Strong>واشنطن تخفّف من وطأة التلويح باستخدام ورقة الضغط الماليتحدّث المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، عن إمكان استخدام المساعدات المالية التي تمنحها إدارته إلى إسرائيل، للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو بهدف القيام بخطوات تساعد في عملية السلام، فأثار موجة مفتعلة من ردود الفعل في الدولة العبرية، فيما بدا أنه إفشال مسبق لزيارته القريبة

مهدي السيّد
بدا أنّ المسؤولين الإسرائيليين تلقّفوا تلويح المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، بورقة الضمانات المالية الأميركية الممنوحة سنوياً إلى تل أبيب لحثّ حكام الدولة العبرية لتسريع وتيرة عملية السلام، كأنها هدية على طبق من فضة لشنّ حملة ضدّ الدبلوماسي الأميركي تهدف إلى إفشال زيارته المقبلة إلى الأراضي المحتلة.
ورغم نفي عدد من كبار المسؤولين الأميركيين أن يكون ميتشل قصد التهديد المالي أو مجرد التلويح به، إلا أنّ ذلك لم يحل دون مسارعة مسؤولين في دولة الاحتلال إلى التعبير عن غضبهم ورفضهم لاستخدام ورقة الضمانات. حتى إن مكتب نتنياهو أصدر بياناً ردّ فيه على تصريحات ميتشل، وجاء فيه أن «الجميع يعرف بأنّ السلطة الفلسطينية ترفض استئناف محادثات السلام، بينما إسرائيل اتخذت خطوات ذات أهمية لتحريك المسيرة. من ينبغي أن يغيّر طريقه هو السلطة الفلسطينية، وبالتأكيد ليست حكومة إسرائيل».
وسبق لميتشل أن رأى، في مقابلة، أنّه «يمكننا أن نوقف الضمانات المقدمة لإسرائيل، مثلما فعل الرئيس جورج بوش الأب». وأوضح أنّ على الولايات المتحدة المحافظة على «الخيارات مفتوحة، ويجب مواصلة محاولة إقناع الطرفين بأنّ هذه مصلحتهما. أعتقد أننا حققنا بعض التقدم وسنواصل مساعينا لإعادتهما إلى المفاوضات».
وفي سياق تلويحه بالأوراق التي تمسك بها إدارته للضغط على الطرفين، أشار ميتشل إلى أنّ لواشنطن «جزراً وعصياً في آن، وأنت ملزم بأن تكون حذراً جداً بالنسبة إلى طبيعة موعد استخدامهما».
وسارع موظفو إدارة الرئيس باراك أوباما إلى إبطال مفعول هذه المواقف، فنقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر أميركي قوله إن كلام ميتشل «لم يكن تهديداً، ولا حتى إشارة لتهديد، وكل ما في الأمر أنه كان يرد على سؤال في مقابلة تلفزيونية عن موقف الولايات المتحدة في حال استمرار الرفض الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني لتجديد المفاوضات».
كذلك نقلت صحيفة «معاريف» مواقف تراجعية مماثلة عن «موظف رفيع المستوى» في البيت الأبيض، حاول «تهدئة الخواطر» بتأكيده أنّ «القانون يسمح بالفعل بتأجيل الضمانات المالية، ولكننا لا نقترح هذا. لا يوجد تهديد ونحن لا نريد أن نهدّد، نريد أن نعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات فحسب».
وعلّق مصدر سياسي في القدس المحتلة على مواقف ميتشل بالإشارة إلى أنه «إذا كان يقصد ذلك حقاً، فهذا يضع شكوكاً كبيرة في مهمته وقدرته على أن يكون وسيطاً». ورأى أنّه «بعد كل ما فعلناه (خطاب بار إيلان لنتنياهو حيث تحدث عن دولة فلسطينية صوَريّة، وتجميد شكلي ومؤقت لبناء المستوطنات)، فإننا ننظر إلى الحديث بلغة التهديد بخطورة شديدة». وختم المصدر العبري تعليقه بالقول «إذا لم يتراجع ميتشل، فإنه يضع قيد الشك قدرته على مواصلة كونه وسيطاً في النزاع».
وبدا أنّ المسؤولين الإسرائيليين هدفوا من مواقفهم التصعيدية ضد ميتشل إلى توجيه رسالتين؛ الأولى تفيد بأنهم لن يخضعوا للابتزاز والضغط الأميركيَّين، والثانية جوهرها التقليل من أهمية ميتشل ومواقفه واحتمال إفشاله من داخل الكونغرس الأميركي.
وفي سياق التصعيد نفسه، لفتت صحيفة «معاريف» إلى أنّ المسؤولين الإسرائيليين يأملون في أن يكون الحديث عبارة عن «كبوة من ميتشل»، وألا يكون كلامه مدعوماً من أوباما. إضافة إلى ذلك، تحدثت الصحيفة عن ارتياح إسرائيل إلى أنّه حتى لو فكّرت الإدارة باللجوء إلى الضغط المالي ضدّها، فسيعرقل الكونغرس هذه الخطوة. ونقلت الصحيفة عن مصادرها تساؤلاً ساخراً: «الأميركيون لم يفرضوا عقوبات على إيران، ويهدّدون بفرض عقوبات على إسرائيل؟».
بدوره، تطرّق وزير المال يوفال شطاينتس، في جلسة الحكومة، إلى موضوع الضمانات المالية الأميركية، جازماً بأنّ واشنطن وتل أبيب توصّلتا قبل أشهر، إلى اتفاق بشأن تمديد مفعول الضمانات المالية لعامين جديدين، ولم يرفق الاتفاق بأي شروط، بينما وصف وزير السياحة، استاس ميسجنزيكوف، كلام ميتشل بأنه «زلّة لسان بائسة».
إلى ذلك، يصل إلى إسرائيل غداً مستشار الأمن القومي الأميركي، الجنرال جيمس جونز، الذي سيلتقي نظيره عوزي أراد ونتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك وكبار قادة الجيش والاستخبارات. وبحسب «هآرتس»، ستتناول مباحثات جونز الملف النووي الإيراني والتعاون الأمني بين الدولتين وتقويم الأوضاع الأمنية على الجبهتين السورية واللبنانية.