رصيد الهاشمي يرتفع على حساب الجميع... والأكراد ينتظرون الضمانات الأميركيّةبغداد ــ الأخبار
يبدو أنّ الموعد الجديد للانتخابات العراقية، سيكون 27 شباط المقبل. تاريخ أجمعت عليه مصادر مجلس الرئاسة (الجهة المسؤولة عن تحديد تاريخ إجراء الانتخابات) ورئاسة مجلس النواب، بعدما نجت البلاد من «قطوع» القانون، الذي مُرّر «بالقوة» قبل عشر دقائق من انتهاء المهلة القانونية لنقض نائب الرئيس طارق الهاشمي.
وقال المتحدث باسم الرئاسة علي المشهداني إنّ الهاشمي طلب من الرئيس جلال الطالباني ونائبه عادل عبد المهدي إصدار مرسوم جمهوري لتحديد موعد الانتخابات المتوقعة قبل نهاية شهر شباط.
وللقانون الشهير قصة طويلة انتهت أمس، لكن يُخشى أن تكون نهايتها هذه مؤقّتة بما أنّ عوامل الانفجار بين العرب والأكراد لا تزال موجودة، وإن جرى القفز فوقها بفعل اليد الأميركية، التي تجلّت بضغوط من كل الأنواع: اتصال سحري من الرئيس باراك أوباما لرئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، وحضور مباشر لممثّلي السفارة الأميركية داخل قاعة البرلمان.
وبعد الاتفاق على بنود الملحق القانوني، كان لا بدّ من التصويت. وهنا بدأ فصل آخر مما يسمّيه البعض «مسرحية» جلسة الأحد الشهيرة. النصاب غير مكتمل، ويجب «إحضار» 5 نواب ليصبح التصويت ممكناً. ساعة من الزمن وأحضر النواب الخمسة. وعندما حانت ساعة رفع الأيدي، ضرب رئيس البرلمان أياد السامرائي يده، وأعلن إقرار القانون «بشبه الإجماع». مصطلح قد لا يكون موجوداً قانونياً إلا في برلمان العراق المحتل.
على كلّ حال، لم يعد مجدياً الحديث عن عدد المرات التي نُقض فيها القانون من جانب الرئيس جلال الطالباني ومن نائبه، فقد تركزت انتقادات المراقبين على الطريقة التي جرى فيها التعاطي الأميركي مع حكّام بغداد في ما يتعلق بالقانون؛ فقد نقلت وكالة «نينا» للأنباء عن محلل سياسي تابع «ماراثون» اللحظات الأخيرة قوله: «على حافة الهاوية، ترك سياسيو العراق قانون الانتخابات يسير، وقبل أن يهوي إلى المجهول، التقطه أوباما بسحره الذي حط على برلمان العراق هذه المرة».
وكان هذا المراقب يشير إلى ما اعترف به المتحدث باسم التحالف الكردستاني، فرياد راوندوزي، عن تلقي كتلته ضمانات من الرئيس الأميركي قبل الموافقة على صيغة توفيقية بشأن قانون الانتخابات. وقال إن أوباما «اتصل هاتفياً بالبرزاني وأبلغه بهذه الضمانات، وسيصدر البيت الأبيض بياناً يعلن فيه الضمانات للأكراد».
وحتى مساء أمس، لم يصدر عن البيت الأبيض سوى إشادة بتبنّي البرلمان قانون الانتخابات، على اعتبار أنه «لحظة حاسمة للديموقراطية العراقية»، على حد تعبير المتحدث باسم الرئاسة الأميركية روبرت غيبس، الذي اعترف بأن رئيسه ونائبه جو بايدن تباحثا مع البرزاني.
وسيكون للأكراد، بموجب التعديلات التي طرأت على قانون الانتخابات، 41 نائباً (بدل 38 حالياً) لمحافظاتهم الثلاث، يُضاف إليها مقعدان من المقاعد التعويضية (للمهجرين)، فيما يكون مجموع حصص المحافظات من المقاعد 310 مقاعد من المجموع الكلي لعدد مقاعد المجلس البالغ عددها 325 مقعداً، من ضمنها 15 مقعداً لـ «عراقيي الخارج».
ولم تُرضِ التسوية هذه، أطرافاً عربية سنية رئيسية رغم مباركتها من جانب الهاشمي. فقد أعلن النائب العربي البارز أسامة النجيفي رفضه إضافة 3 مقاعد إلى إقليم كردستان، معتبراً أن الإجراء «غير صحيح، وجاء نتيجة ضغوط وابتزاز سياسي مورس على مجلس النواب، وليس بوجه حق». كلام اعترف بصحته كل من السامرائي والهاشمي ونواب أكراد.
وفسّر محللون سياسيون إصرار التحالف الكردستاني على تعديل مقاعد الإقليم، بتخوّفه من أن تقلّ نسبة تمثيله في البرلمان المقبل، عن البرلمان الحالي، في ضوء بروز محافظة نينوى التي كانت معظم مقاعدها للتحالف الكردستاني، ويُعتقد أن هذه النسبة ستتدنّى في الانتخابات المقبلة في ضوء دخول عرب نينوى في العملية السياسية، بعد مقاطعتهم الانتخابات الماضية.
كذلك فإنّ هناك تخوفاً من مقاعد التحالف الكردستاني في كركوك أيضاً، إذ إنّ القانون الجديد للانتخابات حدّد مدة سنة لنواب كركوك في البرلمان المقبل، تقوم خلالها لجنة بتدقيق سجلات الناخبين لفرز سكانها الأصليين من الوافدين. وفي حال وجود زيادة بأكثر من 15 في المئة في عدد الناخبين من غير سكانها، فستعاد الانتخابات في المحافظة، وهو ما يفتح الباب أمام كل الاحتمالات.
وهناك سبب آخر قد يؤثر في حسابات التحالف الكردستاني، وهو دخول قائمة «التغيير» برئاسة نوشيروان مصطفى الانتخابات بقائمة مستقلة، ما يثير مخاوف من تشتت أصوات الأكراد داخل مجلس النواب المقبل، إذ إن هذه القائمة حصلت في انتخابات برلمان الإقليم الماضية على عدد لا يُستهان به من الأصوات، وخاصةً في السليمانية، المعقل التقليدي للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الطالباني.
أما على الجانب الآخر، فإن الصيغة التوافقية الجديدة ساوت بين عراقيي الخارج والداخل ـــــ كما اصطلح على تسميتهم ـــــ وأصبح باستطاعتهم التصويت للمرشحين، كلّ في محافظته، وهو ما يُعدّ إنجازاً في نظر معظم المعترضين على قانون الانتخابات.
أما شعبياً، فقد توقعت أوساط إعلامية ارتفاع رصيد الهاشمي في أوساط العرب السنّة، على حساب الحزب الإسلامي وجبهة التوافق ومجالس الصحوات. كما ارتفع رصيده في الأوساط الليبرالية والعلمانية، لأنه «استطاع مجابهة التحالف الكردي ـــــ الشيعي، وحقق إنصافاً حتى لبعض المحافظات الشيعية»، وهو ما ظهر في تظاهرة التأييد له، التي جابت محافظة ذي قار.