«حماس» تحذّر من نقل أرض المعركة: زوّد غزّة بـ«أسلحة خاصّة»فراس خطيب
لم تعتد الدولة العبرية، تبني عمليات كتلك التي استهدفت القيادي في حركة «حماس»، محمود المبحوح أو نفيها. تظل هذه العمليات قيد الكتمان لسنوات طويلة، ويكون «الصمت» في هذه الحالة «استراتيجية إسرائيلية رابحة». فلا تحاسب إسرائيل على مسؤوليتها ولا تجاهر بفعلها علناً، لتربح «عظمة» من «التفاصيل المخفية». فالناس يهوون قصص الظلال، حين يُبحرون في تفاصيل غير متوافرة تراوح بين التخمين والشائعات.
عملية اغتيال المبحوح تنضم إلى حرب الظلال، وهي حرب لم تتوقف. الأشخاص الرئيسيون فيها يعيشون حياة لا يعرفها إلا القلة القليلة. إذ يعيش عناصرها بعيداً عن الأضواء، على هامش المشهد، لكنّهم يحيون فعلياً في صلبه. والمبحوح، بحسب ما تواردت تفاصيل عنه، كان واحداً من هؤلاء الذين أدوا دوراً مركزياً قريباً من قلب الحدث، لكنّه عاش على هامش العناوين بإرادته. وكشف المتحدث باسم «حماس»، طلال نصار، أن المبحوح أدى دوراً رئيسياً في إمداد الفلسطينيين بالأسلحة والأموال، بما في ذلك «أسلحة خاصة» لغزة . وقال إن المبحوح «كان عرضة للخطر في دبي لأنه على عكس رحلات أخرى، استخدم جواز سفر يحمل اسمه الحقيقي وسافر بلا حراس».
وفي السياق، كشفت صحيفة «صاندي تايمز» البريطانية عن أنَّ فريقاً دخل غرفته في فندق «البستان روتانا» في دبي، وضع أفراده لافتة «الرجاء ممنوع الإزعاج» على باب الغرفة، واغتالوه دون إزعاج، بواسطة حقنه بسمّ يسبب أزمة قلبية. كذلك صوّر منفّذو العملية كل الوثائق التي في حقيبته.
«صنداي تايمز»: لافتة «الرجاء ممنوع الإزعاج» والحقنة المسمَّمة وضعتا حداً لحياة
المبحوح
ونسبت الصحيفة البريطانية إلى مصادر «شرق أوسطية» لم تكشف عن هويتها القول «إنَّه جرى تتبُّع المبحوح من اللحظة التي استقل فيها رحلة طيران الإمارات «إكي كي 912» من دمشق في العاشرة وخمس دقائق من صباح يوم التاسع عشر من كانون الثاني الحالي». وأوضحت أن المبحوح «كان يسافر وقتها بجواز سفر مزوّر، ولدى وصوله إلى دبي، تعقبه شخصان وصفتهما الشرطة المحلية بأنهما أوروبيان يحملان جوازات سفر أوروبية».
في هذه الأثناء، تواصل شرطة دبي التحقيق في تفاصيل الحدث، من دون استبعاد فرضية ضلوع الموساد الإسرائيلي، وفقاً لما أكده قائد شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، ألذي أوضح أن المشتبه بارتكابهم الجريمة «سبعة أشخاص على الأقل يحملون جنسيات عدة دول أوروبية» لم يكشف عنها، لكنه تحدث عن وجود «اتصال مع هذه الدول لنتأكد من صحة جوازات السفر» التي استخدمها المشتبه بهم.
في غضون ذلك، جددت «حماس» توعدها بالرد على اغتيال المبحوح. وقال القيادي في الحركة، عضو كتلتها البرلمانية مشير المصري، إن «كتائب القسام ستحدد الوقت والمكان والآلية المناسبة لضرب العدو الإسرائيلي».
أما عضو المكتب السياسي للحركة محمود الزهار فحمّل إسرائيل مسؤولية نقل ساحة المواجهة إلى الخارج عبر اغتيال المبحوح. لكنه استدرك بالقول إنه «حتى هذه اللحظة نحافظ على أن ساحة المعركة وقواعد اللعبة تنحصر فقط داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وعلى المقلب الآخر، سارعت وسائل الإعلام العبرية مع شيوع خبر الاغتيال إلى تعداد «الإنجازات» التي نسبتها وسائل الإعلام الغربية لجهاز الموساد الإسرائيلي، فيما كان التعاطي مع اغتيال المبحوح في جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية أمس، مبطناً. فرفض الوزراء الإسرائيليون التعقيب المباشر على العملية، لكنهم شدّدوا على «إنجازات» رئيس الموساد، مائير دغان، وقوات الأمن الإسرائيلية. وفيما قال وزير «الأقليات» أفيشاي بروفرمان إنَّه من ناحية يجب على إسرائيل العمل حسب قاعدة «من يسعَ إلى قتلك فسارع إلى قتله، ومن ناحية أخرى عليها العمل بجهد لإنجاز السلام حسب دولتين لشعبين»، أكد الوزير دانييل هيرشكوفيتس أنه «لا شك، مائير دغان يعمل بطريقة خارجة عن القاعدة. وانطباعي الشخصي هو أن الموساد يعرف كيف ينفذ عملياته».
أما وزير البني التحتية، عوزي لاندو، فوصف اتهامات «حماس» لحاشيته، التي سافرت إلى أبو ظبي قبل أسبوعين، بأنها على علاقة بعملية الاغتيال، بأن لا أساس لها.
لكن لهذه الاتهامات ما يبررها في نظر محلل الشؤون الاستخبارية والاستراتيجية في صحيفة «هآرتس» يوسي ميلمان، الذي ذكّر باستخدام إسرائيل في عام 1961 طائرة وزير خارجيتها في حينه آبا إيبان، خلال زيارته للعاصمة الأرجنتينية بوينس آيريس لتهريب القيادي النازي أدولف آيخمان إلى إسرائيل، بعدما اختطفه عملاء «الموساد».
من جهته، دعا المحلل العسكري والأمني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» ألكس فيشمان إلى «الاستماع للخلفية الموسيقية». وأكد أنه عندما يتحدث رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء عاموس يدلين عن تجربة أجرتها «حماس» على صاروخ يصل مداه إلى ما بين 60 و70 كيلومتراً «فإنه ينبغي أن يكون واضحاً للجميع أنه لا يتحدث في فراغ لإرضاء الفضول، لكن بإمكاننا الافتراض أنه في إسرائيل يفعلون شيئاً في هذا الموضوع».