القاهرة «مستاءة»... ودمشق «لا تفهم مبرّرات» الموقف المصريلم تشهد الرياض أمس قمّة ثلاثية بين الملك السعودي والرئيسين السوري والمصري. اكتفت بالصيغة الثنائيّة، التي من المرجّح أنها خصصت لليمنعناوين عامة صدرت أمس بعد القمّة السعودية ـــــ السوريّة في الرياض، جاء اليمن في مقدمتها، إضافة إلى إيران وعملية السلام والمصالحة الفلسطينية. لكن الأبرز كان عدم تحوّل القمّة الثنائية إلى ثلاثيّة، مع غياب الرئيس المصري حسني مبارك، الذي روجّت بعض الأنباء أنّ الرياض تقود وساطة بينه وبين نظيره السوري.
القمّة الثنائية لم تُثمر إلا بياناً نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس»، التي أشارت إلى أن الملك السعودي عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد أجريا «محادثات تناولت عملية السلام في الشرق الأوسط وسبل توحيد الموقف العربي».
وذكرت الوكالة أن الأسد، الذي وصل إلى المملكة في زيارة «تستمر أياماً عدة»، بحث مع عبد الله في مزرعته في الجنادرية بالقرب من الرياض «مجمل الأوضاع على الساحة العربية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام المتعثرة في المنطقة والجهود المبذولة لتنقية الأجواء وتوحيد الصف العربي وتعزيز علاقات الأخوة والعمل على حل القضايا العربية من دون تدخل خارجي».
وبحسب الوكالة، «أكد الزعيمان دعمهما لليمن الشقيق وقيادته وحرصهما على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه».
وكان الملك السعودي قد اصطحب الأسد في موكب رسمي إلى مزرعته في الجنادرية، حيث أقام وليمة على شرفه قبل أن يعقدا جلسة محادثات.
وقبل القمّة، أشارت مصادر دبلوماسية في الرياض إلى أن «الملف الإيراني بشقه النووي من جهة وعلاقة طهران بدول الخليج من جهة أخرى سيكون موضع تداول موسّع بين الزعيمين السوري والسعودي، إضافة إلى ملفي المصالحة الفلسطينية ـــــ الفلسطينية والسلام مع إسرائيل».
ورفض المصدر، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، تأكيد وجود مقترحات سورية لحل الأزمة في اليمن، واكتفى بالقول: «سنستمع إلى الرئيس السوري».
وقال مسؤول في وزارة الخارجية السعودية إن القمة السعودية ـــــ السورية «ستبحث بتفصيل، المشكلة اليمنية وتطورات الوضع على الحدود السعودية مع صنعاء في ظل استمرار المواجهات بين المتمردين الحوثيين والقوات السعودية».
الهدف من زيارة الأسد هو تحقيق المصالحة الفلسطينية
من جهة أخرى، نفى مصدر سعودي رفيع المستوى أن تكون الدعوة قد وُجهت إلى الرئيس المصري للانضمام إلى قمة الرياض.
وكان وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، قد قال في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية الصين، إن الأسد والملك عبد الله سيبحثان «المصالحة العربية». لكنه رفض الكشف عمّا إذا كان الرئيس المصري حسني مبارك سينضم إلى المحادثات.
بدوره، أشار الدبلوماسي السعودي السابق، رئيس تحرير صحيفة «الوطن» جمال خاشقجي، إلى أن «الهدف من زيارة الأسد هو تحقيق المصالحة الفلسطينية بمساعدة السوريين، لكن المثلث يجب أن يكتمل أيضاً بمشاركة المصريين في المحادثات، ما يعني الحاجة إلى تحقيق مصالحة بين السوريين والمصريين». وقال إن انضمام مبارك إلى المحادثات سيؤدي إلى إحراز تقدم.
وفي القاهرة، قالت مصادر مصرية وسورية وسعودية، لـ«الأخبار»، إن الحديث عن انعقاد قمّة للمصالحة بين مبارك والأسد، برعاية عبد الله، لا يزال مبكراً، مشيرة إلى أن الأجواء بين القاهرة ودمشق لا تزال ملبدة بالغيوم.
وقال سفير السعودية في القاهرة، هشام الناظر، لـ«الأخبار»، إنه «لا علم لدينا بوجود وساطة بين القاهرة ودمشق»، لكنه لفت في المقابل إلى أن السعودية حريصة على تنقية الأجواء العربية وتنسيقها.
بدوره، قال مصدر مصري مسؤول: «نعتقد أن العلاقات مع دمشق في حالة غير مسبوقة، وتطويرها في حاجة إلى جهد مشترك بين الطرفين». وأضاف: «لدينا مآخذ على السياسة السورية وارتباطها بالمصالح الإيرانية في المنطقة، وطلبنا من دمشق صراحة حرمان إيران كل أوراق اللعبة التي تمارسها لتعزيز مصالحها على حساب العرب». ولفت المصدر إلى أن «القاهرة مستاءة من كون دمشق منحازة على طول الخط للموقف الإيراني، فيما علاقاتها لا تزال متوترة مع مصر في الوقت الراهن».
لكن مصدراً سورياً مطّلعاً قال لـ«الأخبار» إن «دمشق لا تتفهم مبررات الموقف المصري المتحفظ ضدها»، مشيراً إلى أن سوريا تدرك «أهمية مصر ودورها الإقليمى والعربي».
ورأى المصدر أن «العلاقات بين القاهرة ودمشق ليست على النحو الذي يأمله السوريون»، نافياً أن تكون بلاده «تتخذ مواقف أو سياسات مناوئة للسياسة المصرية سواء في اتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية أو العراق أو عملية التسوية السلمية في الشرق الأوسط».
وعلمت «الأخبار» أنه لا صحة لما أشيع عن توجه سفير سوريا في القاهرة، يوسف أحمد، أمس إلى السعودية للالتحاق بقمة ثلاثية لم تلتئم. وقالت مصادر سورية إن السفير موجود حالياً في سوريا بعدما شارك في تشييع جنازة والدته التي توفيت قبل أيام.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)