إقبال على تخزين المواد الغذائية خشية عدوان مفاجئغزة ــ قيس صفدي
تسيطر هواجس الخوف من حرب إسرائيلية جديدة على سكان قطاع غزة، الذين لم تندمل جراحهم بعد من الحرب السابقة، لتعاود قوات الاحتلال تصعيدها ضد القطاع في ترجمة سريعة للتهديدات الإسرائيلية المتنامية، ولا سيما أن الأيام الأخيرة كانت حافلة بغارات وسقوط شهداء، في وتيرة تذكّر بالأيام السابقة لعدوان «الرصاص المصهور».
التباين بدا واضحاً في الشارع الغزي إزاء التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير، فبينما سيطر خوف حقيقي على قطاع واسع من المواطنين خشية اندلاع حرب جديدة، رأى آخرون أن التصعيد الميداني وحدّة التهديدات يندرجان في سياق «الحرب النفسية». مخاوف الغزيين من حرب جديدة تتزامن مع ذكرى مرور عام على الحرب الإسرائيلية السابقة التي أودت بحياة 1400 شهيد وأكثر من 5 آلاف جريح، ودمار واسع في البنية التحتية والمنازل السكنية. حرب لم تخرج بعد من ذاكرة سكان القطاع. يقول نادر البشبيشي: «لم ننسَ بعد آلام الحرب السابقة ومآسيها، حتى تهددنا قوات الاحتلال بحرب جديدة»، متسائلاً: «ألا يكفي ما نحن فيه من حصار ودمار. ماذا يريد العالم منا؟ الكل يقف صامتاً إزاء الجرائم بحقّ غزة، وكأنهم يتمنون أن يبتلعنا البحر». ولا يخفي البشبيشي تخوفه من وقوع حرب جديدة على غزة، ويقول: «كل المعطيات تدل على أن الحرب ليست بعيدة في ظل التصعيد الميداني وتهديدات قادة الاحتلال المتنامية والتحريض المتواصل على فصائل المقاومة وتضخيم ما تمتلكه من أسلحة متواضعة».
وكان القائد السابق للمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، طوف سامية، كشف عن أن جيش الاحتلال يتدرب حالياً لشنّ حرب جديدة على غزة، في ظل استمرار إطلاق الصواريخ الفلسطينية.
وشهد القطاع خلال الأيام الماضية سلسلة من عمليات القصف المكثفة استهدفت أنفاقاً للتهريب على الحدود الفلسطينية ـــــ المصرية في مدينة رفح، جنوب القطاع، ومجموعات من نشطاء المقاومة، أدت إلى استشهاد أكثر من عشرة شهداء.
ويرى البشبيشي أن الاحتلال ليس بحاجة إلى مبررات كي يشنّ حرباً جديدة على غزة، لكنه يعمل على تجنّب ما تعرض له من انتقادات دولية خلال الحرب السابقة عبر التحريض على فصائل المقاومة وما تمتلكه من أسلحة، واستغلال إطلاق فصائل صغيرة لصواريخ محلية الصنع.
ويعتقد البشبيشي أن فصائل المقاومة مطالبة بالتوصل إلى موقف موحّد وترشيد أساليب المقاومة، لافتاً إلى أن إطلاق الصواريخ في الوقت الحالي يقوي موقف قوات الاحتلال أمام العالم ويمنحها المبررات لشنّ عدوان جديد. ويتابع: «الأوضاع الإنسانية والمعيشية في غزة، وحال المشردين الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم خلال الحرب الأخيرة، لا تحتمل حرباً جديدة». لكن عثمان حرز الله يعتقد أن صواريخ المقاومة هي ردّ فعل على التصعيد والعدوان الإسرائيلي المتنامي على غزة. ويتابع باهتمام بالغ نشرات الأخبار والتصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير المتزامن مع تصعيد في حدة التهديدات الصادرة عن قادة الاحتلال.
ولا يستبعد حرز الله حرباً جديدة على غزة، لكنه يحرص على الحديث بنبرة تحدٍّ، ويقول: «إذا شن الاحتلال حرباً جديدة فسيفشل فيها كما فشل في الحرب السابقة». ويشدد على أن «سكان غزة لم يستسلموا في السابق ولن يستسلموا رغم تهديدات الحرب الحالية، وسيقاومون أي عدوان عليهم بإمكاناتهم المتواضعة».
ويرى حرز الله، الذي يمتلك محلاً تجارياً في حيّ الرمال وسط مدينة غزة، أن التهديدات الإسرائيلية وعمليات القصف والاغتيال الأخيرة لم تؤثر على حياة السكان اليومية، مضيفاً: «الناس في غزة اعتادوا القلق والتهديدات، ويواصلون حياتهم كالمعتاد».
ورغم ثقة حرز الله ونبرة التحدي لديه، يبدي أبو محمد العالول تخوفاً شديداً من حرب آتية يتمنى عدم وقوعها. ويحاول أبو محمد، وهو أب لتسعة أبناء اضطر إلى هجر منزله خلال الحرب الأخيرة، طمأنة نفسه بأنّ القصف والتهديد الأخير مجرد ضغط إسرائيلي يندرج في سياق «الحرب النفسية»، الهدف منه إثارة الفتنة الداخلية.
غير أن أبو محمد يُقرّ بانعكاس القلق على حياته اليومية، ويقول إنه تزود بالفعل ببعض الأغذية والمعلبات والدقيق خشية اندلاع الحرب في أي وقت على نحو مفاجئ مثلما حدث سابقاً.
ولم ينسَ أبو محمد بعد ذكرياته الأليمة في الحرب السابقة، إذ نفد الدقيق من منزله واضطر إلى الاعتماد على الأرزّ لعدة أيام واستدانة بعض الدقيق من جيرانه وأقاربه.
ويتفق خليل الجزار مع أبو محمد في احتمال أن تكون التهديدات مجرد «حرب نفسية»، الهدف منها الضغط على سكان غزة وتحريضهم على فصائل المقاومة لوقف إطلاق الصواريخ. بيد أن الجزار يعتقد أن «هذه التهديدات والضغوط يجب أن لا تعرقل حياتنا»، داعياً في الوقت نفسه المواطنين، ونشطاء فصائل المقاومة تحديداً إلى اليقظة والتأهب.
ويقول أبو السعيد، وهو صاحب محل لبيع البقالة والمواد الغذائية في حي تل الهوا الذي تعرض للاجتياح والتدمير خلال الحرب الأخيرة، إن السكان يقبلون إقبالاً لافتاً على شراء المعلبات الغذائية والتزود بمستلزمات منزلية إضافية، خشية وقوع الحرب. ويضيف أن «السكان في غزة لم ينسوا بعد ما عايشوه من معاناة وضغط خلال الحرب السابقة، وعدم قدرتهم على التحرك للتسوق والتزود باحتياجاتهم، ويبدون خشية من حرب جديدة».
ويستذكر أبو السعيد كيف استغلّ بعض التجار ظروف الحرب السابقة ومارسوا الاحتكار ورفع الأسعار بأبشع صوره، داعياً التجار إلى الإحساس بأوضاع السكان وعدم الاستغلال لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل.


3 شهداء وتوغّلوقالت «كتائب القسام» إنّ الناشط ثائر نبيل رمضان خضر قتل أثناء تأديته «مهمة جهادية» من دون أن تقدم المزيد من التفاصيل. وقال مسؤولو مستشفى فلسطينيون إنّ هجوماً صاروخياً إسرائيلياً قتل اثنين من مسلحي «حماس» في شمال القطاع الاثنين، لكنّ إسرائيل نفت تنفيذ أيّ عمل عسكري في المنطقة. وقال متحدث عسكري إسرائيلي: «لم تقم قواتنا بأيّ عمليات في المنطقة».
(يو بي آي، رويترز)