وضعت إسرائيل عصا جديدة في دواليب التسوية بربطها أي انسحاب من الجولان والقدس الشرقية بنتائج استفتاء شعبي
مهدي السيد
صدّق الكنيست الإسرائيلي، أمس، على الاستمرار بالإجراء التشريعي الخاص بإقرار مشروع قانون يلزم الحكومة بإجراء استفتاء شعبي قبل أي انسحاب إسرائيلي من أراضٍ تخضع «للسيادة الإسرائيلية»، في أعقاب اتفاقات سلام مستقبلية، في إشارة واضحة إلى هضبة الجولان المحتل والقدس الشرقية المحتلة.
وصدّق الكنيست على مشروع القانون بأغلبية 68 صوتاً، ومعارضة 22 عضو كنيست، حيث سيُحال إلى لجنة القانون والدستور لدراسته تمهيداً لعرضه على التصويت أمام الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة.
وينص مشروع القانون على أن أي معاهدة تقضي بتنفيذ مثل هذا الانسحاب يجب أن تحظى مسبقاً بالغالبية المطلقة في الكنيست، أي 61 نائباً من أصل 120. وإذا حظيت بموافقة الكنيست، فستخضع المعاهدة لاستفتاء بعد مئة وثمانين يوماً، إلا إذا صدّق عليها الكنيست بغالبية 80 صوتاً.
وفُتحت الطريق أمام عرض مشروع القانون على الكنيست، بعدما رفضت اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين خلال اجتماعها أول من أمس، بغالبية خمسة أعضاء ضد اثنين، الاستئناف الذي قدمه الوزير المكلف الإشراف على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية دان مريدور، والذي شدد فيه على أن سن قانون الاستفتاء الشعبي سيمس باحتمالات التوصل إلى سلام.
وصوّت لمصلحة مشروع القانون، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وباقي وزراء حكومته الذين شاركوا في الجلسة، إضافة إلى أعضاء كتلة «الليكود». وفيما كان متوقعاً سلفاً أن يصوّت أعضاء الكتل المشاركة في الائتلاف الحكومي على مشروع القانون، من أحزاب إسرائيل بيتنا وشاس والبيت اليهودي، اعتُبر موقف رئيس حزب «العمل» إيهود باراك، مفاجأة التصويت، بعدما سبق له أن أعلن معارضته لهذا القانون. خطوة أثارت انتقادات كثيرة له ولحزبه، وسببت الكثير من الإحراج لأعضاء الكنيست وللوزراء من حزب «العمل»، الذين تغيبوا عن جلسة التصويت، باستثناء وزير التجارة والصناعة، بنيامين بن اليعزر.
وفي محاولة لتبرير موقف باراك، نقل موقع «يديعوت أحرونوت» عن مقربين منه قولهم إن «وزير الدفاع صوّت لمصلحة (مشروع القانون) بحسب موقف الحكومة ورئيسها. فثمة مسؤولية لباراك كعضو حكومة في التصويت لمصلحة مواقف الحكومة، ومع ذلك، هو يعارض الاستفتاء الشعبي».
وصوّتت زعيمة المعارضة، رئيسة حزب «كديما»، تسيبي ليفني، ضد مشروع القانون. وبررت ذلك بأنها تعارض مبدئياً إجراء الاستفتاء على قاعدة أن الحكومة تنتخب لكي تتخذ القرارات، لا لكي تعيد عملية اتخاذ القرار إلى الشعب. في المقابل، مُنح أعضاء الكنيست من «كديما» حرية التصويت، فتوزعت أصواتهم بين مؤيد ومعارض.
واستبق نتنياهو جلسة التصويت على مشروع القانون، بالإعراب عن تأييده لسن قانون الاستفتاء الشعبي على انسحاب إسرائيل من القدس الشرقية وهضبة الجولان في حال التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين وسوريا. ونقلت «يديعوت» عن نتنياهو قوله، في اجتماعات مغلقة، إنه «في أي حالة أنجح فيها بالتوصل إلى اتفاق سلام تاريخي فلن أفعل ذلك استناداً إلى الأغلبية المتمثلة بالتحالف الحكومي، بل إلى دعم جوهري من غالبية الشعب، أي من خلال استفتاء شعبي أو انتخابات عامة ولن أكتفي بغالبية التحالف في الكنيست».
بدوره، قلل وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان من تأثير مشروع القانون على إمكان الشروع في مفاوضات مع سوريا. وقال، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إنه «لا علاقة بين قانون هضبة الجولان واحتمال حدوث تقدم ما في الاتصالات مع سوريا»، معتبراً أن قرار استئناف المفاوضات مع دمشق ليس بأيدي تل أبيب، بل هو «مرتبط بالمصالح الداخلية» للرئيس السوري بشار الأسد.