حاول وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، تسجيل إنجاز سياسي لنظامه من خلال الإيحاء بالحصول على موافقة من رئيس الحكومة الإسرائيلية على «قدس عربية»، الأمر الذي سارع مكتب بنيامين نتنياهو إلى نفيه كلياً
مهدي السيّد
نفى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، أمس، الكلام الذي نشرته صحيفة «هآرتس» نقلاً عن وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، الذي يفيد بأنّ بنيامين نتنياهو أبدى ليونة واستعداداً للاعتراف بالـ«القدس العربية» عاصمةً للدولة الفلسطينية المستقبلية، ونفى ما تروّجه الصحافة المصرية عن حصول تغييرات في مواقفه.
وقال مكتب نتنياهو إن «رئيس الحكومة لم يغيّر مواقفه المعروفة، ويؤكد في اتصالاته مع كافة زعماء العالم أنّ القدس ستبقى موحدة تحت السيادة الإسرائيلية، والحدود الآمنة لإسرائيل لا تشمل العودة إلى حدود عام 1967».
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مقربين من رئيس الحكومة قولهم إن «ما نُشر يمثّل ربما المواقف الفلسطينية، لكنها بالتأكيد لا تمثّل مواقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والعكس هو صحيح».
وكانت صحيفة «هآرتس» قد ذكرت أن أبو الغيط قال في لقاء مع وزراء خارجية أوروبيين وعرب، عقد الأسبوع الماضي في القاهرة، إن نتنياهو أعرب في محادثاته مع الرئيس حسني مبارك عن استعداده للبحث في «القدس العربية» عاصمة الدولة الفلسطينية، وفي موازاة ذلك فإن «السلطة الفلسطينية مستعدة لأن تبدل مطلبها بتجميد البناء في شرق القدس بشروط أخرى، مثل وقف التصفيات في الضفة وتسهيلات في الحصار على غزة».
ونقلت الصحيفة عن موظفين إسرائيليين كبار ودبلوماسيين أوروبيين وضعوا في صورة تفاصيل المحادثات، قولهم إن وزير الخارجية المصري أطلع نظراءه على المحادثات التي أجراها نتنياهو مع مبارك قبل أيام من ذلك، وشدد على «رضى مصر عن نهج نتنياهو».
وقال الموظفون الإسرائيليون والدبلوماسيون الأوروبيون إن أبو الغيط أضاف أنّ «المواقف الحالية بشأن منح تعويض إقليمي كامل للسماح للفلسطينيين بالحصول على مئة في المئة من مساحة الضفة الغربية، والاستعداد للبحث في القدس العربية عاصمةً لفلسطين يدلان على انفتاح ونية طيبة ويشيران إلى تغيير بالنسبة إلى الماضي».
أبو الغيط: استعداد لسحب «تجميد الاستيطان» مقابل 5 مطالب
وبحسب «هآرتس»، عرض وزراء الخارجية العرب موافقة فلسطينية على استبدال الشروط المسبقة التي يطرحونها لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل ـــــ أي التجميد المطلق للبناء في شرقي القدس واستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها ـــــ بخمسة شروط سيكون أسهل على نتنياهو قبولها، ولا سيما من ناحية سياسية داخلية. والشروط الفلسطينية الجديدة هي: وقف التصفيات، تخفيف الحصار عن قطاع غزة وإعطاء إذن بإدخال كمية مواد بناء تسمح ببدء إعمار القطاع، إعادة ترتيب المناطق «أ» في الضفة حيث للفلسطينيين سيطرة كاملة، ومناطق «ب» في الضفة، التي للفلسطينيين فيها سيطرة مدنية فقط. بمعنى إعادة قوات الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي كانت فيها في الضفة قبل اندلاع انتفاضة الأقصى في نهاية أيلول 2000، الإفراج عن أسرى فلسطينيين معينين للسلطة الفلسطينية، إزالة مزيد من الحواجز في الضفة.
وأوردت «هآرتس» ردّ مكتب نتنياهو على تقريرها، الذي جاء فيه أن رئيس الوزراء «لم يغير مواقفه في لقائه مع الرئيس المصري، وأن المواقف التي جاءت في التقرير لم تعرض من جانبه في لقاءاته السياسية».
في غضون ذلك، يجري ثلاثة من مستشاري نتنياهو، منذ أول من أمس، محادثات في القاهرة بهدف تعزيز الضغط المصري على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لإعادته إلى طاولة المفاوضات.
وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن المستشارين هم رئيس مجلس الأمن القومي عوزي أراد، والمحامي اتسحاق مولكو، والسكرتير العسكري لوزير الدفاع في الآونة الأخيرة العميد مايك هرتسوغ. وربطت «إسرائيل اليوم» بين الزيارة والتحركات والجهود الإسرائيلية والأميركية والمصرية، خلال الأسابيع الأخيرة، لتحريك عملية السلام وتغيير وجهة نظر عباس الرافضة للجلوس مع نتنياهو، ما دام البناء في القدس لم يتوقف.
ونقلت «إسرائيل اليوم» عن محافل سياسية في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية قولها: «نحن نؤمن بأن ضغطاً مصرياً أردنياً، من شأنه أن يؤثر على رئيس السلطة، لإعادته إلى طاولة المفاوضات».
غير أن عبّاس جدد أمس تأكيد رفض استئناف المفاوضات مع إسرائيل من دون وقف كامل للاستيطان، ولا سيما في القدس الشرقية لمدة معينة.
وقال عباس، عقب وداع رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف في مقر الرئاسة بمدينة رام الله: «لا مفاوضات مع الاستيطان، ولن نقبل بأن نستأنف المفاوضات من دون وقف كامل للاستيطان، وبالذات في القدس، لمدة معينة». وأكد ضرورة معرفة مرجعية المفاوضات «لأن هناك ضبابية حول المرجعية من الإسرائيليين، ونحن نقول إن المرجعية هي المرجعية الدولية».