشخاص يحملون الجنسيتين الأوسترالية والإسرائيلية، للاشتباه باستخدامهم الجنسية الأوسترالية غطاءً للتجسس لمصلحة إسرائيل. وأوضحت الصحيفة أن التحقيق في أمر الثلاثة بدأ قبل ستة أشهر من اغتيال المبحوح، لافتةً إلى أن المشتبه فيهم الثلاثة ليس لهم أي علاقة بالأوستراليين الثلاثة الذين استخدمت جوازات سفرهم في قضية المبحوح. ونقلت الصحيفة عن مصدرين استخباريين أوستراليين قولهما إن المشتبه فيهم هاجروا إلى إسرائيل خلال العقد الماضي، قبل أن يعودوا كلاً على حدة، في أوقات مختلفة لتغيير أسمائهم، واستصدار جوازات سفر أوسترالية بأسماء توحي بأنها أنغلو ـــــ أوسترالية وليست أوروبية ـــــ يهودية.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد هؤلاء استبدل اسمه ثلاث مرات، فيما الرجلان الآخران استبدلا اسميهما مرتين فقط.
ووفقاً للصحيفة، استخدمت جوازات السفر الجديدة للدخول إلى عدد من البلدان المعادية لإسرائيل، بما في ذلك إيران وسوريا ولبنان.
وعلمت الصحيفة أن الأوستراليين الثلاثة على صلة بشركة اتصالات أوروبية لديها فرع في الشرق الأوسط. وأشارت إلى أن أحدهم طلب مساعدة القنصلية الأوسترالية خلال زيارته لطهران في عام 2004.
وأجرت الصحيفة اتصالات مع اثنين من المشتبه فيهم. ونفى الرجلان نفياً قاطعاً أي ضلوع في أنشطة تجسسية، على الرغم من تأكيدهما عملية تبديل الأسماء «لأسباب شخصيّة».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)