Strong>مبارك يعرض اليوم على أبو مازن تفاهماته مع نتنياهو... وقمّة ثلاثيّة في شرم الشيخ قريباًالحراك على ملف مفاوضات التسوية بدأ يأخذ زخماً متزايداً، يوحي أنّ العودة إلى طاولة التفاوض باتت قريبة. عودة ستحسمها اليوم القمّة المصرية ـــ الفلسطينية، التي ستشهد ترويجاً لأفكار بنيامين نتنياهو

القدس المحتلة، القاهرة ــ الأخبار
انتقل الرئيس الفلسطيني، محمود عبّاس، أمس، إلى مدينة شرم الشيخ المصرية، تمهيداً للقمّة التي ستجمعه اليوم مع الرئيس المصري حسني مبارك. قمّة أساسية بالنسبة إلى القرار الفلسطيني في ما يخصّ مفاوضات التسوية، ولا سيما أنها تأتي بعد زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى القاهرة الأسبوع الماضي.
ورأى المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أمس، أن محاولات تحريك الجمود في العملية السياسية مع إسرائيل غير مضمونة النتائج. وأوضح أن عباس، الذي سينتقل بعد شرم الشيخ إلى قطر والكويت وتركيا، سيدرس العرض لعقد لقاء قمة يجمعه بكل من مبارك ونتنياهو في موعد لم يُعلَن بعد.
في هذا الوقت، أفردت الصحف الإسرائيلية مساحة واسعة لتحليل لقاء عباس ومبارك، ورأت فيه امتداداً لزيارة نتنياهو، ولا سيما أن التقارير الإعلامية والسياسية في إسرائيل تشير إلى تبلور اقتراح مصري ـــــ إسرائيلي لاستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، على أن يتولى مبارك مهمة إقناع أبو مازن بهذا الاقتراح.
في المقابل، برز تناقض في التقارير الإعلامية الإسرائيلية في حقيقة الموقف الذي عرضه نتنياهو خلال لقائه مع مبارك، وقبوله الشروط الفلسطينية وموقفه من القضايا الخلافية.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو وضع يوم الجمعة وزراء منتدى السباعية في تفاصيل محادثاته بالنسبة إلى «الموافقات الإسرائيلية» على شروط بدء المفاوضات مع الفلسطينيين. وقالت إنه من أجل إعادة عباس إلى طاولة المباحثات، تبدي الإدارة الأميركية الاستعداد للتعهد أمامه أنّ مساحة الدولة الفلسطينية ستكون مماثلة لمساحة الضفة وقطاع غزة في حدود 1967.
نتنياهو: القدس الموحدة ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية، ومشكلة اللاجئين ستحل خارج حدود إسرائيل
وبحسب «هآرتس»، تُلقي إسرائيل والولايات المتحدة الآن بكل ثقلهما على الرئيس المصري، وتأملان أن يُقنع عباس بالعودة إلى المفاوضات مع الدولة العبرية. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله: «لمصر تأثير على الفلسطينيين، حتى أكثر مما لـ(الرئيس الأميركي باراك) أوباما». وبحسب هذا المصدر، فإن زيارة نتنياهو للقاهرة غيرت تماماً النهج المصري تجاه المسيرة السياسية، موضحاً أن «مبارك فهم أنّ نتنياهو جدي، يفهم الواقع ومستعد للبحث في سير جدي نحو الاتفاق».
وقالت «هآرتس» إنه في زيارته للقاهرة يوم الثلاثاء الماضي، عرض نتنياهو على مبارك موافقته على شروط بدء المفاوضات مع الفلسطينيين، بما فيها الموافقة على بحث الطلب الفلسطيني بدولة في حدود 1967. كذلك وافق نتنياهو على التحديد الزمني للمفاوضات: في البداية جرى الحديث عن مفاوضات على مدى سنتين، لكن بسبب انتخابات الكونغرس الأميركي، يُحتَمَل تقصير الجدول الزمني إلى سنة ونصف سنة أو تمديده إلى ثلاث سنوات.
وفيما أشارت «هآرتس» إلى أنه بعد زيارة عباس للقاهرة سيسافر إلى واشنطن رئيس الاستخبارات المصرية الجنرال عمر سليمان ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط ليضعا الإدارة الأميركية في صورة محادثات المصريين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية، لفتت الصحيفة إلى أن إدارة أوباما لا تزال تتردد في كيفية التقدم في المسيرة السياسية، ومن المتوقع أن تبلور استراتيجية في الأيام القريبة المقبلة، قبل زيارة المبعوث جورج ميتشيل للمنطقة بعد نحو عشرة أيام.
وتعقيباً على التقارير المتداولة، نشر مكتب نتنياهو بياناً خاصاً على خلفية تساؤلات النواب والوزراء من المعسكر اليميني، شدد فيه على أن رئيس الوزراء لم يغيّر مواقفه المعروفة في موضوع المسيرة السلمية مع الفلسطينيين. وبحسب مكتب نتنياهو، فإن موقفه هو أن «القدس الموحدة ستبقى في كل تسوية تحت السيادة الإسرائيلية، ومشكلة اللاجئين ستحل خارج حدود إسرائيل».
من جهتها، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية قولها إن الوفد الإسرائيلي برئاسة نتنياهو استخدم ورقة إيران للضغط على مبارك لإقناع عباس باستئناف مفاوضات التسوية، محذراً من تعزّز قوة الجمهورية الإسلامية في المنطقة في ظل تعثّر مسيرة التسوية. وقالت «يديعوت» إن «مبارك سيحاول إقناع عباس بالدخول مجدداً في مفاوضات التسوية مع إسرائيل» وإنه «سيعرض عليه التفاهمات التي توصل إليها مع نتنياهو». وأضافت أنه «في حال موافقة عباس على التفاهمات المصرية الإسرائيلية، سيعلن مبارك عقد قمة ثلاثية في شرم الشيخ لإطلاق المفاوضات»، مشيرة إلى أن «ثمة احتمالاً بأن يرجئ عقد القمة إلى مطلع شهر شباط المقبل، وإلى إمكان مشاركة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في القمة لتمنح الغطاء والرعاية السياسية لعملية التسوية».
ونقلت «يديعوت» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن المفاوضات ستجري على أساس الصيغة التي اقترحتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، والتي توازن بين مبدأ إقامة دولة فلسطينية «على أساس حدود 1967 مع تبادل أراض، وبين كون إسرائيل دولة يهودية مع حدود محددة وآمنة».
في موازاة ذلك، نددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أمس بالضغوط التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني لإعادته إلى «متاهة» المفاوضات مع إسرائيل. ورأت أن «العودة إلى ما يسمى عملية السلام التي لا تنتهي والتي باتت هدفاً للدبلوماسية الأميركية بحد ذاته، لن تجلب سوى المزيد من الخيبة والانقسام وهدر الكرامة والحقوق».
بدورها، انتقدت حركة «حماس» «الغزل السياسي» الذي تمارسه السلطة الفلسطينية في رام الله تجاه «العدو الصهيوني» لإعادة المفاوضات «العبثية» معه. وقال القيادي في الحركة، صلاح البردويل: «مرة أخرى يثبت عباس أن كل الشروط التي كان يضعها لمواصلة المفاوضات هي شروط وهمية وللاستهلاك الإعلامي لا أكثر».