كثَّفت إسرائيل والسلطة الفلسطينية نشاطهما الدبلوماسي، قُبيل انعقاد اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل اليوم، حيث ستُناقَش المبادرة السويدية التي تدعو إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين
علي حيدر
في محاولة للتأثير في قرار الاتحاد الأوروبي إزاء القدس المحتلة، اتصل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في الآونة الأخيرة، بزعماء أوروبيين، منهم رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، الذي ستتولى بلاده بدءاً من الشهر المقبل رئاسة الاتحاد الأوروبي، وطلب منه العمل على تغيير مسوّدة مشروع القرار السويدي.
وقال نتنياهو، الذي اتصل أيضاً بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ونقل لها رسالة مشابهة: «لا ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يقرر مسبقاً نتائج مفاوضات التسوية الدائمة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية».
وفي السياق، اتصل مستشار الأمن القومي، عوزي أراد، بنظيره الفرنسي جان دافيد لفيت، الذي يعمل مستشاراً سياسياً للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وأغلب الظن، بنظيره البريطاني سايمون مكدونالد. أما وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، فتحدث في هذا الشأن مع نظرائه خلال اجتماع، في أثينا مع وزراء خارجية إسبانيا وبولندا وهنغاريا وتشيكيا، مشيراً إلى أن «السويد تحاول أن تمرر في الاتحاد الأوروبي عاجلاً قراراً فظاً وأُحادي الجانب». وعبّر عن أمله أن «تعدّل صيغته».
وذكرت «هآرتس» أنّ من المتوقع أن يلمّح الاتحاد الأوروبي إلى أنه سيعترف، مع حلول الوقت، بإعلان استقلال فلسطيني من طرف واحد. ولفتت الصحيفة إلى أن دبلوماسيين من 27 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، لم ينجحوا في مباحثات أولية، في التوصل إلى إجماع على صيغة موحدة للقرار المتصل بالقدس. ونتيجة لذلك، يتوقع أن تنشب خلال مؤتمر وزراء الخارجية الأوروبي جدالات حادة.
وأوضح مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى أن أساس الجدال بين وزراء الخارجية الأوروبيين يتعلق بمكانة القدس، وإمكان الاعتراف بدولة فلسطينية ومدى التأييد لقرار حكومة إسرائيل تجميد البناء في المستوطنات لعشرة أشهر. بموازاة ذلك، أعلنت السلطة الفلسطينية أمس أنها تبذل جهوداً حثيثة بالتنسيق مع الدول العربية لإقناع دول الاتحاد الأوروبي بالموافقة على تبني مشروع القرار الذي ستطرحه السويد.
وعقد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، يوم الخميس الماضي، اجتماعاً للدبلوماسيين الأوروبيين في رام الله وفي شرق القدس ونقل لهم رسائل حادة في هذا الشأن ودعاهم إلى عدم الاستسلام للضغوط الإسرائيلية.
ولفتت «هآرتس» إلى أن السويد، ومعها بريطانيا وإيرلندا وبلجيكا وبعض الدول الأخرى، تدفع باتجاه تبني موقف «شرقي القدس عاصمة الدولة الفلسطينية»، وفي المقابل تدعو فرنسا إلى صيغة جديدة تتطابق وخطاب الرئيس نيكولا ساركوزي في الكنيست قبل سنتين عندما أعلن أن «القدس ستكون عاصمة الدولتين»، من دون الإشارة إلى تقسيمها. كذلك يحاول الفرنسيون أيضاً الدفع باتجاه بيان أكثر تأييداً لقرار تجميد البناء في المستوطنات.
من جهة أخرى، كشفت «هآرتس» عن أن مبعوثَي رئيس الوزراء، المحامي إسحق مولكو وميكي هيرتسوغ، التقيا سراً، قبل أيام في نيويورك، المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل، حيث بُحثت التطورات المتعلقة بالسلطة الفلسطينية قبيل مداولات المجلس المركزي لمنظمة التحرير التي ستُعقَد في رام الله في 15 كانون الأول. وفي أعقاب ذلك، اتصل ميتشيل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وبحث معه إمكان استئناف المفاوضات.

البناء الاستيطاني سيتواصل بعد عشرة أشهر حتى لو قرر الفلسطينيون استئناف المفاوضات
من جهة ثانية، وجه نتنياهو، خلال اجتماع وزراء حزب «الليكود» الذي سبق اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، رسالة طمأنة إلى المستوطنين، أكد لهم فيها أن تجميد البناء في المستوطنات إجراء مؤقت وغير مرتبط باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وشدد على أن البناء الاستيطاني سيتواصل بعد عشرة أشهر، حتى لو قرر الفلسطينيون استئناف المفاوضات وقال أبو مازن «سلام الآن». رغم ذلك، وسّع المستوطنون احتجاجاتهم على التجميد المؤقت لبناء المستوطنات، وأطلق عدد منهم النار على منزل فلسطيني وأشعلوا النيران في آليات رُشقت بالحجارة وهاجموا ضباطاً إسرائيليين في حوادث منفصلة بالضفة الغربية.
إلى ذلك، التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أول من أمس، وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، الذي نقل إليه رسالة شفوية من الملك الأردني عبد الله الثاني بشأن تنسيق المواقف وتعزيز الجهود الرامية إلى إطلاق عملية المفاوضات.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني، إنه «بُحثَت خلال اللقاء كل القضايا التي تهم البلدين».
بدوره، أوضح جودة أن ما قدم أخيراً غير كافٍ لإطلاق المفاوضات، في إشارة إلى إعلان الحكومة الإسرائيلية وقف الاستيطان في الضفة الغربية، من دون القدس، لعشرة 10 أشهر، «لكننا لا نستطيع أن ندّخر أي جهد للخروج من هذا المأزق، وفق المرجعيات المطلوبة وفي الأطر الزمنية المحددة».


لا موعد محدّداً لصفقة التبادل

نفى ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تصريحات عضو الكنيست عن حزب العمل، دانيئيل بن سيمون، التي قال فيها إن نتنياهو أبلغه أن تنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس»، ستُنجز بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية، أمس، عن مصادر في ديوان نتنياهو قولها إن «رئيس الحكومة لم يُدلِ أبداً بكلام بهذا المعنى، لأيٍّ كان، ولم يحدّد موعداً لتنفيذ صفقة شاليط».
وفي أعقاب ما صدر عن ديوان نتنياهو، تراجع بن سيمون عن أقواله، وقال إنه أعرب عن موقفه الخاص من صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، موضحاً «لم أسمع أيّ كلام بهذا المعنى من رئيس الحكومة نفسه».
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت عن بن سيمون قوله إن «صفقة شاليط كانت عالقة لمدة ثلاث سنوات لأن (رئيس الحكومة السابق إيهود) أولمرت لم يكن يريد دفع الثمن، بينما قال نتنياهو إن الصفقة ستنفّذ خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع». وأشار إلى أن القيادي في حركة «فتح»، الأسير مروان البرغوثي، «أُدرج على قائمة السجناء الفلسطينيين المنوي الإفراج عنهم، ضمن إطار هذه الصفقة».
وأضاف بن سيمون إنه «لا يوجد زعيم فعل ما فعله نتنياهو، وهو سيفعل ما لم يجرؤ على فعله أي شخص من حزب العمل»، مشيراً إلى أن إطلاق البرغوثي قد يتيح الفرصة لإسرائيل لأن «تجلس قبالته بعد سنتين، إذ إن النقاش الدائر في إسرائيل يتعلق بكيف نقطع الطريق على حماس، والنقاش الحالي يتعلق بإمكان أن نجعله (البرغوثي) زعيماً، كما أن هناك بحثاً عمّا إذا كان سيجري إخراجه إلى رام الله أم إلى الخارج».
(الأخبار)