الحسن: 500 مليون دولار مشروطة وسنعيد التفاوض عليها
محمد وهبة
لم تكن وزيرة المال ريّا الحسن متأكدة ما إذا كانت ستلتزم تطبيق إصلاحات باريس ـــــ 3 وتحرير أموال المانحين، الذين ربطوا تعهداتهم بهذه الإصلاحات، أو أنها ستلتزم بتطوير هذه الإصلاحات على قاعدة «الأخذ ببعضها والمفاوضة على تعديل البعض الآخر»، إلّا أنه كان واضحاً من كلامها عن البيان الوزاري، والمناقشات التي أدّى فيها وزير الاتصالات شربل نحاس دوراً رئيسياً، وجود إصلاحات غير ضرورية أو غير واقعية يمكن إعادة النظر فيها.
وكشفت أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يقترح أن يجري تمويل الخصخصة بالسيولة الفائضة الموجودة لدى المصارف، إذ إنه «متحمّس لاستثمار السيولة في الإنفاق الاستثماري للدولة وإشراك القطاع الخاص»، وقالت: «يجب استثمار هذه السيولة في مشاريع منتجة بدلاً من أن تكون وجهتها في سندات الخزينة».
الإصلاحات: أيّ أولوية؟
جاء موقفها من هذه الإصلاحات، في لقاء أجرته أمس مع الإعلاميين، إذ قالت في البدء إنها ستلتزم تطبيق إصلاحات باريس ـــــ 3 وتحرير أموال المانحين المشروطة بهذه الإصلاحات، وخصوصاً أن هناك توافقاً سياسياً بين الأطراف كافة، ثم عادت وأكّدت ردّاً على سؤال طرحته «الأخبار»، أنه اتُّفق خلال مناقشة البيان الوزاري على أن تجري إعادة تقويم إصلاحات باريس ـــــ 3 «حتى نقرّر ماذا نريد أن نأخذ منها وما لا نريده»، مشيرةً إلى «مناقشة المانحين ومفاوضتهم بهدف إعادة النظر بشروط تنفيذ هذه الإصلاحات، لأننا لسنا «محروقين» على هذه المبالغ».
وأوضحت أن من بين الشروط التي يمكن إعادة التفاوض عليها مع المانحين، تتعلق بالخصخصة، وببعض المنح، وبتمديد المهل... مشيرةً إلى أن مجمل قيمة الأموال المشروطة بإصلاحات تبلغ 500 مليون دولار، وذلك من أصل 7.3 مليارات دولار جُمعت في مؤتمر باريس ـــــ3.
وقالت إنه كان لديها إصرار على إدراج كلمة «تحرير الاتصالات» في البيان الوزاري للدلالة على خصخصة القطاع، وعلى موافقة «الجماعة»، أي وزراء المعارضة (ولا سيما الوزيرين شربل نحاس وجبران باسيل)، وأضافت «كانوا منفتحين، فقد جرى الاتفاق معهم على الخصخصة كمبدأ عامّ». ولفتت إلى أن طريقة الخصخصة «تحتاج إلى انتظار خطّة عمل وزيري الطاقة والاتصالات»، إذ إن هناك طرقاً عدّة لإشراك القطاع الخاص. ونحن مع إشراك الناس في عملية الخصخصة، ويبقى تحديد النسب، للمستثمر الاستراتيجي، والجزء الذي سيبقى مملوكاً من الدولة، والجزء المفتوح للاكتتاب العام.
وأكّدت أن الخصخصة ليست أداة لتخفيف كلفة الدين العام فقط، بل هي تسهم في تحرير القطاع المعني، ويجب أن ننظر إليها من منظار اقتصادي لا مالي فقط.
وشدّدت الحسن على أن يكون «الهاجس الأهم هو عدم زيادة النفقات، واستمرار الخفض التدريجي للدين ونسبته إلى الناتج المحلي»، إذ إن الدين العام «يبقى مشكلة قائمة، لكنه ليس مستعصياً، ومعالجته تتطلّب وضع حدِّ لتنامي العجز بالتوازي مع تنامي الاقتصاد بوتيرة أكبر من تنامي العجز»، وبالتالي فإن أي إنفاق يحمّل الخزينة عبئاً استثمارياً، مثل الإنفاق على الكهرباء لزيادة إنتاج التيار الكهربائي، يجب أن ننظر إلى طريقة تمويله، فإذا كان يجب تحميل الخزينة هذا العبء يتحوّل البحث عن الموارد التي يمكن أن تغطّيها.
إلا أن وزيرة المال أقرّت بأنه ليس لديها أي «تصوّر مسبّق في شأن الضريبة على القيمة المضافة»، لكن أيّ قرارات ضرائبية هي قيد الانتظار «في ما سيأتي من الوزارات، ولا سيّما إذا كانت هناك نفقات استثمارية لا تمويل لها من مصدر آخر».
وبالنسبة إلى موازنات عام 2006 و2007 و2008 و2009 الموجودة في مجلس النواب، أوضحت الحسن، أن إقرارها وآليته هما بيد رئيسَي الحكومة سعد الحريري ومجلس النواب نبيه برّي، فمن الممكن أن يحتاج الأمر إلى تسوية لإقرار هذه الموازنات مع المواد الإصلاحية المرفقة بالموازنة، كما يمكن إقرارها على شكل نفقات وإيرادات فقط والنظر في المواد الإصلاحية. وفي ما خصّ مشروع موازنة عام 2010، فقد أُرسل إلى الوزارات لوضع التعديلات عليه في مهلة أسبوعين، تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء.
وكشفت الحسن أن إصدار اليوروبوند الجديد بقيمة 500 مليون دولار «كان ناجحاً، وشهد طلباً كبيراً من جهات أجنبية ولبنانية على السواء، وهو من فئتين، الأولى جذبت 6 أضعاف الرقم المطلوب»، وقالت إن النسبة الأكبر من هذا الطلب كانت على سندات السنوات الخمس، مشيرةً الى أن الإصدار تضمّن «للمرة الثانية فئة طويلة الأجل من سندات 15 سنة».