القاهرة ـ الأخبارتلقّى المناهضون لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، والرافضون لتصدير الغاز الطبيعي المصري إليها هزيمة قانونية، بعدما ألغت المحكمة الإدارية العليا حكم القضاء الإداري المتضمن وقف تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار تفضيلية، حيث قضت المحكمة بعدم اختصاص القضاء بنظر الدعوى، على اعتبار أن تصدير الغاز المصري إلى الخارج يعدّ عملاً من أعمال السيادة.
ويأتي القرار القضائي الجديد بعد أسابيع من بدء سريان اتفاق يزيد حصة إسرائيل من الغاز المصري، علماً بأن المحكمة أوقفت في وقت سابق تنفيذ القرار الصادر عن محكمة أول درجة في تشرين الثاني 2008، بحظر بيع الغاز لإسرائيل، وهو القرار الذي استأنفته الحكومة، وتجاهلته بانتظار إعادة النظر فيه.
ويتوقع أن يثير هذا القرار غضب ناشطي منظمات المجتمع المدني والمعارضة، الذين يريدون وقف تصدير الغاز لإسرائيل. وكانت شركة «غاز شرق المتوسط» الخاصة قد بدأت تصدير الغاز إلى شركة «إسرائيل إلكتريك كورب» العامة في أيار 2005 بموجب اتفاق يقضي بتزويد الدولة العبرية بـ1,7 مليار متر مكعّب من الغاز سنوياً لمدة 20 عاماً.
وفي وقت سابق من شباط، أعلنت شركة «أمبال ـــــ أميركان إسرائيل كورب» التي تملك 12,5 في المئة من غاز شرق المتوسط بدء سريان اتفاق عقد في أيلول 2009، ويرفع صادرات الغاز المصري إلى إسرائيل إلى 42 مليار متر مكعب. وقدّرت الشركة قيمة العقد بمبلغ ستة مليارات دولار.
وألزمت المحكمة الحكومة المصرية بوضع آلية لتحديد كمية وسعر تصدير الغاز المصري إلى الخارج، وبإجراء مراجعة دورية للتأكد من اكتفاء السوق المحلية من المشتقات البترولية قبل التصدير.
وقالت المحكمة برئاسة المستشار محمد الحسيني، رئيس مجلس الدولة في أسباب حكمها، إن كل اتفاقيات تصدير النفط والمشتقات البترولية والغاز، إضافةً إلى اتفاقية كامب ديفيد الموقّعة بين مصر وإسرائيل أعطت الأخيرة الحق في أن تتحصّل على النفط المصري والغاز، شأنها شأن أيّ دولة أخرى دون أدنى تمييز، مع مراعاة احتياجات السوق المحلية، وتلبية احتياجات الشعب المصري أوّلاً.
ورأت أن مبدأ تصدير الغاز المصري إلى الدولة العبرية ودول شرق البحر الأبيض المتوسط هو أمر سيادي بحت، ويتعلق بالأمن القومي المصري، ولا سيادة للقضاء الإداري أو غيره عليه، إلّا أن القرارات الصادرة عن الحكومة بشأن تنفيذ تلك التوجهات السيادية وحدها محل رقابة القضاء، موضحاً أن المخالفات في عملية التصدير تنطوي على عدم وجود آلية للمراجعة الدورية للاحتياجات المحلية، التي تظل أولوية أولى قبل التصدير.
وأضافت إن الاتفاقية الخاصة بتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل تضمنت حداً أقصى (سقفاً لسعر التصدير) يبلغ 35 دولاراً لسعر خام نفط برنت، وآخر أدنى لسعر تصدير الغاز إلى إسرائيل، الأمر الذي من شأنه الإضرار بثروة مصر من الغاز الطبيعي، باعتباره مورداً طبيعياً حيوياً ويتعارض مع الصالح العام، في ضوء أن الأسعار العالمية في صعود مطّرد، بما يعني زيادة قيمة الغاز لمصلحة مصر، وزيادة سعر التصدير بما يمثل دخلاً إضافياً مشروعاً لخزانة الدولة.
ويعدّ الحكم الصادر في جلسة أول من أمس نهائياً وباتّاً في قضية تصدير الغاز لإسرائيل وغير قابل للاستئناف أو الطعن عليه بأي صورة من صور التقاضي.