Strong>التمدّد الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس المحتلة لم يعد مجرّد تمدّد هندسيّ، بل بات يترجَم تفاقماً للاعتداءات، بإسهام الشرطة، و«مع تحيّات المستوطنين»في خطوةٍ استفزازية جديدة، أضرم مستوطنون إسرائيليون النار فجر أمس بمسجد حسن خضر، في قرية ياسوف شرقيّ مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، ما أدى إلى احتراق أجزاء كبيرة منه واندلاع مواجهات بين شبان القرية وقوات الاحتلال، في وقت شهدت فيه القدس أيضاً مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين، وأدت إلى جرح 16 فلسطينيّاً.
وأوضح رئيس مجلس قرية ياسوف، عبد الرحيم مصلح، أن عدداً من المستوطنين أشعلوا النار في الطابق الثاني من المسجد، بعدما حطموا الباب الرئيسي وسكبوا مادة البنزين داخله. وأضاف أن النار التهمت مكتبة المسجد الخاصة بالمصاحف، وأجزاءً من السجاد. وأكد أن المستوطنين كتبوا شعاراً باللغة العبرية على أرض المسجد تقول: «الانتقام لنار ايفي» وأخرى تقول: «سنحرقكم كلكم»، و«استعدوا لدفع الثمن»، و«مع تحيّات المستوطنين».
على الأثر، فتحت الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية تحقيقاً في الحادث وسط ترجيح مصادر فلسطينية أن يكون مستوطنون من مستوطنة «تفوح» المحاذية للقرية هم من أحرقوا المسجد. كذلك، سارع جيش الاحتلال الإسرائيلي لإعلان رفع حالة التأهب في الضفة الغربية، خشية أن تشهد المدينة تظاهرات احتجاجية كبيرة عقب صلاة الجمعة.
وبالفعل، اندلعت مواجهات بين الأهالي الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين، الذين أطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع على المصلين، ما أدى إلى إصابة 6 منهم بالإغماء. وفي محاولة لاحتواء غضب الفلسطينيين، أعرب رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، يوآف مردخاي، عن استنكاره لما فعله المستوطنون. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أنه ينظر بمنتهى الخطورة إلى حادث إضرام النار في المسجد. ورأى أن «من يقف وراء الحادث كان يخطط لعرقلة أي محاولة من جانب الحكومة لتحقيق تقدم في المنطقة من أجل مستقبل الدولة»، ملمّحاً بذلك لوجود صلة بين الهجوم وقرار الحكومة الإسرائيلية التجميد المؤقت للنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية.
في الجانب الفلسطيني، رأى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في الاعتداء «انتهاكاً لحرية العبادة والمعتقد ولحرمة المقدسات»، فيما وصف رئيس رابطة علماء فلسطين، النائب عن حركة «حماس» حامد البيتاوي، الحادثة بالـ«جريمة الأخيرة وليست الآخرة في سلسلة جرائم الاحتلال بحق الأرض والمقدسات الإسلامية».
أما النائب مصطفى البرغوثي، فأكد في كلمة ألقاها عقب أدائه صلاة الجمعة في مسجد ياسوف، أن الحكومة الإسرائيلية هي حكومة مستوطنين واستيطان وتجسد مدى التطرف والعنصرية.
وفي القدس المحتلة، أُصيب 16 فلسطينياً ومتضامناً أجنبياً بجروح ورضوض واعتُقل عشرة آخرون على الأقل بعدما تدخلت الشرطة الإسرائيلية لتفريق تظاهرة تضامنية مع أهالي حي الشيخ جراح.
وقال مصدر فلسطيني إن المئات من الأهالي والمتضامنين كانوا يشاركون في مسيرة توجهت إلى حيّ الشيخ جراح في القدس تضامناً مع أهاليها الفلسطينيين في وجه المستوطنين الذين يتعرضون لهم بالاعتداء ويستولون على منازل عدد منهم، عندما تدخلت الشرطة الإسرائيلية وبدأت بتفريقهم مستخدمة العصي والقنابل المسيلة للدموع حيث اندلعت مواجهات. وذكر أن الشرطة اعتقلت 10 فلسطينيين على الأقل، وأن هناك حالة توتر شديد في المكان، فيما تنتشر الشرطة الإسرائيلية في الحيّ بكثافة.
في غضون ذلك، كشف الوزير الإسرائيلي، بيني بيغن، أن تعداد السكان في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية قد ينمو نحو عشرة آلاف شخص خلال العام المقبل، متحدثاً عن عدم وجود «تجميد كامل» لبناء المستوطنات.
ونقلت تقارير لإذاعة إسرائيل وصحيفة «يديعوت أحرونوت» عن الوزير قوله «إن البناء بدأ بالفعل لثلاثة آلاف منزل، وسيكتمل بغض النظر عن التجميد، وقال إن عشرة آلاف مستوطن آخرين سينتقلون إليها».
ووصف بيغن الوضع القائم بقوله: «هذا ليس تجميداً ولا تعليقاً... سيستمر البناء في يهودا والسامرة خلال الأشهر العشرة المقبلة». وأضاف: «نحن نقول إننا لا ننوي التعليق أو التقييد لإصدار تراخيص بناء جديدة».
ورفض المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية مارك ريجيف التعليق على تصريحات بيغين قائلاً إن «التجميد المعلن للبناء لا يزال قائماً».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)