انتشار الكمّامات... ونفاد الأدوية والأعشابغزّة ــ قيس صفدي
تملّك الخوف أوساطاً واسعة من سكان قطاع غزة بعد إعلان أولى الإصابات بأنفلونزا «إيه أتش 1 أن 1»، المعروف باسم «أنفلونزا الخنازير»، ما انعكس على سلوكهم اليومي، مع التزام الكثيرين لمنازلهم، ومنع أولادهم من الذهاب إلى المدارس ورياض الأطفال، فيما لم يكترث آخرون بحديث الخوف من المرض ومارسوا حياتهم كالمعتاد.
وأعلنت وزارة الصحة في حكومة «حماس» وفاة أربع حالات، هم امرأتان وطفل وطبيب بالمرض، فيما أكدت أنه يطرأ تحسن ملموس على صحة باقي حاملي الفيروس. وقال وكيل وزارة الصحة في غزة، حسن خلف، إن الطبيب محمد الحداد (55 عاماً) من مدينة غزة توفي إثر إصابته بمرض أنفلونزا الخنازير، بعدما نُقل إلى مستشفى إسرائيلي لتلقي العلاج. وأوضح أن الحداد، وهو رئيس قسم الأوعية الدموية في مستشفى الشفاء، كان يعاني مرضاً تنفسياً منذ عامين نتيجة التدخين ورقد في الفترة الأخيرة في العناية المركزة وحُوِّل إلى المشافي الإسرائيلية إثر إصابته بمرض أنفلونزا الخنازير وتوفي هناك. وأشار إلى «إصابة 15 فلسطينياً بالمرض، لا يزالون يتلقون العلاج».
وظل قطاع غزة في مأمن من المرض لأشهر بعد اكتشافه في أكثر من 130 دولة، جراء الحصار المضروب عليه وإغلاق المعابر وصعوبة التنقل منه وإليه. وحاول خلف طمأنة سكان غزة بأن الإصابة بالمرض لم تصل إلى درجة الوباء، وأن وزارة الصحة تمتلك الاستعدادات الجيدة وتعمل وفق خطة متكاملة.
لكن حديث خلف المطمئن لم يصل إلى كثير من سكان غزة، الذين انعكس اكتشاف المرض على حياتهم اليومية، وهرعوا لاتخاذ التدابير الوقائية، وصلت لدى بعضهم إلى حد «الهوس». وقال مواطنون إنهم فضلوا الاعتكاف في المنازل وعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس والحضانات ورياض الأطفال خشية من العدوى.
وطلب أبو أحمد إجازة لأيام من عمله، ومنع أولاده الأربعة من الذهاب إلى المدرسة، إلى حين اتضاح صورة المرض ومدى استعداد الجهات المختصة وجهوزيتها لمواجهته. وقال إن «الوضع في غزة خطير للغاية بفعل الحصار. لا بد من إطلاع الناس على مدى قدرتنا على مواجهة هذا المرض القاتل». وأضاف أن «الناس في غزة يتملكهم الخوف من المرض لما سمعوه عنه، لكن الكثيرين منهم يفتقرون إلى المعلومات الصحيحة وطرق الوقاية، ما يستوجب حملات توعية في المدارس والمساجد والمؤسسات للتعريف بالمرض وكيفية مواجهته».
ولا يخفي حسن الواوي، وهو سائق أجرة، خوفه الشديد من المرض، لكنه قال: «لقمة العيش مرة، ولولا ذلك لما خرجت للعمل». ووضع حسن كمامة طبية، كعشرات السائقين من أمثاله، خشية العدوى، لافتاً إلى أن المرض وطبيعته وطرق الوقاية منه تسيطر على أحاديث الناس في السيارات وفي كل مكان. وأوضح أن «اكتشاف المرض وحالات الوفاة أديا إلى تراجع حديث الناس في غزة في السياسة والحصار والانقسام والمصالحة الوطنية».
ولم يترك يوسف حمودة سماعة الهاتف لساعات. أجرى اتصالات كثيرة مع أقاربه وأصدقائه للحديث عن المرض وأفضل الطرق للوقاية منه. وقال إن الكثيرين من أقاربه وأصدقائه فضلوا المكوث في المنازل لأيام إلى حين اتضاح مدى خطورة انتشار المرض.
لكن محمود حسان لا يرى أن الأمر على هذه الدرجة من الخطورة، ويدعو إلى عدم الخوف وتضخيم الأمر، معبّراً عن عدم خشيته من انتشار المرض وتحوله إلى وباء في غزة. وسعى حسان إلى إظهار ما يمتلك من معلومات عن المرض، قائلاً إن «مرض أنفلونزا الخنازير لا يمثّل خطورة إلا على أصحاب المناعة الضعيفة، والحرص على النظافة واتباع الإرشادات الصحية خير وقاية من المرض». وأضاف أنه استمع إلى الإرشادات الصحية عبر الإذاعات المحلية واشترى كمية من عشبة اليانسون لغليها وشربها صباحاً مع أفراد أسرته، فضلاً عن شراء المعقمات لغرض النظافة والتطهير.
ورغم الطمأنينة التي أبداها حسان، إلا أنه يرى أن من الأهمية منح الطلاب إجازة لمدة أسبوع لغرض التلقيح نظراً للاحتكاك الكبير في المدارس.
واستحضر جهاد بكرون تجربة غزة مع مرض أنفلونزا الطيور، وكيفية الحصانة منه ومنع انتشاره، مبدياً تفاؤلاً كبيراً باختفاء أنفلونزا الخنازير سريعاً قبل انتشارها في غزة.
وقال أصحاب صيدليات في غزة إن كثيراً من المواطنين توافدوا للتزود بالأدوية والعقاقير الطبية ومواد التنظيف والتعقيم والكمامات، يتملكهم الخوف بعد اكتشاف المرض. وأشار زهير إلى أنه جال لساعات على معظم الصيدليات في مدينة غزة بحثاً عن مواد تعقيم وأدوية وقاية من الأنفلونزا، غير أنه فوجئ بنفاد جميع هذه المواد من الصيدليات جراء الإقبال الشديد عليها، مشيراً إلى نفاد عشبة اليانسون، التي يعتقد أنها تُسهم في الوقاية، أيضاً من المحالّ التجارية.
وتداعى القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية إلى اجتماع طارئ لبحث تداعيات اكتشاف حالات إصابة بأنفلونزا الخنازير في غزة. وأكد ممثلو القطاع الصحي ضرورة تكاتف الجهود وتعزيز التنسيق بين مختلف مقدمي الخدمات في غزة لمواجهة المرض.
وشدد أعضاء القطاع الصحي على ضرورة العمل لتوفير اللقاحات اللازمة وتنظيم حملة توعية واسعة على جميع المستويات وقطاعات المجتمع وعبر وسائل الإعلام المختلفة.
وأبدت المنظمات الأهلية الأعضاء في القطاع الصحي استعدادها الكامل لوضع جميع إمكاناتها وطاقاتها للمساهمة في مواجهة هذه المشكلة العارضة، داعية وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والصدقية في نشر الأخبار المتعلقة بمرض أنفلونزا الخنازير والإسهام في نشر الوعي للحدّ من انتشاره.


عنصر جديد للسجالوقال المدير العام للعلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة في رام الله، عمر النصر، إن حركة «حماس» تواصل منع مرضى غزة من الوصول إلى مستشفيات القدس وأراضي 1948، لافتاً إلى إعادة 87 مريضاً ومرافقاً ومنعهم من الوصول إلى معبر بيت حانون «إيرز».
ونفت حكومة «حماس» نفياً قاطعاً أن تكون قد منعت أي مواطن مريض من السفر للخارج لتلقي العلاج. وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، حسن أبو حشيش، «إن الحكومة ترفض بشدة الأخبار الكاذبة التي نشرتها بعض وسائل الإعلام والتي تعاطت معها بعض المراكز الحقوقية من دون تحقق».