الرواتب سترتفع 6.3% في الخليج... النسب الأكبر في عمان والسعوديّة عصفت بسوق العمل في منطقة الخليج العربي موجة صرف لم تشهد مثلها خلال العقد الأخير، بسبب الأزمة الماليّة. وبلغ معدّل إلغاء الوظائف 10%، أي إنّ موظّفاً واحداً من بين عشرة موظّفين فقَد وظيفته وفقاً للدراسة الأحدث لمؤسّسة «مواهب الخليج» (Gulf Talent)، «أنماط التوظيف والرواتب في الخليج 2009 ـــــ 2010».
وكانت الإمارات العربيّة المتّحدة الخاسر الأكبر في المنطقة التي تضمّ أكبر اقتصادين عربيّين، فقد بلغ معدّل الصرف فيها 16%. وكانت الشركات في قطاعات معيّنة، على رأسها القطاع العقاري، في هذا البلد، قد وقعت في فخّ الإقراض المفرط، لدرجة أنّ قيمة المشاريع العقاريّة التي توقّفت جرّاء الأزمة بلغت في نهاية الفصل الأوّل من العام الجاري، حوالى 360 مليار دولار.
وحلّت البحرين والكويت بعد الإمارات، من حيث حجم الوظائف المفقودة. فقد بلغت النسبة 12% و10% على التوالي، فيما الأمور كانت أفضل نسبياً في قطر والسعوديّة وعمان، حيث بلغت النسب 9% و7% و6% على التوالي.
وبحسب الأرقام المقدّمة، كانت وظائف كبار الموظّفين التنفيذيّين الأكثر تأثّراً، حيث بلغت نسبة الإلغاء 13%، فيما معدّل إلغاء وظائف الموظّفين الغربيّين بلغ 11%.
واستطلعت الدراسة آراء 24 ألف موظّف متخصّص في البلدان الخليجيّة الستّة، إضافةً إلى مديري شركات، وفي أقسام الموارد البشريّة، وتطرّقت إلى أوضاع سوق العمل المتوقّعة في عام 2010، وقالت إنّ حوالى 15% من الشركات التي استَطلعت آراءها تنوي إجراء خفض إضافيّ في صفوف موظّفيها.
وتصل تلك النسبة إلى 20% في الإمارات، التي لا تزال تعاني تداعيات الأزمة، واتضح أخيراً مستوى المعاناة التي تعيشها دبي مثلاً، مع تعثّرها في معالجة ديون شركتها «دبي العالميّة».
وفي المقابل أعرب 51% من الشركات عن نيّتها زيادة التوظيف.
ولكن رغم هذا التوجّه الذي ينحو صوب الإيجابيّة نسبياً، تحذّر الدراسة من أنّ معدّلات التوظيف التي شهدتها «أيّام الطفرة» لن تُسجّل قبل وقت طويل. وتقول إنّ إحداثيّات سوق العمل في تلك الفترة تبدو «ذكرى بعيدة».
ومن شأن هذه المعطيات أن تؤثّر في العمالة اللبنانيّة واتجّاهاتها. فلبنان يعوّل على منطقة الخليج من ناحية التوظيف وتوفير التحويلات، التي بلغت حتّى الآن في عام 2009، 7 مليارات دولار، وهي تمثّل أكثر من 20% من الناتج المحلّي الإجمالي.
ووفقاً لبعض التقديرات يبلغ عدد المغتربين في بلدان مجلس التعاون الخليجي (السعوديّة، الإمارات، البحرين، قطر، الكويت، عمان) أكثر من 300 ألف نسمة. وبحسب بعض المراقبين يبلغ عدد اللبنانيّين في الإمارات وحدها 80 ألف نسمة، بينهم 30 ألف نسمة في دبي وحدها.
ولهذه الأسباب فإنّ أي تغيّرات تطرأ على بيئة الأعمال والتوظيف في الخليج تنعكس على لبنان، إن من ناحية التحويلات، وبالتالي النشاط الاقتصادي الداخلي، أو من ناحية معدّلات البطالة والمؤشّرات الاجتماعيّة.
وبالعودة إلى الدراسة التي تصدر للسنة الخامسة، تلفت مسألة الرواتب وارتفاعها. فخلال الأشهر الـ12 الممتدّة حتّى نهاية آب الماضي، تراجع معدّل زيادة الرواتب في المنطقة إلى 6.2% مقارنة بـ11.4% في الفترة نفسها من العام الماضي.
وشهدت الإمارات التراجع الأكبر، من 13.6% إلى 5.5%، تلتها الكويت التي لم تشهد رواتب موظّفيها سوى ارتفاع بنسبة 4.8% مقارنة بـ10.1%.
وفي ما يتعلّق بالتقسيم القطاعي، كان المدقّقون الحسابيّون المحترفون الأكثر استفادة من زيادات الرواتب، حيث بلغ معدّلها 7.5% على صعيد المنطقة، وفقاً للدراسة نفسها.
وعلى صعيد التوقّعات لعام 2010، تقول «Gulf Talent» إنّ الرواتب سترتفع بمعدّل 6.3% في منطقة الخليج بمجملها. وأكبر الرابحين سيكونون الموظّفين في سلطنة عمان، حيث تتوقّع الدراسة ارتفاع الرواتب هناك بنسبة 9.7%، تليها السعوديّة بـ7% فقطر بـ6.6%. أمّا في البحرين والإمارات والكويت، فالنسبة ستبلغ 6.4% و5.8% و4.2% على التوالي.
وبالانتقال إلى كلفة العيش، تلفت الدراسة إلى أنّها تراجعت نسبياً في معظم البلدان الخليجيّة. فموجة الارتفاع الخياليّة في أسعار المساكن، التي رُصدت منذ بداية العقد الجاري، انتهت، حيث انخفضت الأسعار في دبي والدوحة مثلاً بنسبة 30% و50% على التوالي.
أمّا على صعيد «انتقاء مكان الاستقرار» لدى الأجانب، فيبرز أنّ 74% من العمّال الأجانب في الإمارات يفضّلون البقاء فيها، فيما تتراجع هذه النسبة إلى 57% و55% و51% في الكويت والبحرين والسعوديّة على التوالي. أمّا في عمان وقطر، فتنخفض النسبة إلى أقلّ من المعدّل، وتبلغ 49% و37%.
(الأخبار)