بدا أنّ حكّام العراق أدركوا أنهم أقدموا على خطوة من العيار الثقيل عندما قرروا، باسم «هيئة العدالة والمساءلة»، منع «جبهة الحوار الوطني» التي يتزعمها صالح المطلك، من حق الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة. «خطأ» قد تكون حكومة نوري المالكي مضطرة إلى التراجع عنه، في ضوء المعطيات التي ظهرت في اليومين الماضيين، وخصوصاً مع تحرك الجامعة العربية لاحتواء القرار، لكن تحديداً في ظل تلويح أحد أكبر التحالفات الانتخابية بمقاطعة عملية الاقتراع في حال عدم التراجع عن قرار منع كتلة المطلك من خوض الانتخابات.وقال حيدر الملا، المتحدث باسم «الكتلة الوطنية العراقية» التي ينضوي المطلك تحت لوائها، إثر اجتماع ضم رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي ونائب الرئيس طارق الهاشمي ونائب رئيس الوزراء رافع العيساوي والمطلك، إضافة إلى أبرز نواب العرب السُّنة في البرلمان، أسامة النجيفي وظافر العاني: «سنعيد النظر في موقفنا من الانتخابات، ما يعرّض العملية السياسية للخطر». وأوضح أنّ هذه الوسيلة «واحد من الأبواب التي من الممكن أن تُطرق إذا ما استمرت هذه الحماقة». كذلك دعا بيان صدر عن اجتماع أطراف التحالف الانتخابي إلى «تجميد أعمال هيئة المساءلة والعدالة، وإلى مساءلتها قانونياً على ما ارتكبته من قرارات مجحفة».
وفي السياق، كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، أنه قرر إرسال نائبه أحمد بن حلي إلى بغداد لإجراء مباحثات «بشأن المستجدات والتطورات الأخيرة التي طرأت على الساحة العراقية». وفيما لم يوضح موسى ماهية هذه «التطورات» التي حتّمت الزيارة، أشار دبلوماسيون عرب إلى أنها تندرج في إطار وساطة لحل الأزمة التي اندلعت بسبب قرار حرمان المطلك وقائمته من الترشح في الانتخابات. ولفتت المصادر إلى أنّ المطلك وقادة سياسيين عراقيين أجروا اتصالات مع موسى لحثّه على التدخل في الأزمة، وهو ما حتّم عليه الاستجابة.
في هذه الأثناء، اتهم علي الأديب، وهو قيادي بارز في «ائتلاف دولة القانون» التابع للمالكي، المطلك بـ«استخدام قضية إخراجه من الانتخابات المقبلة للدعاية الانتخابية ولتشويه صورة المالكي وحزبه». ورأى أن المطلك «يحاول استثارة عواطف الناقمين على العملية السياسية الجديدة، وعلى الإنجازات التي حققتها الحكومة، لإرجاع العراق إلى المربع الأول والوضع السابق».
وفي ضوء هذا السجال، أعلن المتحدث باسم المفوضية العليا للانتخابات، القاضي قاسم العبيدي، أنّ مفوضيته ستقرر، في غضون أيام، ما إذا كانت ستوافق أو سترفض قرار منع المطلك من خوض الاستحقاق الانتخابي.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)