رفض رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بشدة ما يقال عنه بأنه يشجع العنف في شرقي القدس والضفة المحتلة. وأوضح خلال لقاء أجرته معه صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في مقره في المقاطعة، أمس، أنه يعمل من أجل تهدئة الأوضاع، وقال إن هذه هي التوجيهات التي طرحها أمام قادة أجهزة الأمن، والنداء الذي وجهه إلى الجمهور.
وأضاف عباس: «أؤيد النضال الشعبي غير العنيف، وضد أي عنف واستخدام للسلاح، وقد أوضحت ذلك مرات عدة. نحن لا نريد العودة إلى دائرة العنف». مع ذلك، فإنه أكد أن «الفلسطينيين لم يكونوا سبب التصعيد الحالي»، بل نجم ذلك عن «استفزازات اليهود في الحرم القدسي». وقال: «لم نسع إلى العنف ولم نعمل على التصعيد، لكن العدوان على المسجد الأقصى والمصلين قاد إلى ذلك. نحاول العمل طوال الوقت كي لا تشتد الأوضاع».
عباس شرح أن على إسرائيل اتخاذ إجراءات مشابهة «إذا كانت ترغب في تحسن الأوضاع». وسأل: «كيف تتوقع من الشارع الفلسطيني أن يرد بعد قتل الفتى محمد أبو خضير وإحراق عائلة دوابشة، والاعتداءات من جانب المستوطنين والاعتداء على الأملاك أمام أعين الجنود؟». وتابع: «الفلسطينيون يردون بالحجارة وإسرائيل تردّ بإطلاق النار الحيّ بناءً على قرارات حكومية، وهذا خطير جداً».
كذلك فإنه هاجم بشدة الأوامر الإسرائيلية بتسريع هدم منازل منفذي العمليات، وشكك في استعداد إسرائيل لتهدئة الأوضاع وتحقيق تقدم سياسي، معتبراً أن هدم البيوت وإدخال قوات أكبر إلى القدس «سيزيد الكراهية فقط. لو لم يحدث الاحتكاك لما حدث العنف. من ينوِ التوجه نحو الاتفاق يعمل لمنع الاحتكاك والتهدئة... إلا إذا كانت لديه مخططات أخرى».
ولم يعرب «أبو مازن» عن تخوفه من الدعوة إلى شن حملة عسكرية جديدة أو السماح للجيش الإسرائيلي بالعمل دون قيود. وقال: «إذا أصرت إسرائيل على مواصلة الاحتلال، أقول لهم أهلاً وسهلاً. إنهم لا يحتاجون إلى قوة عسكرية، فليحضروا لتسلّم المفاتيح».
ويعترف عباس بوجود تساؤلات بشأن تهديده بتوقف السلطة عن «احترام الاتفاقات مع إسرائيل»، لكنه ليس مستعداً لتفصيل كيف سيفعل ذلك. يضيف: «نحن ملتزمون الاتفاقات، لكن حكومة إسرائيل تخرقها طوال الوقت. حولت رسائل بواسطة سيلفان شالوم ومئير شطريت والأميركيين، ولم أتلق حتى الآن أي رد. إذا تواصل الأمر فسنتصرف كما نراه مناسباً. والوضع الراهن دون اتفاق ومع استمرار البناء في المستوطنات، لا يمكن استمراره إلى الأبد».
في سياق متصل، شكك في الدعوة التي وجهها إليه رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، من على منبر الأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات، وقال: «إنه يطلب مفاوضات دون شروط مسبقة، ولكنه من الفور يصرح بأن علي الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. منظمة التحرير اعترفت بإسرائيل في 1993، وتعريف إسرائيل هو مسألة داخلية تخص الحكومة الإسرائيلية والإسرائيليين».
ويضيف عباس أنه لا يزال على استعداد للتفاوض على «أساس المبادئ التي التزمتها إسرائيل: تجميد البناء في المستوطنات خلال المفاوضات وإطلاق سراح المجموعة الرابعة من الأسرى القدامى»، موضحاً أن «هذه ليست شروطاً مسبقة، بل التزامات إسرائيلية قائمة. مسألة الأسرى اتفق عليها في هذا المكتب. (وزير الخارجية الأميركي جون) كيري تحدث مع نتنياهو واتفقنا، بناءً على طلبه، بإنجاز الموضوع على أربع مراحل، رغم أننا دفعنا ثمن ذلك».

«ليس لدي من أشكو أمامه. لقد شكوت إلى الله»


ويرى الرجل أن زيارته للأمم المتحدة وخطابه ثم رفع العلم الفلسطيني ناجحة، لكنه لا يخفي خيبة أمله من عدم تطرق الرئيس باراك أوباما إلى الموضوع الفلسطيني في خطابه. يقول: «أنا آسف لذلك، لكن المهم هو أن غالبية العالم تدعمنا وتدعم الخطوات الفلسطينية. سنواصل نضالنا الدبلوماسي والسياسي لتحصيل حقوقنا. سنواصل العمل في هذا الموضوع على أمل أن يردع الحكومة الإسرائيلية ويجعلها تستنتج أننا نؤيد الاتفاق والسلام. لن أعمل بطريقة أخرى، وليس لدي من أشكو أمامه. لقد شكوت إلى الله».
ووفق عباس، لا تطرح حالياً أي مبادرة سلام جديدة على الطاولة، برغم أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة. وقال: «الفلسطينيون يواصلون اتصالاتهم من أجل طرح مشروع قرار جديد في مجلس الأمن الدولي، يعترف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، وليس من المستبعد طرح هذا الاقتراح قبل نهاية السنة».
وفي رده على سؤال عن تلقيه وعداً من الأميركيين بتجنب فرض الفيتو على الاقتراح، أجاب بالنفي، لكنه أوضح أنه تم طرح الموضوع مجدداً معهم. ويؤكد أنه إذا كان هناك استعداد حقيقي للتوصل إلى اتفاق، فإن «الأطراف لا تحتاج إلى التدخل الأميركي المباشر... لقد وقعنا اتفاق أوسلو مع الإسرائيليين مباشرة، لذلك إذا وجدنا الاستعداد الصادق، فسنتمكن من الحوار مباشرة».
وبشأن مستقبله السياسي والشائعات حول نيته الاستقالة، رد «أبو مازن» وهو يرسم ابتسامة عريضة: «لقد اجتزت عدة رؤساء حكومة إسرائيليين منذ أيام شمير. إنّ من يذهب يأتي من يستبدله ويواصل. نعمل على عقد المجلس الوطني الفلسطيني وهو الجسم المركزي الذي يمثل الفلسطينيين. من حقي القول لهم إنني سأستقيل ومن حقهم مطالبتي بعدم الاستقالة. هذا مبدأ أساسي في الديموقراطية ونعمل وفق هذا المبدأ».
(الأخبار)