باريس ــ بسّام الطيارةبينما يلاحق الإعلام الفرنسي «تسونامي الاستفتاء السويسري» حول بناء المآذن، تتابع اللجنة البرلمانية حول النقاب والبرقع أعمالها في ظل تجاهل إعلامي، ما يدفع الجميع للقول إن «إنشاءها وأعمالها ليست لحل مشكلة فرنسية»، وخصوصاً بعدما ثبت أن عدد اللواتي يرتدين البرقع في فرنسا قليل جداً، ولا يتجاوز المئات.
قبل يومين استقبلت اللجنة، التي يرأسها «الشيوعي» أندريه غيران، المتخصص بالإسلاميات طارق رمضان، الذي حضر إلى الجمعية العمومية وسط اعتراض عدد من النواب، وفي مقدمتهم النائب الاشتراكي جان كالفاني، الذي سأل نظراءه «ماذا سوف تربحون من جلسة الاستماع هذه، غير عشرين كاميرا تنتظرنا على الباب عند خروجنا؟».
بالطبع كانت شخصية «المُستَمَع إليه» هي الجاذب الأول للإعلام، وهي محور أسئلة النواب واعتراضاتهم، التي حولت الجلسة «من الاستماع إلى الحوار»، رغم أن رئيس اللجنة كان قد نبّه إلى ضرورة «عدم العودة إلى ما كتبه رمضان ولا إلى اللغط الذي تثيره مداخلاته». إلا أن اللجنة كانت منقسمة بين «من يريد أن يجادل رمضان ومن يريد أن يستمع إلى رأيه العلمي».
إلا أن «شهادة رمضان» كانت ذات وجهين: الوجه الأول يدور حول «مسألة الأمن وكشف هوية من ترتدي البرقع»، وهو كان حازماً في هذا الشيء إذ أكد «أن المرأة عليها أن تبرز وجهها لتكشف شخصيتها»، في إشارة إلى الأماكن التي يجب التعرف فيها إلى الشخص في عملية تعامل تجارية مثل المصارف ومراكز البريد أو رسمية في إدارات الدولة مثل البلديات أو عند طلب وثائق رسمية وفي معاملات الزواج.
إلا أنه بعد ذلك، أكد «معارضته القوية» لأي محاولة «قوننة لمسألة منع النقاب» أو البرقع لأنه يرى أن مثل هذه القوانين تبدو كأنها «تنديد بالإسلام»، مشيراً إلى أنها يمكن أن تقود إلى دفع بعض النساء إلى «البقاء في المنزل»، ما يسهم في كبت حرية المرأة واندماجها في المجتمع. وأشار إلى ضرورة «إشراك السلطات الدينية في إيجاد الحلول» لأنها الوحيدة التي تستطيع أن تقوم بعمل «تربوي» على صعيد المفهوم الديني.
قبل الدخول في فاصل السؤال والجواب مع أعضاء اللجنة، أبرز رمضان امتعاضه «من مبدأ تأليف هذه اللجنة»، متسائلاً عن سبب عدم «التشديد على المسائل الاجتماعية» التي يراها ضرورية لإبراز اندماج المسلمين في المجتمع الفرنسي. ويضيف «نحن نثقف ونحاول زرع انتماء مسلمي فرنسا». واستطرد «ولكن أين فرص العمل؟ أين شقق السكن؟».
الأسئلة جاءت متنوعة من النواب، البعض سأل هل سينطق رمضان الحجج نفسها «إذا كان أمام طلبة أوكسفورد أو أمام جاليات الضواحي؟». البعض أشار إلى أنه يتجاهل «الضغوط التي تتعرض لها المرأة في منزلها لارتداء البرقع» ما يمثل «انتقاصاً من حريتها وكرامتها»، والبعض الآخر ذهب بعيداً بالقول إن طارق رمضان «ربح منصة لا يستحقها» بمروره أمام اللجنة البرلمانية.
الهجوم الأعنف كان من الاشتراكي جان كالفاني، الذي اتهمه بأنه يحمل «خطابين مزدوجين وأنه يتلاعب بالحقيقة». واتهم اللجنة بأنها حوّلت عملها «إلى استعراض إعلامي».
إجابة رمضان جاءت على مستوى العنف نفسه. وقال «أنا أستاذ جامعي أعلم في أوكسفورد وكتبي تُدرَس في ثمانين جامعة أميركية. ومع ذلك، فإني ممنوع من الظهور في أي جامعة فرنسية»، وتساءل بعد ذلك «أين حرية التعبير؟».
انفضت أعمال اللجنة وتوجه كل عضو فيها نحو فريق إعلامي ليزيد من تفسير «ما أراد قوله». فقط رئيس اللجنة غيران استخلص «أن من المفيد أيضاً الاستماع إلى شخص يدور جدل حوله». وسوف تعود اللجنة إلى عملها بعيداً عن الإعلام بانتظار لقاء ثلاثة وزراء في ١٥ الشهر الجاري قبل أن تختتم أعمالها لتقدم تقريرها وتوصياتها إلى الرئيس نيكولا ساركوزي.