مهدي السيّدنشر معلّق الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أمس، تقريراً نسب مضمونه إلى كبار القادة في الجيش الإسرائيلي، يتحدث عن جهوزية هذا الجيش لمواجهة الحرب المقبلة، وخوض المواجهة على أساس أكثر السيناريوهات تطرفاً، ومهما تكن طبيعة العدو الذي سيواجهه، وطبيعة المعركة التي ستُخاض، سواء كانت كلاسيكية في مقابل جيوش، أو مقابل منظمات، وعلى أكثر من جبهة في وقت واحد.
ويبدو واضحاً أن مضمون هذا التقرير يحمل رسائل مختلفة في اتجاه الداخل الإسرائيلي، واتجاه الخارج، وتهديداً إلى الجهات المعنية بالجهوزية المشار إليها، إيران وسوريا وحزب الله و«حماس». وبغض النظر عن حقيقة هذه الجهوزية، إلا أن مجرد سماح الرقابة العسكرية الإسرائيلية لكاتب التقرير بنشره، رغم كونه يتضمن معلومات عن مداولات وُصفت بأنها سرية، يطرح العديد من علامات الاستفهام.
وجاء في التقرير أنه «قبل مدة غير بعيدة، عُقد لقاء وُصف بأنه استثنائي وسري في إير هكريا (المقصود مقر قيادة الجيش الإسرائيلي المبني تحت الأرض في مجمع وزارة الدفاع)، حيث استضاف قادة الجيش الإسرائيلي كبار المسؤولين في المستوى السياسي في إسرائيل، بهدف عرض استراتيجية الجيش الإسرائيلي وطرق القتال والخطط العسكرية العملانية التي بلورها الجيش الإسرائيلي، لمواجهة التهديدات الأمنية القائمة والمحتملة ضد إسرائيل».
ويقول يشاي في تقريره إنه خلال النقاش الذي دار، استغرب ذلك أحد القادة السياسيين، الذي يُعدّ ممن استخلصوا عِبَر حرب لبنان الثانية،، وسأل «هل الجيش الإسرائيلي يستطيع تحقيق ما خطط له حتى في ظل السيناريوهات المتطرفة؟»، فردّ عليه القادة في قيادة الأركان بجواب قاطع «في كل وضع نستطيع تقديم توصية لكم بإمكانيات عديدة للعمل، وأنتم السياسيون ستختارون، لأن القرار النهائي في أيديكم». وبحسب أقوال القادة العسكريين، فإن «الجيش الإسرائيلي يستطيع اليوم تنفيذ كل الخطط التي عُرضت على القادة السياسيين في هذا الاجتماع».
ويرى كاتب المقال أن إعلاناً مُلزِماً كهذا من قِبَل قائد العمليات في الجيش الإسرائيلي، هو بمثابة فاتورة ستُدفع في يوم من الأيام، ويمكن أن ترتدّ عليه من خلال لجنة تحقيق رسمية، بعد انتهاء الحرب المقبلة. وقال «هناك شك في ما إن كان الضابط نفسه يتجرّأ على ذِكر مقولة كهذه في آذان القادة السياسيين في حضور رئيس الأركان، من دون أن تكون لديه معطيات ثابتة وصلبة بالفعل، وتكون هذه المعطيات تدعم تقديراته وتحت تصرفه».
ويقول بن بشاي إن «الجيش الإسرائيلي أكمل إلى حد كبير عملية إصلاح العيوب التي ظهرت خلال حرب لبنان الثانية عام 2006، وإن قوات الجيش الإسرائيلي على أعلى درجات الجهوزية القتالية والكفاءة العسكرية منذ عشر سنوات للرد جواً وبراً وبحراً على أي هجوم صاروخي من لبنان أو قطاع غزة أو سوريا وإيران، وحتى من جميع هذه الجهات معاً».
وينقل يشاي عن محافل عسكرية إسرائيلية قولها إنه «إذا وجّه الجيش الإسرائيلي أو سلاح الجو الأميركي ضربة إلى المنشآت النووية أو العسكرية الإيرانية، فإنه من المرجح أن تكون إسرائيل عرضة لهجمات صاروخية تتعرض خلالها الجبهة الداخلية لسقوط آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية في جميع أنحاء البلاد. وأبدت المحافل العسكرية ثقتها بأن الاستراتيجية وأساليب القتال التي أعدّها الجيش الإسرائيلي ستجعله قادراً على صدّ الهجمات الصاروخية خلال فترة معقولة من الزمن».
ويضيف يشاي أنه في المقابل، جهّز الجيش الإسرائيلي نفسه أيضاً «لمواجهة عادية من القتال مع جبهة أو أكثر من الدول العربية، وأنه في إجمال الوضع، فإن الجيش جاهز الآن، وسيكون أفضل جهوزية في السنة المقبلة تحسباً لإمكان أن يضطر الجيش إلى إحباط مسبق للتهديد الإيراني النووي إذا حدث ذلك».
ويتذرع يشاي بالاعتبارات الأمنية وبالحظر الذي تفرضه الرقابة العسكرية على المعلومات، للقول إنه لا يمكنه نشر معطيات مفصّلة عن وضع الجهوزية والاستعداد للجيش الإسرائيلي، ولكنه يضيف أنه «يمكن أن يذكر قائمة التأهيل والاستعداد الحاصل في نظام الهجوم القتالي للجيش الإسرائيلي، والذي يقوده اليوم سلاح الجو من خلال كمية الساعات الكبيرة لتدريب طياريه، وأيضاً من خلال تدريب لعدد كبير من الطائرات والمروحيات والطائرات من دون طيار، ومخزون الذخيرة والعتاد العسكري المتطور وإجراء المناورات الفعلية وبينها لمسافات طويلة، بمشاركة عشرات الطائرات، حيث إن سلاح الطيران موجود اليوم بحجم لا مثيل له في تاريخ إسرائيل».
وبحسب التقرير، فإن «القوات البرية ـــــ ولا سيما وحدات الاحتياط ـــــ لم تصل بعد إلى المستوى القياسي نفسه من الاستعداد والجهوزية مثل سلاح الجو، والسبب الرئيسي لذلك مردّه إلى أن مرحلة التزوّد بالوسائل القتالية الحديثة مثل ناقلات الجنود المدرعة ومنظومات الدفاع المضادة للدروع ومنظومات التحكم والمراقبة وغيرها من الوسائل، لم تستكمل بعد».
ومع ذلك، يقول يشاي «طرأ تحسّن دراماتيكي على وضع النظام القتالي البري النظامي.
كذلك طرأ تحسّن ملموس جداً على مستوى وحدات الاحتياط، حيث نفذت كل الألوية القتالية، التي تمثّل رأس الحربة في الحرب البرية، 3 مناورات كبيرة بالذخيرة الحية خلال السنوات الأخيرة».
ويختم يشاي تقريره بالقول إنه «من كل ما ذُكر، لا يُمكن التنبّؤ بنتيجة الحرب المقبلة، ذلك أن جهوزية الجيش الإسرائيلي وتأهيله، يمثّلان عنصراً واحداً في القدرة الشاملة لإسرائيل من أجل مواجهة التهديدات العسكرية التقليدية وغير التقليدية، وإن الإسرائيليين يمكنهم أن يكونوا راضين عن هذا العنصر الأساسي».