باريس ــ بسّام الطيارةيتفق المراقبون على أن مشروع الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي القاضي بذكر القدس الشرقية كـ«عاصمة لدولة فلسطينية مقبلة»، في نصّ يُطرح الأسبوع المقبل على وزراء الخارجية الأوروبيين، يثير جدلاً واسعاً ومتوتراً بين إسرائيل من جهة، والاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى، رغم أن هذه العبارة «في حال ورودها»، وقد بات هذا غير مؤكد، سوف تكون في وثيقة «عامة وفضفاضة تقول الشيء وعكسه». وثيقة يعترف أكثر من مصدر بأن «لا أحد اطّلع على مضمونها بعد»، وبأنها سوف تتطرّق إلى «نظرة عامة» في إطار حل سلمي تفاوضي مع الدولة العبرية. والواقع أن ما بدا في «نسخة أصلية» سُرِّبَت إلى صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، ما هو إلا «ملاحظات بعض الدول المعارضة للمبادرة السويدية»، التي ارتأت أن «تحاصر المبادرة» عبر تسريبات صحافية ظهرت في الصحافة العبرية، قبل أن يتوسع انتشارها، بحسب مصدر أوروبي مطّلع. ومع ذلك، فقد أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إلى أنه «بالنسبة لباريس، فإن النص يدور على الأعضاء ويتم التباحث فيه». ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن «موقف فرنسا المبدئي من المبادرة»، قال إن «موقف فرنسا هو موقف رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي الذي أعلنه في الكنيست والذي يقول حرفياً: لا يمكن أن يحل السلام، مع علمي كم أن هذا الموضوع مؤلم، من دون اعتراف بالقدس عاصمة لدولتين».
وأثار السفير الفرنسي لدى دولة الاحتلال كريستوف بيغو، في تصريحاته لصحيفة «جيروزاليم بوست»، إرباكاً في الـ«كي دورسيه»، وخصوصاً أن هذه التصريحات «تناقض السياسة الفرنسية المعلنة»، وهي ليست المرة الأولى التي يخرج بها «السفير الشاب» (٤١ سنة) المعروف بمواقفه المتعاطفة جداً مع إسرائيل، بتصريحات نارية.
ونقلت «جيروزاليم بوست» عن بيغو قوله «لنعترف بأن هذا النص ليس وثيقة من الاتحاد الأوروبي، إنه مجرد اقتراح سويدي». وجزم بأن القرار «سوف يعدّل، من دون شك، في قمة زعماء الدول الأوروبية المقررة في ٢٧ الشهر المقبل»، وهو ما رأى البعض فيه كأنه عبارة عن «تحفظات فرنسية قوية على الاقتراح».
وكشفت مصادر فرنسية مطّلعة أن «الكيل قد يكون قد طفح من تصريحات السفير بيغو». ولم يتردد أحد المستشارين في الـ«كي دورسيه» عن القول إنّ «الرئيس لن يقبل أن يحاصر بيغو حرية تحركه بتصريحاته». كما لفت أكثر من مصدر إلى أن ما يخرج عن بيغو يسبّب بعض الحرج في أوساط العاملين على ملف المفاوضات التي تريد فرنسا أن تعيد إطلاقها.
لكن بعض المراقبين يرون أن التشديد على مسألة «عدم عرقلة عودة التفاوض»، يمكن أن يُفهم كأنه «رفض لكل ما يمكن أن يدفع إلى تصلب أحد الطرفين»، وبالتالي يمكن أن يكون «مقدمة لتعديل الاقتراح السويدي» بالشكل الذي تريده تل أبيب، أي «تناسي قضية القدس في المرحلة الحالية».
ورغم أن تعديل طرح وزير الخارجية السويدي كارل بيلت أمر ممكن بحسب ما سبق وشهدته أروقة الاتحاد الأوروبي لكل مبادرة في ملف الشرق الأوسط، إلا أن هذا التعديل «لن يكون نتيجة مواقف بيغو وتفسيره الشخصي للسياسة الفرنسية»، على حد تعبير مصدر مقرب من هذه الملفات، إذ إن عدداً متزايداً من الدول الأعضاء بدأ يتأثر بالضغوط الإسرائيلية التي يصفها مصدر فرنسي بأنها «قوية جداً».