يبدو التزام واشنطن بسياسة النأي بالنفس عن التدخل المباشر في سوريا، منسجماً مع العتب الذي حملته «الهيئة العليا» المعارضة على «الصديق الأميركي»، ومرحلة الخلافات مع «أصدقاء المعارضة» الأتراك والخليجيين، الذين أعلنوا مراراً استعداد قواتهم البرية لمواكبة طيران «التحالف» في سوريا. الرفض الأميركي جاء من ألمانيا، التي أبدت زعيمتها ميركل «دعمها المبدئي» لفكرة «المناطق الآمنة»، خلال زيارتها اللاجئين قرب الحدود السورية مع منسق «الهيئة» المعارضة رياض حجاب. كذلك، جاء بالتوازي مع دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى «إعادة إرساء» وقف الأعمال القتالية في سوريا، موضحاً أنه تشاور أخيراً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حول الموضوع. وجدّد في مؤتمر صحافي عقده في هانوفر الألمانية، رفضه فكرة فرض «مناطق آمنة» عبر تدخل خارجي، موضحاً أن الرفض ليس مرتبطاً بأسباب «أيديولوجية» بل «عملية». وتابع أنه بحث الأمر مراراً مع وزارة الدفاع، لكن «للأسف، لا يمكن القيام بذلك إلا إذا تمت السيطرة على قسم كبير من البلاد». وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قد أعلنت تأييدها المبدئي لخيار «المناطق الآمنة» بشرط وجودها «في إطار اتفاق بين النظام السوري ومقاتلي المعارضة»، موضحةً أن «أي تدخل عسكري خارجي هو أمر غير وارد» لفرض تلك المناطق.
مسؤول روسي: لا يجب أن نقسم سوريا إلى مناطق نفوذ

وفي السياق، أوضح أوباما أن حل الأزمة في سوريا غير ممكن «عبر التدخل العسكري فقط»، مشيراً إلى أنه «سيكون من الخطأ» إرسال قوات برية لمحاولة إسقاط حكم الرئيس السوري بشار الأسد. وأشار خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، إلى ضرورة ضغط المجتمع الدولي على جميع الأطراف المعنية بالأزمة «بما فيها روسيا وإيران والمعارضة المعتدلة»، من أجل الجلوس حول طاولة واحدة، والتوصل إلى تفاهم حول عملية الانتقال السياسي. واستبعد هزيمة تنظيم «داعش» أثناء رئاسته للولايات المتحدة، لافتاً إلى إمكانية «تقليص البيئة والمحيط الذي ينشط فيه التنظيم تدريجاً».
إلى ذلك، انتقد رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فيكتور أوزيروف، الاقتراح الأميركي حول تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ. وقال في تصريح لوكالة «إنترفاكس» إن «علينا التعاون مع الولايات المتحدة على أساس المساواة، ولا يجب أن نقسم سوريا إلى مناطق نفوذ»، مضيفاً «علينا كضامنين لوقف إطلاق النار أن نكون متأكدين من شموله مجمل المناطق. هذا هو سبب دعواتنا المتكررة إلى واشنطن للتعاون معنا عبر المركز المعلوماتي في بغداد، وما زلنا مستعدين للتعاون معهم».
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد كشف في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» أن بلاده عرضت على روسيا إقامة نظام لمراقبة الهدنة في سوريا، مع «وضع خط فاصل، معناه أنكم لا تذهبون إلى هنا ونحن لا نذهب إلى هناك، أما في ما بينهما فسيكون اللعب نزيهاً». وأعرب عن أمله بأن يدرس الجانب الروسي هذا الاقتراح، على أن يكون تنفيذه ممكناً الأسبوع المقبل. من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي، الأميرال فلاديمير كومويدوف، أن الاقتراح الأميركي يستحق الدراسة، على الرغم من أنه «جاء متأخراً بعض الشيء».
على صعيد آخر، انتقد منسق «الهيئة العليا» المعارضة، رياض حجاب، مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، معتبراً أنه منذ تعيينه قبل عامين «زاد عدد البلدات والمدن المحاصرة». وقال في تصريحات صحافية من غازي عنتاب التركية، إن «السوريين يموتون... على مرأى ومسمع من المبعوث الأممي وفريقه».