4 آلاف لاجئ فلسطيني في مخيم الجليل في بعلبك بلا مياه، الخبر ليس عادياً في مخيم وجد سكانه أنفسهم فجأة من دون مورد آخر للمياه بعدما تلوّثت مياه البئر اليتيمة الموجودة هناك
علي يزبك
أعلن سكان مخيم الجليل عطشهم، فيما الجهات المعنية لم تجد حلاً سوى قطع المياه عنهم، تاركة إياهم لحالهم يفتّشون عن مياه الشرب بالليترات.
بدأت قصّة انقطاع المياه في الرابع عشر من كانون الأول الماضي، عندما تغير لون وطعم مياه البئر الإرتوازية التي حفرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بتمويل من الحكومة الإيطالية داخل المخيم بعمق 330 متراً.
مياه البئر باتت أشبه بمجرور للمياه الآسنة، لا تصلح حتّى للخدمة. ذلك كله، يحل على أهالي المخيم الفقراء الذين يستحيل عليهم التزود بالمياه عبر الصهاريج، بسبب تداخل المنازل وحؤولها دون وصول شاحنات الصهاريج إليها.
شهر من دون مياه، فيما مصادر التلوث لم تتحدد بعد، فالفحوصات التي أجرتها وكالة الأونروا على عينات من مياه البئر في مختبر مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في تل عمارة ومستشفى بعلبك الحكومي، أكدّت أن المياه ملوّثة، من دون تحديد مصدر هذا التلوث إلى الآن.
إزاء هذا الواقع، لم يكن أمام اللجنة الشعبية في مخيم الجليل سوى تكثيف اتصالاتها مع وكالة الأونروا لتأمين المياه لللاجئين، وبعد جهد جهيد، اتُّفق على أن تعبّئ الوكالة خزان المياه الرئيسي وسط المخيم بالصهاريج وتحمّل الكلفة المالية، ريثما تُعالج مشكلة التلوث جذرياً. ولكن حتى هذا الإجراء لم يكن ذا فائدة، فمياه الصهاريج لم تكن كافية لإطفاء ظمأ أهالي المخيم وتأمين حاجاتهم اليومية، وخصوصاً أن سعة الخزان لا تتجاوز المئة متر مكعّب. ثمة سبب آخر لفشل هذا الإجراء هو أن الأونروا توقفت عن إرسال الصهاريج إلى المخيم الأسبوع الماضي، بسبب الكلفة المادية المرتفعة، وفي انتظار إحضار صهريج ضخم من طرابلس تملكه الأونروا ليقوم بالمهمة، يبحث أهالي المخيم عن مصادر أخرى لتغذية المخيم بالمياه، إذ راجعت لجنة مشتركة مؤسسة مياه البقاع لتأمين المياه للمخيم فتجاوبت المؤسسة ولكن بشرط تقديم طلب رسمي، ودفع مبلغ عشرين مليون ليرة وفق ما أوضح ممثل اللجان الشعبية لتحالف القوى الفلسطينية كارم طه.
يشير طه إلى أن الأونروا تريثت في دفع رسوم الاشتراك حتى الآن وهي تجري اختبارات فنية على البئر مع التغذية بالكلور حتى منتصف الأسبوع المقبل، وعلى ضوء الاختبارات المقبلة يتحدد مصير الاشتراك مع مؤسسة مياه البقاع.
في الأثناء بدأت نسوة المخيم تحركات ضاغطة، فقام نحو أربعين منهن بجولات على مكاتب الأونروا واللجان الشعبية من أجل شرح المعاناة والمطالبة بحلول سريعة، وحذّرن من القيام بسلسلة من الاعتصامات أمام مكاتب الأونروا وخارج المخيم للمطالبة بالمياه، وفق ما قالت سميرة أبو الفول، التي تحدثت باسمهن.
واعتبر مسؤول اللجان الشعبية في مخيم الجليل، عمر قاسم، أن التلكؤ في معالجة أزمة انقطاع المياه هو أمر مرفوض مناشداً الجميع مساعدة اللاجئين في المخيم وإلا فإننا سنجد أنفسنا أمام خيار الاعتصامات السلمية.
وأكد مصدر في وكالة الأونروا لـ«الأخبار» أن الوكالة تتابع بجدية بالغة موضوع انقطاع المياه عن مخيم الجليل، وهي منذ البداية تحملت الكلفة المالية للصهاريج، كما أنها ستعاود تعبئة خزان المياه بعد إحضار صهريج ضخم تملكه الأونروا، وهي تتابع باهتمام موضوع الاشتراك مع مؤسسة مياه البقاع، واعداً بأن يشهد الأسبوع المقبل حلاً لأزمة المياه في مخيم الجليل.


لا إصابات

رغم التلوث الجرثومي في مياه البئر الإرتوازية التي تغذي الشبكة الرئيسية في المخيم، فإن الأمر الوحيد الذي لقي إجماعاً في مخيم الجليل هو أن لا إصابات بأية أمراض جراء تلوث مياه البئر، وهو ما أكدته أيضاً الأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني.
وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن حالات إسهال حاد بين أطفال المخيم، وعن إصابة امراة من أبناء المخيم بحمى التيفوئيد، في الأسبوع الماضي.
والنتيجة أن نسبة التلوث لم تنخفض عن العشرة في المئة منذ أن حفرت البئر، وبالتالي فإن المياه لا يمكن استعمالها إلا بعد المعالجة.