القاهرة | جدل جديد أثاره رئيس جامعة القاهرة، جابر نصار، داخل الأوساط الأكاديمية بعد إصداره قراراً يمنع أعضاء هيئة التدريس داخل الجامعة من النساء، من ارتداء النقاب داخل قاعات المحاضرات وأثناء التدريس، بحجة أن النقاب يعيق التواصل بينهن وبين الطلاب. نصار شرح في معطيات قراراه أن من «حق الطالب والطالبة أن يريا وجه من يشرح لهما، لحدوث تواصل فيما بينهم، ولا يكون الشرح من وراء ستار»، مشيراً إلى أن هذا القرار لن يسري على الطالبات، كما أكد أنه لا توجد نية لحظر النقاب داخل الجامعة، وإنما داخل المحاضرات و«من أجل المصلحة العامة».
وهذا الجدل حول النقاب في جامعة القاهرة ليس جديدا، ففي عام 2010 صدر حكم قضائي ضد رئيس الجامعة حسام كامل آنذاك بالحبس والعزل من المنصب بسبب رفضه تنفيذ حكم صادر بتمكين أعضاء هيئة التدريس المنقبات من ممارسة عملهن في التدريس والامتحانات دون إجبارهن على خلع النقاب، لكن القضية هذه المرة تختلف، فقد وقعت خمس من هيئة التدريس في الجامعة على إقرار بالتزامهن بقرار نصار وخلع النقاب أثناء المحاضرات، فيما لم تعلن الرافضات أي رد فعل برغم مرور يومين من صدور القرار. ويصعب حصر أعداد النساء المنقبات في هيئة التدريس داخل الجامعة، فرئيس الجامعة قال إن عددهن عشر فقط، فيما قال المعارضون إن عددهن يقارب الخمسين.
ومثل غيره لم يمر هذا القرار دون أن يظهر فيه انقسام مجتمعي، وتحميله بعدا سياسيا، فمن يعارضه هم المحسوبون على التيار الإسلامي، وقالوا إن القرار «استمرار لحرب النظام على الإسلام».
في المقابل، أيد قرار نصار المحسوبون على النظام الحالي، وقالوا إنه «محاصرة جديدة للتيار الإسلامي داخل الجامعة»، في الوقت الذي رفضت كل من أعضاء هيئة التدريس المنقبات، اللواتي تواصلت معهن «الأخبار»، التعليق على القرار، أو تحميله بعداً سياسياً.
في هذا السياق، قال عضو «حركة استقلال الجامعات»، هاني الحسيني، إنه يؤيد قرار رئيس الجامعة في أن التدريس بالنقاب يمثل عائقا تعليميا، وهو أمر «غير سليم مهنياً، لكن الجامعة تعج بالمشكلات التعليمية الأهم التي كان الأولى برئيس الجامعة أن يوليها الاهتمام ويصدر قرارات بشأنها». وأضاف الحسيني: «في الأمور التي تحمل بعداً عقائدياً واجتماعياً مثل النقاب، ليس من الأفضل اتخاذ قرارات بشأنها، وإنما الأفضل فتح مناقشات ومحاولات للإقناع والضغط الأدبي والاجتماعي، بدلاً من اتخاذ قرار يشعر بعضهم بأنه مجبر عليه دون أن يكون مقتنعا به».
أما مسؤول الملف الأكاديمي في مؤسسة «حرية الفكر والتعبير» (منظمة حقوقية مستقلة)، محمد عبد السلام، فقال، إن «الحجة التي ساقها (نصار) تثير تساؤلات كثيرة، كأن رئيس الجامعة حصر كل مشكلات التواصل مع الطلاب في النقاب الذي ترتديه بعض عضوات هيئة التدريس، دون أن يضع الأمر في سياقه الأكبر بتوضيح كل ما يعيق تواصل الطلاب مع أعضاء هيئة التدريس داخل الجامعة».
وتابع عبد السلام: «كان يمكن حل مشكلة النقاب دون الحاجة إلى إصدار قرار... كان الأفضل تحديد الأقسام التي يحتاج التعلم فيها إلى تواصل مباشر بالوجه كأقسام الصوتيات واللغات، لكن الأمر بهذا الشكل ينطوي على تمييز واضح ضد المنقبات». وأضاف: «الوضع داخل الجامعات المصرية كلها يعاني أزمة في احترام الحقوق والحريات للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ويظهر ذلك في منع الطلاب من دخول الجامعة بملابس يرى أمن الجامعة أنها قصيرة أو غير ملائمة، أو حتى في التعليقات التي يوجهها الأمن الإداري بشأن الاختلاط بين الطلاب والطالبات».