يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي مناورته «الناجحة» في رمي الكرة في الملعب الفلسطيني، بدعم أميركي، وجديدها هذه المرة يرتكز على استبدال المواقف السياسية بتحرير بضع مئات من الأسرى والمعتقلين لحركة «فتح»
علي حيدر
بموازاة مواقفه السياسية المتشددة وسياسة فرض الوقائع على الأرض، ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن موافقته على تحرير مئات المعتقلين المنتمين إلى حركة «فتح»، في جزء من خطوة تحاول من خلالها الولايات المتحدة ومصر الدفع باتجاه استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، على مستويات منخفضة بوساطة أميركية.
ونقلت «هآرتس» عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى في القدس قوله إن الكلام الذي أدلى به نتنياهو خلال جلسة الحكومة الأحد الماضي، عن سماعه أفكاراً جديدة من الإدارة الأميركية يمكن، إذا ما أبدى الفلسطينيون اهتماماً، أن تؤدي إلى استئناف المفاوضات. ويرتكز الاقتراح الجديد، الذي تقدم به المبعوث الأميركي جورج ميتشل، على إدارة المفاوضات في المرحلة الأولى وفق نموذج «محادثات تقريب» يشبه النموذج غير المباشر الذي دار بين إسرائيل وسوريا عبر تركيا، على أن يجري ميتشل جولات مكوكية بين القدس ورام الله ونقل الرسائل المتعلقة بمواقف الطرفين من القضايا الجوهرية، ويبدأ بعد ذلك محادثات بمستويات منخفضة لفحص إذا ما كان ممكناً الانتقال إلى مفاوضات شاملة على مستوى القادة. وأكد المصدر الإسرائيلي أن نتنياهو ردّ بالإيجاب على الاقتراح، فيما لم يقدم الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس رده، مشيراً إلى أنه «سيفكر بذلك وسافر إلى الخارج من دون أن يردّ».
وتضمن اقتراح ميتشل أيضاً أن تبادر إسرائيل، بموازاة البدء بالمحادثات، إلى تحرير مئات المعتقلين من حركة «فتح»، إضافة إلى مبادرات أخرى على شاكلة إزالة المزيد من الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية.
في هذا الوقت، كرر نتنياهو موقفه بخصوص الكتل الاستيطانية الكبرى خلال غرسه شجرة في مستوطنة أريئيل التي تقع جنوبي مدينة نابلس، في شمال الضفة، بالتأكيد أن «عاصمة السامرة (أريئيل) ستكون جزءاً لا يتجزأ من أرض ودولة إسرائيل في أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين»، مشدداً على أن الحكومة الإسرائيلية عازمة على مساعدتها في التطور. وأضاف نتنياهو: «إننا نغرس ثلاثة أساسات هنا، وهي تعاظم القوة والاستيطان والثقافة، وهنا قلب بلادنا وهنا كان أجدادنا وهنا سنبقى ونبني»، متعهداً بناء «مركز ثقافي أيضاً إلى جانب المركز الجامعي في أريئيل ليكون مكملاً له».
ورأى نتنياهو أن توجه إسرائيل نحو «تعميق التعايش مع جيراننا لن يجعلنا نتوقف عن العيش هنا والاستمرار في الزرع والبناء».
إلى ذلك، نقلت صحيفة «هآرتس» أيضاً عن مصادر أمنية إسرائيلية تأكيدها أن مصر تبنت وجهة النظر الإسرائيلية ـــــ الأميركية، التي تفيد بأن لا شيء إيجابيّاً سيتمخض عن جهود القاهرة لعقد مصالحة بين «حماس» والسلطة الفلسطينية. ولفتت الصحيفة إلى أن إدارة أوباما تخشى أن يعزز اتفاق المصالحة حركة «حماس» على حساب عباس ورئيس وزرائه سلام فياض. وتابعت الصحيفة أنه «أُوضح للمصريين أنّ حكومة الوحدة الوطنية ستصبغها بألوان حماس، ومن شأن ذلك أن يضع عراقيل قانونية أمام الإدارة الأميركية لجهة استمرار تقديم المعونات للسلطة الفلسطينية».
وتضيف «هآرتس» أن «القاهرة لن تقول ذلك علناً، إلا أن مبادرتها للمصالحة لفظت أنفاسها».