خاص بالموقع - قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية اليوم إن توتراً شديداً يسود العلاقات بين إسرائيل والأردن، وقطيعة تكاد تكون مطلقة بين الملك الأردني عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية انعدام ثقة الأول بنوايا الثاني حيال العملية السياسية في المنطقة.وأشارت الصحيفة إلى أنه خلافاً للعلاقات الإسرائيلية التركية حيث التوتر بينهما علنياً ومتداولاً في وسائل الإعلام، فإن الأزمة في العلاقات الأردنية الإسرائيلية هي هادئة لكنها أعمق وأشد بكثير.
وأضافت «هآرتس» أنه منذ بدء ولاية نتنياهو الثانية في رئاسة الحكومة في نهاية شهر آذار الماضي، التقى الملك الأردني مرة واحدة في أواسط أيار ومرة ثانية لمدة لا تزيد عن خمس دقائق في أروقة مقر الأمم المتحدة في نيويورك على هامش أعمال افتتاح أعمال الجمعية العامة في نهاية أيلول الماضي.
وقال موظفون سياسيون إسرائيليون رفيعو المستوى إن نتنياهو وعبد الله الثاني تحدثا عبر الهاتف مرة واحدة فقط خلال الشهور التسعة الماضية.
وزار مستشار الأمن القومي الإسرائيلي عوزي أراد، الأردن مرتين لكن تعامل القصر الأردني معه كان متشككاً ومتردداً على خلفية ترسبات من فترة ولاية نتنياهو السابقة.
وتجري الاتصالات بين الأردن وإسرائيل من خلال اتصالات بين عبد الله الثاني والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز مرة كل بضعة أسابيع ومن خلال اتصالات يجريها رئيس الموساد مائير داغان مع القيادة الأردنية.
لكن قناة الاتصال الأساسية بين الدولتين تجري من خلال السفير الإسرائيلي في عمان دانيال نيفو، الذي قالت «هآرتس» إنه محل تقدير في الأردن، ومن خلال السفير الأردني في تل أبيب علي العايد.
ويدل تصريح للملك الأردني على انعدام ثقته بنتنياهو حيث قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة «التايمز» اللندنية في أيار الماضي إنه «كان لدي ثلاثة شهور توليت خلالها منصب الملك في موازاة نتنياهو (في عام 1999) وقد كانت هذه الشهور الأقل راحة في كل السنوات العشر لولايتي حتى اليوم».
وقالت «هآرتس» إنه في موازاة ذلك يقاطع الأردن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ومثل نظرائه العرب يتعامل وزير الخارجية الأردني ناصر جودة مع ليبرمان على أنه «مجذوم» ويرفض إجراء أي اتصال معه.
وينسحب ذلك على المستويات الأدنى حيث لم يعقد المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية يوسي غال، أي لقاء مع نظيره الأردني أو مسؤولين في وزارة الخارجية الأردنية حتى اليوم.
ونقلت الصحيفة عن موظفين إسرائيليين كبار قولهم إن العلاقات بين إسرائيل والأردن «في درك خطير وأزمة حقيقية وهناك انعدام ثقة حقيقي ويصعب العمل هكذا».
وقال وزير إسرائيلي مطلع على العلاقات مع الأردن إن هناك أزمة شديدة بين الدولتين. كما شددت مصادر أردنية رسمية في حديث مع هآرتس على خطورة تدهور العلاقات بين الدولتين.
إلى ذلك أجمع المسؤولون الإسرائيليون والأردنيون الذين تحدثوا للصحيفة على أن الحرب على غزة ونتائج الانتخابات العامة الإسرائيلية العام الماضي التي دلت على فوز اليمين والجمود الحاصل في المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية هي العوامل التي سببت الأزمة الخطيرة في العلاقات.
كذلك أكد المسؤولون أن عبد الله الثاني والقيادة الأردنية لا يرون أن هناك نوايا صادقة لدى نتنياهو في ما يتعلق بعملية السلام ويعتبرون أنه يخدعهم.
وقال مصدر أردني رفيع المستوى للصحيفة «حتى اليوم لم نسمع غاية من نتنياهو بوضوح وما إذا كان ملتزماً بعملية السلام ومدى جديته في ما يتعلق بقيام دولة فلسطينية، ونتنياهو يعرف موقفنا بدقة والملك قال له كل شيء بصورة واضحة ومباشرة لكن للأسف فإننا لا نرى أي تجاوب وتقدم في عملية السلام».
وأضافت الصحيفة أن التشكك والغضب الأردني تجاه نتنياهو يبرزان خاصة في قضية القدس الشرقية والحرم القدسي، وقدم الأردن خلال الشهور الماضية أكثر من خمسة احتجاجات دبلوماسية إلى إسرائيل أو تم استدعاء السفير الإسرائيلي في عمان لبحث مواضيع متعلقة بالقدس.
وشدد الأردن على أنه يطبق بذلك مسؤوليته تجاه القدس الشرقية والأماكن المقدسة فيها وفقاً لما نصت عليه معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل.
وأضافت أن الأردن يحتج دائماً على الحفريات الأثرية الإسرائيلية في محيط الحرم القدسي التي تزعزع أسس المسجد الأقصى «لكنهم يرفضون الانضمام إلى موظفي وزارة الخارجية (الإسرائيلية) في جولة للتأكيد أن حفريات كهذه لا تُنفّذ».
وقال موظفون إسرائيليون إنه تجري محاولات كثيرة لتحسين العلاقات مع الأردن لكن الأردنيين لا يتجاوبون معها، وإن جميع المشاريع المشتركة باستثناء مشروع المياه أصبحت في حالة جمود.
وتعقيباً على تقرير «هآرتس»، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن «رئيس الوزراء يرى أهمية بالغة لتنمية علاقات السلام وحسن الجوار مع الأردن، والاتصالات السياسية بين الدولتين مستمرة طوال الوقت في المستويات الدبلوماسية». وأضاف التعقيب أن «رئيس الوزراء سيكون مسروراً بالتقاء ملك الأردن في أي فرصة تكون هناك حاجة لذلك». واعتبر مكتب نتنياهو أن «النوايا الجدية لحكومة إسرائيل بتحريك عملية السلام مع الفلسطينيين جرى إثباتها في الشهور الأخيرة من خلال سلسلة خطوات، واليوم تدرك جميع الجهات الموضوعية في المجتمع الدولي أن قيادة السلطة الفلسطينية هي رافضة السلام وهي التي ترجئ الشروع في عملية سياسية».
(يو بي أي)